خاص الكوثر - لقاء خاص
وقد بين اللقيس ان الثورة الإسلامية الإيرانية ربما هي الحالة الوحيدة في دولنا العالم العربي والإسلامي بل والعالمي التي استطاعت بمواجهة أعداء البشرية فهي لم تتنازل عن ثوابتها ولا تنازلت عن تغيير هويتها مهما كانت تحت الضغوط وهذا يعبر عن جدارة كبيرة في القيادة وفي الشعب رغم كل المصاعب التي واجهوها.
وفي معرض رده على سؤال حول العوامل التي أدت إلى تجاوز الأفكار السياسية للإمام الخميني (رض) حدود إيران لتصبح مؤثرة في المنطقة، قال الدكتور "بلال اللقيس": الأفكار السياسية للإمام الخميني هي ثابتة وقد تجاوزت إيران لأنها أفكار ذات معاني عميقة. البشر لا يمكنهم أن يعيشوا فقط على أساس غرائزهم كما الحيوانات، بل جزء كبير من حياتهم مرتبط بالمعنى. أحيانًا، إذا لم يكن لديهم معنى، فإنهم هم من يخلقون هذا المعنى والرمزية. فكرة المعنى، والرمزية، والخيال، والتخيل، والروح، لا تقتصر فقط على المفهوم الروحاني القرآني. هذا العامل هو الذي يجعل المجتمع يتجمع ويشكل شيئًا للإنسان. هذه المعاني غير المادية تظل الأساس في الحياة الإنسانية، حتى لأولئك الذين لا يعترفون بها، لكنها تبقى أساسية.
واستكمل الباحث اللبناني بالقول: لذلك يقولون اليوم أن ثورة الامام الخميني الذي حصل قد قامت بتغذية المعنى وعندما يتم تغذية المعنى تلقائيا قد وصل لكل إنسان بغض النظر من قام بتأيده أو من قام برفضه فأصبحت هي قضية شاملة للبشرية وعنوان شامل للبشرية وهذا شىء مهم وأساسي لانه عندما يتغير المعنى يسهل التعاطي مع المادة هذا عندما يكون المعنى موجود، لكن اذا كان العكس المادة موجودة ولكن المعنى غير موجود فاعتقادي ستكون الأمور أكثر تعقيدا.
اقرأ ايضاً
وأضاف الدكتور "اللقيس": فالثورة الإسلامية قامت بإحاكة المعاني وهي ليست أي محاكاة إنما أيضا حاكتها من منطلق الدين والذي بين أن الدين هو أكثر شىء عميق وأكثر شىء أصيل في البناء الإنساني وهو أكبر حاجات الإنسان فبالتالي لم يكن فقط من بعد الطعام والشراب فقط وانما كان من جميع الأبعاد.
الثورة الإسلامية ركيزة العدالة والتضامن العالمي
وعن دور الثورة الإسلامية الإيرانية في خلق التضامن بين مختلف الفئات الإسلامية وغيرالإسلامية في مواجهة التهديدات المشتركة قال المحلل السياسي اللبناني: أن الثورة الإسلامية تميزت بطرح نظري وعملي وسلوك يميز الثورة فالجانب النظري قدمت الثورة مسألة العدالة وربما تكون هي أكثر شىء كموضوع هو أكثر ما يحتاجه العالم والحاجة له تتزايد باستمرار.
واستكمل الدكتور"اللقيس": العدالة في فهم الثورة ورؤيتهم النظرية هي أبعد من فكرة العدالة التي يتحدث بها الغرب أو البعض الآخر يتحدث بها فهي أكثر شمولية وعمق وبعد ومثل ما هو متعارف تبدأ من الفرد وتصل للمجتمع ومن المجتمع إلى المجتمعات الأخرى فهي منظومة متكاملة ولها معايير وبالتالي هذا الكلام نظريا كان جديدا على كل الأبحاث حتى على الذين قدموا فكرة العدالة.
الامام الخميني تقدم نظرية سياسية ماخوذة من فهم ديني وتوحيدي
ومضى بالقول: مفهوم العدالة بالنسبة للثورة كان أعمق وأوضح وأشمل وأكثر واقعية. على المستوى النظري، كانت نقلة نوعية، وتميزت عن باقي التجارب الإسلامية، حيث قامت الفكرة السياسية على أساسها، كان هناك نظرية خاصة طرحها الإمام الخميني، الذي استطاع من خلالها عمل ربط خاص ومحدد، ليس مثل ربط الخلافة الإسلامية بتجارب سنية أو تجارب إسلامية أخرى، فقد قدم نظرية سياسية مأخوذة من فهم ديني وتوحيدي خاص، وهو طرح استثنائي وفريد من نوعه. وهذا شيء آخر قدموه من الناحية النظرية، وهناك الكثير من الأمور التي يمكن مناقشتها من هذه الزاوية.
وأردف اللقيس قائلا: ولكنني أردت اختيار هذه العناوين ، أما على المستوى المهم أنهم لم يقدموا فقط طرح نظري بل أيضا قدموا سلوك عملي وأعتقد أن أهم نقطة في السلوك العملي هو أنه لم يكن هناك ثانوية بين النظرية الدينية وبين الشرعية الشعبية استطاعت تقديم رؤية متماسكة وموحدة للعلاقة بين الشعب والفقه والدين وقامت بحل احجية ضخمة.
وتابع: إن كان ذلك من خلال الفعل الثوري خلال مرحلة السبعينات وخاصة عام 79 وما تلاها، أو لاحقًا عندما تأسست الدولة والثورة، فهي ربما الحالة الوحيدة في عالمنا العربي والإسلامي بل والعالمي التي استطاعت الثبات على خط واضح المعالم في مواجهة الطغيان العالمي وأعداء البشرية. ورغم كل الصعوبات والظروف، لم تتنازل عن ثوابتها ولا عن تغيير هويتها، مهما كانت الضغوط. وهذا يعبر عن جدارة كبيرة في القيادة والشعب، رغم كل المصاعب التي واجهوها. من الواضح أن هذا الشعب، بغالبيته، يتمتع بمستوى عالٍ من الوعي، ويشعر بانتمائه وفهمه العميق لهويته الإيمانية والأخلاقية والإنسانية والدينية والاجتماعية والثقافية.
الثورة الإسلامية سند حقيقي للكرامة الإنسانية
وأكد الدكتور "بلال اللقيس": إذا نظرنا الآن إلى من يقوم بالمقارعة في الغرب وأمريكا والعالم، ويتخذ موقفا يعزز العزة والأنفة والكرامة الإنسانية، نجد أن الحالة الوحيدة الواضحة هي حالة الثورة الإسلامية. في اعتقادي، هذا العنوان شكل نقطة التقاء، لأنهم هم المتضررون من الأمريكيين أو الذين كانوا بحاجة إلى صوت يعبر عنهم، لا أن يكون مجرد فقاعة، بل حقيقة فعلية وقوية ومتجذرة تشكل حضنًا وحاضنة وسندًا. وهذا كله تحقق من خلال تجربة الجمهورية الإسلامية.
وختاما أشار الباحث اللبناني: على مستوى لبنان والدول العربية، فقد شعروا ولمسوا بشكل كبير جدا أن الثورة الإسلامية والجمهورية الإسلامية كانت بجانبهم وتدعمهم في لحظات تهديد الوجود، وفي لحظات تحديد الهوية، وفي مواجهة الإجرام الأمريكي والعنصرية الصهيونية والأذى والقتل، لم يجدوا أحدا بجانبهم سوى الجمهورية الإسلامية، وهذا أيضا يعتبر جزء من السلوك العملي، وقد تحملت الجمهورية الإسلامية الكثير من المشاكل نتيجة لهذه التبعات.
اجرت الحوار: معصومة فروزان