طفلكم ونوبات الغضب وحب التكسير والتحطيم

الإثنين 26 ديسمبر 2016 - 10:03 بتوقيت مكة
طفلكم ونوبات الغضب وحب التكسير والتحطيم

كلما كان طفلك صغيراً وحديث العهد بالموجودات، اشتدّت لديه رغبة العبث فيها وفكّها، فترينه يتفحّص كل ما تقع عليه يداه، يُمسك بها ويتأمّله ويرميها أرضاً ليكتشف تأثير ذلك فيها. فإذا انكسرت وتحطّمت ترينه بادي السرور لأنّه اكتشف حالة جديدة.

في نوبات الغضب الشديدة التي يتعرّض لها طفلك، قد يقذف الكرة لتصطدم بالنافذة، قد يرمي بلعبته على الأرض بقوّة فيكسرها، قد يصفع الباب بقوّة. هناك مرحلة من مراحل الطفولة يميل فيها طفلك إلى تحطيم الأشياء والممتلكات، ويحدث هذا دون قصد منه. كذلك التخريب كالرسم والخربشة على الجدران، أو فك لعبة أو آلة لتنعدم فائدتها بعد ذلك.

فإذا لجأ طفلك إلى التشويه أو الكسر أو التمزيق أو القطع، فهذا السلوك يُفسِّره علماء النفس على أنه يعكس رغبته في التعرُّف إلى الأشياء والموجودات حوله، فيعبث بها، وحينما لا يُحسن طفلك تناول الأشياء وجذبها وفحصها فمن المتوقع إلحاق إتلاف بها، وحين يتلف الأشياء فإنه يفعل ذلك عن جهل بقيمة هذه الأشياء أو آثار تخريبه عليها، وحتى إن تعمّد طفلك مثلاً سكب بعض السوائل على الأرض فليس ذلك دليلاً على حبّه للأذى، كما تظن بعض الأُمّهات، بل إنّ افتقاد طفلك معرفة شكل السائل حينما يسكب وحينما ينتشر على الأرض وحينما يسيل، هو الذي يدفعه إلى ذلك السلوك، وإن امتدت يده إلى دولاب الملابس أو أدراج المكاتب للعبث بمحتواها وربما إخراج ما فيها، فغالباً لا يكون ذلك بهدف البعثرة بقدر ما هو محاولة للكشف عن الشيء المختفي خلف محتويات هذا الدولاب أو درج المكتب.

من أهم الأُمور التي تدفع طفلك إلى العبث والتخريب، حبّ الإستطلاع والرغبة في التعرُّف إلى ما حوله من أشياء وتحليلها إلى أجزاء، ثمّ محاولة العمل على إعادة تركيبها.

إنّ هذه السلوكيات تفرضها طبيعة النمو، فطفلك كلما كان صغيراً حديث العهد بالموجودات اشتدّت لديه رغبة تحليلها وفكّها، فترينه يتفحص كل ما تقع عليه يداه، يمسك بها، يتأمّلها ويرميها أرضاً ليكتشف تأثير ذلك فيها. فإذا انكسرت وتحطمت تجدين السرور بادياً على وجهه لأنه اكتشف حالة جديدة لم يعرفها من قبل.

وكلما تقدّم طفلك في العمر، ستلاحظين تطور أساليب عبثه، فيفرغ الدواليب والأدراج والصناديق من محتوياتها ويبعثرها، ويلعب في أدوات المطبخ ويضرب بعضها بالبعض الآخر ليستمع لأصوات لأوّل مرّة.

 

-       أسباب الإقبال على السلوك التخريبي:

1- النشاط والطاقة الزائدة والأجسام التي تتميّز بنشاط حركي زائد، مع عدم توافر الطرق المنظمة لتصريف تلك الطاقة في الأمكنة المناسبة.

2- اضطرابات في الغدة الدرقية.

3- ظهور مشاعر الغيرة لدى بعض الأطفال نتيجة ظهور مولود جديد أو تفرقة الوالدين في المعاملة بين الإخوة.

4- عدم تقبُّله الناس أو فئة معيّنة من الناس.

5- حبّ الإستطلاع والميل إلى التعرُّف إلى طبيعة الأشياء، ومحاولة إثبات الوجود والسيطرة على الأشياء من حوله.

6- النمو الجسمي الزائد لطفلك مع انخفاض في مستوى الذكاء لديه.

7- شعوره بالنقص أو بالظلم، فيدفعه ذلك نحو الإنتقام من أجل إثبات الذات.

8- ضيق المكان الذي يلعب فيه طفلك يُشعره بالضجر والملل، ما يدفعه إلى العبث والتخريب.

 

-       أشكال التخريب عند طفلك في سن الروضة:

يمكن تصنيف السلوك التخريبي لدى طفلك في الروضة إلى شكلين رئيسيين، هما تخريب بريء وتخريب مُعتمِّد.

1- التخريب البريء: وهذا السلوك الشائع بين الأطفال وينقسم بدوره إلى أربعة أنواع من السلوك التخريبي:

التخريب المتطور المندفع: يظهر هذا النوع من التخريب لدى الأطفال الذين يتميزون بالنشاط الحركي الزائد، الذين لا يملّون ولا يتعبون، لكنهم يُلحقون الأذى بكثير من الأشياء والممتلكات من وجهة نظر الآباء، فيندفعون إلى مثل هذا السلوك من دون علم لهم بقيمة الأشياء التي يدمِّرونها، وربما يكون تخريبهم نتيجة للتغيرات النفسية والجسمية التي يمر بها طفلك أثناء مراحل النمو المختلفة، والتي يعيشها مَن هم في مثل سنّه، فما إن تقع أعينهم على لعبة أو دمية جديدة، فهم يتركون لعبتهم الأولى ويتجهون نحو اللعبة أو الدمية الثانية ثم الثالثة، وهكذا.

التخريب الفضولي المنظم: هذا النوع من التخريب يظهر لدى الأطفال ويغلب على سلوكياتهم التخريبية، محاولة إرجاع ما خرّبوه إلى حالته كما كانت من قبل، وهم بذلك يفكّون الأدوات والأشياء ثمّ يحاولون إعادة تركيبها مرّة أخرى وهكذا.

التخريب الّلاواعي: يقوم طفلك بتخريب الأشياء أو المواد من دون معرفة أو وعي منه، وغالباً ما يجد نفسه أمام وضع تخريبي نتيجة لمسه مواد وأشياء قد تنفرط بين يديه مثل عقد من الخرز، دون إنتباه أو ظهور قلق أو خوف يدل على أنه أحس بما صنعت يداه من خسائر.

التخريب كانعكاس للطاقة العضلية: قد يشعر طفلك بالقدرة الجسدية بين أقرانه فيفرض نفسه عليهم، فيقوم ببعض الأعمال التخريبية، كالدوس بقديمه على المفارش وتمزيق المقاعد، وإسقاط الستائر والتسلق عليها، وتكسير بعض الأشياء داخل غرفة الطعام، أو غير ذلك من الأفعال التخريبية التي يقوم بها.

2- التخريب المتعمِّد: ينقسم السلوك التخريبي المتعمِّد إلى قسمين، هما:

تخريب الشلة: قد يظهر سلوك تخريب الشلة كسلوك جماعي يصدر من مجموعة من الأطفال، بهدف تفريغ الطاقة الزائدة عندهم، وهم يشكلون فيما بينهم شلة أو فريقاً أو عصابة لإشباع رغبة التقليد والمحاكاة ومسايرة الجماعة.

التخريب المرضي: يحدث التخريب المرضي عند الأطفال الصغار، فنجدهم يُشعلون النار في الحديقة والإستمتاع بها، أو يقومون بتخريب الأشياء عند الجيران من أجل المتعة، وقد يسعى الأطفال في هذا النوع من التخريب إلى سلب ممتلكات الأطفال الآخرين، أو دفعهم على الأرض ثمّ الفرار ضاحكين لسلوكهم التخريبي هذا، وبعض الأطفال يؤذون الآخرين ويرمون الأشياء عليهم، كما قد يقومون بإتلاف أعمال الآخرين ويكسرون الألعاب ويمزقون الكتب.

 

-       أساليب التغلب على المشكلة:

1- يجب دراسة الحالة بعناية ودقة لتحديد مدى ونوعية التخريب، وكذا محاولة تحديد الدافع خلف هذا السلوك التخريبي (عوامل شعورية أو عوامل لا شعورية مثل الغيرة).

2- توافر لعب بسيطة لطفلك، تكون متقنة الصنع، ويمكن تفكيكها وتركيبها من دون أن يلحقها تلف.

3- توفير مكان فسيح مناسب يستطيع طفلك أن يقوم فيه باللعب.

4- التوقف عن تنبيه صغيرك وتوجيهه بشكل مستمر، لأنّ ذلك يُفقد قوّة تأثير التوجيه عليه، ويفقد طفلك الثقة بإمكاناته. لذا، يجب أن تقللي من الأوامر والنواهي التي تجعل الأطفال يشعرون بالملل، وليس معنى ذلك ترك الأمور، بل خير الأمور الوسط. لأن طفلك محتاج إلى حزم بغير عنف ومرونة من دون ضعف، مع بيان ما هو خير وما هو شر.

5- عرض طفلك على الطبيب للتأكد من طبيعة الغدة الدرقية، وكذا معرفة مستوى ذكاء طفلك في العيادات النفسية المتخصصة.

6- إشباع حاجة طفلك إلى الإستطلاع والإكتشاف ليس فقط بتوفير اللعب، بل ومراعاة ما يناسب سنّه وتنوعها، بحيث تشمل أيضاً لعباً رياضية تُفرغ الطاقة الجسدية، ويجب أن تسألي نفسك ماذا قدمت له من فرص لتفريغ طاقته؟ وذلك قبل اللوم أو العقاب.

7- العطف والحنان والمحبّة وإشباع الحاجات النفسية الضرورية للطفل.

8- إفساح دَور للأطفال ليعبِّروا عن ثورتهم بطريقة تسمح بإظهار غضبهم.

9- تقليل القيود التي تُفرض على الأطفال في البيت أو المدرسة بالقدر المستطاع.

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

الإثنين 26 ديسمبر 2016 - 10:01 بتوقيت مكة