ويقول خبراء في الولايات المتحدة إن 99% من وفيات كوفيد-19 هم من الأشخاص الذين لم يتلقوا التطعيم.
وتتزايد حالات الإصابة بفيروس كورونا المستجد ودخول المستشفيات والوفيات مرة أخرى مع انتشار سلالة دلتا شديدة العدوى لفيروس كورونا، باعتبارها السلالة المهيمنة في الولايات المتحدة.
ووفقا لمسؤولي الصحة العامة، فإن الغالبية العظمى من الأشخاص الذين يتم نقلهم إلى المستشفى بسبب فيروس كورونا، والذين توفوا بسبب المرض، لم يتم تطعيمهم، وفق تقرير نشره موقع "سي نت" (cnet).
وقالت الدكتورة روشيل والينسكي، مديرة مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، أمس الجمعة، إن أكثر من 97% من حالات دخول المستشفى من فيروس كورونا في الوقت الحالي هي لأشخاص غير محصنين، مضيفة "هناك رسالة واضحة قادمة: لقد أصبح هذا جائحة غير الملقحين".
في أوائل تموز، قال الدكتور أنتوني فاوتشي، كبير المستشارين الطبيين للرئيس الأميركي جو بايدن، لشبكة "سي بي إس" (CBS) إن 99.2٪ من وفيات كوفيد-19 هي الآن لأشخاص غير محصنين.
وفي تكساس، 99.5% من الأشخاص الذين ماتوا بكوفيد-19 من 8 شباط إلى 14 تموز لم يتم تطعيمهم، وفقا لتقرير في "تكساس ترايبن".
لماذا يصاب الحاصلون على اللقاح بالعدوى
تجلت سرعة تفشي سلالة دلتا بين الأشخاص الحاصلين على اللقاح في الولايات المتحدة حين استضافت مدينة صغيرة في ماساتشوستس أكثر من 60 ألف شخص دون أقنعة خلال احتفالات يوم الاستقلال في الرابع من تموز الجاري، وانتهى الأمر بتسجيل ما لا يقل عن 256 إصابة بالفيروس، وكان حوالي ثلثي الإصابات لأشخاص تم تطعيمهم في وقت سابق.
وفي تقرير نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، تقول الكاتبة أبورفا ماندافيلي إن مثل هذا الأمر تكرر في كامل أنحاء الولايات المتحدة، وهو ما يظهر أن اللقاحات ليست حلا سحريا ضد الفيروس، رغم أنها تقلص من خطورته إلى حد كبير.
لكن وفقا للخبراء، لا تعد نسبة انتشار العدوى بين الأشخاص الذين تم تطعيمهم مرتفعة، كما أن هذه الحالات لا تستوجب في معظمها دخول المستشفى، ولا تسبب الوفاة. وحسب الأرقام الرسمية، فإن أكثر من 97% من الأشخاص الذين يدخلون المستشفى بسبب كوفيد-19 هم من غير الحاصلين على اللقاح.
وقد صرح الدكتور فاوتشي، الخميس الماضي، أن التقارير الواردة عن حالات العدوى لا تعني بالضرورة أن اللقاحات ليست فعالة، مضيفا أن "نجاح اللقاح يعتمد على الوقاية من المرض".
ويؤكد الخبراء أن الحاصلين على اللقاح يمكن أن يصابوا بالعدوى دون أن تظهر عليهم أي أعراض، أو قد تظهر في الغالب أعراض خفيفة.
ويفرض الوضع الحالي وفقا لعدد من المختصين، أن يعاود الحاصلون على التطعيم التقيد بالتدابير الوقائية ومنها ارتداء الأقنعة في الأماكن المغلقة والمزدحمة مثل مراكز التسوق وقاعات الحفلات.
وتقول عالمة الجينات بكلية بايلور للطب، كريستن بانثاغاني، إن على مسؤولي الصحة أن يوضحوا للناس أن الدور الأساسي للقاحات هو الحد من الإصابة بالأعراض الخطيرة، وأنه من المستحيل أن تصل فعاليتها إلى نسبة 100%.
لكن الأمر المطمئن حسب الكاتبة، هو أن جميع اللقاحات المتوفرة حاليا قادرة على منع الأعراض الخطيرة أو الموت بسبب السلالات المتحورة، كما أثبتت الدراسات المخبرية أن سلاسة دلتا أخف وطأة من سلالة بيتا التي رصدت لأول مرة في جنوب أفريقيا.
وتعمل اللقاحات على تهيئة جهاز المناعة للتعرف على الفيروس عند دخوله الجسم بسرعة كافية للقضاء عليه قبل حدوث أي ضرر كبير.
ويقول أخصائي المناعة في جامعة روكفلر، ميشيل نوسنزويغ، إن "هذا ما يفسر سبب إصابة الناس بالفيروس دون أن يعانوا من أعراض خطيرة. إنه أمر لا مفر منه تقريبا، إلا إذا قمنا بتطعيم الناس بجرعات معززة بشكل متكرر".
يمكننا القضاء على الوباء
في تقرير نشرته صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، قال الكاتب فريد زكريا إن ما يبنيه العلم تدمره السياسة. إذ لا تزال الولايات المتحدة تكافح من أجل تطعيم 60% من السكان البالغين بشكل كامل رغم وجود إمدادات كافية من اللقاح، وهو ما يعني أن القضاء على الوباء سيبقى هدفا بعيد المنال. وحتى مع توفر الأدوات اللازمة لإنهاء هذه المأساة، لا يزال الكثيرون يفضلون التعايش مع الفيروس.
وأشار الكاتب إلى أن المشاعر المناهضة للتطعيم لا تجد صدى لها في الولايات المتحدة فحسب، بل أيضا في العديد من الدول حول العالم.
لكن في الولايات المتحدة بالتحديد، تنشر القوى السياسية الرئيسية معلومات مضللة على نطاق واسع حول مرض مميت. وبما أن المعلومات المضللة الأميركية أصبحت عالمية، فإن ذلك يضفي عليها نوعا من الشرعية ويشجع مناهضي التطعيمات على التشبث بمواقفهم.
كما تشهد فرنسا أيضا انتشار المشاعر المناهضة للتطعيم، لكن يبدو أن القيادة السياسية قد غيرت رأيها، إذ أعلن الرئيس إيمانويل ماكرون مؤخرا أنه سيفرض على العاملين في قطاع الصحة تلقي اللقاح. فضلا عن ذلك، لن يسمح لغير الملقحين بدخول المطاعم والمقاهي أو الذهاب إلى المسارح ودور السينما أو ركوب القطارات والطائرات.
ورغم أن جواز سفر اللقاح الجديد قد أثار سخط المواطنين، فإن ملايين الفرنسيين سجلوا لتلقي اللقاح منذ إعلان ماكرون هذه القواعد. في المقابل، يواصل قادة المعارضة في فرنسا انتقاد هذه السياسة بشدة دون نشر معلومات مضللة.
وقال الكاتب إن بايدن يحتاج إلى أن يكون صارما، ويوضح أنه لا يحق لأحد في بلد الحريات فعل أي شيء يعرض حياة الآخرين للخطر أو يمثل عبئا عليهم.