يصف المراسل الصحفي مارتن سميث زيارته وفريقه لليمن في مايو 2017م، وباعتبارهم الصحفيين الأجانب الوحيدين الذين سمحت لهم السلطات بالزيارة في ذلك الوقت النتائج الكارثية التي حلت باليمنيين جراء الحرب والقصف الجوي لأكثر من عامين من قبل العدوان السعودي، أغنى دولة في المنطقة، وعواقب الحرب على أفقر دولة في المنطقة. فيقول أن العالم لا يرى ما يحدث من قتل لآلاف المدنيين، ومظاهر الحرب المدمرة الماثلة أمام المرء أينما توجه في اليمن.
وعرج الصحفي لإلقاء الضوء على أهم المظاهر التي رآها إلى جانب التدمير الهائل للمباني والمطارات والبنى التحتية والمنشآت بمختلف أنواعها، فيضيف عليها انهيار النظام المصرفي، وتوقف دفع مرتبات الناس المستمرين في عملهم، وسائر الآثار التي ترتبت عن كل ذلك الدمار بما فيها تراكم القمامة والأمطار التي نقلت البكتيريا لمنظومة الإمداد بالمياه في مختلف المناطق وما نتج عنها من تفشي وباء الكوليرا التي بلغ عندها المصابون بها ثلاثمائة ألف شخص ووفاة ألف وستمائة، معظمهم من الأطفال وفقا لتقارير منظمة الصحة العالمية وأن الأرقام تتصاعده بوتيرة عالية. بالإضافة إلى المجاعة التي تسببت بها الحرب والحصار وأصبح بسببها سبعة مليون مواطن يمني معرض للمجاعة.
وتم استعراض حالات إنسانية وأمثلة على كل ما جاء في الوثائقي من مناطق مختلفة زارها الفريق الصحفي، وكيف يتمسك العاملون بالقطاع الصحي بالاستمرار في أداء عملهم رغم انقطاع مرتباتهم.
ثم يثير العديد من الأسئلة حول أسباب قصف السعودية لليمن وعدم مشاهدته لمظاهر تؤكد مزاعم السعوديين، بينما لا يمكن إخفاء الكوارث التي ألحقها السعوديون باليمن وشعبه جراء الحرب التي شنتها عليهم وعلى منشآتهم التي شملت كل شيء بما فيها المستشفيات والجسور والمدارس.
وفي إحدى الفقرات يقول: "كل ما أعلمه أن العاملين في القطاع الصحي باليمن يقولون أنه في كل عشر دقائق يموت طفل لأسباب يمكن تفاديها والوقاية منها". ويشير لدور ومسؤولية أميركا في الحرب بالأسلحة التي تزود بها السعودية وامتعاض اليمنيين من الحكومة الأميركية وما تقوم به واستمرارها في عقد صفقات أسلحة بمئات المليارات من الدولارات مع السعوديين ورغبتهم في أن يطلع الشعب الأميركي والعالم على الأدوار تلك.
عشرة آلاف قتيل مدني حتى وقت زيارته .. إضافة إلى إعلان الأمم المتحدة اليمن أكبر أزمة إنسانية في العالم.
"ولا زال عدد الصحفيين الذين سمح لهم بدخول البلد قليلا جدا" ..
ما يجعل حكومة صنعاء متحملة جانبا من مسؤولية التعتيم القائم عالميا بخصوص الحرب على اليمن.
وقال عندما كنا في اليمن في مايو 2017م، كنا الصحفيين الأجانب الوحيدين الذين استطاعوا الحصول على ترخيص لزيارة البلد، أردنا أن نأتي ونطلع على نتائج القصف الجوي لعامين ماضيين، من قبل التحالف الذي تقوده السعودية، لديك أثرى دولة في المنطقة تقصف أفقر دولة في المنطقة، والناس لا يرون ما يحدث، نتحدث عن آلاف القتلى المدنيين.
عندما تتجول حول اليمن .. ترى الحرب ماثلة أمامك أينما ذهبت، لا يكون ذلك دائما ظاهرا بشكل مباشر، كنا في أحد السوبر ماركات في العاصمة صنعاء، وكان سوبرماركت ممتلئ جيدا بالبضائع، وبدا كمثيلاته في الولايات المتحدة، لكن لاحظنا لاحقا أن الناس لا تدفع بالنقد وإنما بواسطة قسائم، هذا اول شهر نستلم فيه قسائم، جميع موظفي الدولة بدأوا يستلموا هذه القسائم لأننا لحد الآن لم نستلم مرتباتنا منذ ثمانية أشهر صادفنا أشخاص ممن يعلمون ولا يتقاضون أجورا لأشهر طويلة، والمنظومة المصرفية قد انهارت لحد كبير، لذلك لم يعد هناك نقدية، يحكم عليك الوضع .. حال البلاد هكذا
هذا مثال صغير لكيفية رؤية الحرب تدمر حياة الناس أينما ذهبت، ليست فقط الطائرات الحربية فوق الرؤوس، أو المباني التي يتم قصفها، أو المطار الذي تم تدميره، بل هي الآثار المترتبة عن تدمير البنى التحتية الأساسية، جئنا لمدينة .. وما صدمني كمية القمامة المتروكة على جنبات الطرقات، لم يتم الدفع لعمال النظافة منذ ثمانية أشهر، وجاءت الأمطار وتدفقت السيول من على القمامة، ونقلت البكتيريا إلى منظومة الإمداد بالمياه، وأصبح الناس يشربون مياهاً ملوثة، وأصيبوا بوباء الكوليرا، الكوليرا ببساطة تؤدي لإصابتك بالجفاف الحاد بسرعة وبالتالي كلما تهضمه .. اي طعام تأكله أو ماء تشربه .. يمضي بشكل كامل خلال أجهزتك ولا تحصل على تغذية من خلاله
هي متعبة جدا من الإرهابت ومن عدم التوازن الإلكتروليتي التي أصابها ولا تستطيع التحكم بنفسها الآن حتى تحصل على سوائل كافية
تقول منظمة الصحة العالمية أن هناك ما يزيد عن ثلاثمائة ألف حالة من المصابين بالكوليرا ألف وستمائة شخص ماتوا كثيرون منهم أطفال والأرقام تتصاعد.
المستشفى الذي زرناه كانوا قد تجاوزوا فيهم طاقتهم الاستيعابية وكان الاطباء والممرضين يعانون من شحة وانعدام الأدوية والمعدات وكانوا هناك يعملون بالرغم من أنهم لم يتسلموا مرتباهم لا نستلم المرتبات .. وآخر مرتب استلمته في شهر سبتمبر وإذا لم أعمل .. سيموت هؤلاء وقد أكون أنا مريضة في الغد ولا يرعاني أحد بسبب عدم صرف المرتبات.
يتساءل بشكل متكرر لماذا يقوم السعوديون بقصف اليمن وهو سؤال يلزم السعوديين الإجابة عليه؟
سيقولون لك أنهم يقاتلون الجماعة المتمردة التي تحاول الاستيلاء على البلد والمدعومين من قبل خصمهم إيران لكن في الوقت الذي كنت أنا فيه هناك .. يصعب أن ترى ما الذي يقوم به الإيرانيون لكن أثر القصف الذي ينفذه التحالف الذي تقوده السعودية كان واضحا جدا أجزاء من البلد تم عزلها بسبب قصف الجسور الناس في اليمن على الأرض يعانون وعالقون تحت النيران بسبب هذه الحرب.
***في حجة .. ذهبنا لمستشفى وقابلة ممرضة هناك والتي أرتني صورا أخذت قبل يوم أو يومين لطفل وصل وهو في حالة سوء تغذية حادة ومات نتأثر بالتأكيد .. جميعنا نحزن لأننا نحن من يقومون بالواجب ونظل نحبه وفي الاخير يتوفى علينا؟! لا يجوز ذلك ثم استدعيت للذهاب لرعاية مريض جديد بسوء التغذية الحادة ، جاءت الام بطفلتها اسمها أوين وعمرها سبعة أشهر أكيد أن الحرب هي العامل الأساسي وراء سوء التغذية وتزداد سوءا الحالات
لكن أخبرتنا الممرضة أن عدد الحالات تضاعف أكثر من الضعف منذ أن قامت الحرب ولربما بعد ساعة أخرى، جاءت امرأة مع ابنتها، كان اسمها رقية عمرها خمس سنوات رقية جاءت من مخيم للنازحين الداخليين [المحليين] الذي يبعد عدة أميال من الحدود السعودية وسافرت عدة ساعات لأن المستشفى القريب منها تم قصفه، يعني عندهم في منطقة نائية .. ليس لديهم وسيلة مواصلات وليس لديهم أموال نتيجة هذه الكوارث لتحمل نفقات نقلهم من منطقتهم إلى هنا .. فيضطرون للانتظار الأمور تزداد سوءا نحن نقول أنه هناك أمل ليكون للأحسن لكن تسير الأمور للأسوأ، الأمراض بتزيد وسوء التغذية تتصاعد مع اشتداد الحروب ولا يخففوا الضرب على اليمن، وكله يتحول على الأطفال ومن تحمليه مسؤولية الحرب؟
من ناحية الشعب .. ومن ناحية الدول الخارجية التي قامت تهجم على البلاد من الجانبين .. هكذا من بتضرب غير الضعفاء؟
لا هجوم على الأقوياء .. فهنا لا يوجد غير الضعفاء فقط الفقراء والمساكين داخل اليمن كان علينا مغادرة المستشفى قبل أن نعلم ما مصير البنات لا أعلم بما حدث لهن كل ما أعلمه أن العاملين في القطاع الصحي باليمن يقولون أن كل عشر دقائق يموت طفل من أسباب يمكن تفاديها والوقاية منها قد لا يكون الأمريكيون مطلعون على التورط الأميركي في الحرب في اليمن لكن اليمنيون في صنعاء وفي شمال اليمن يعلمون حقا من أين تأتي الأسلحة
بعد أيام قليلة من وصولنا كانت هناك حشود هائلة في وسط صنعاء تحت شعار لا للإرهاب الأميركي تجمع الآلاف للاحتجاج على وصول الرئيس ترامب للرياض حيث أعلن عن نيته للمصادقة على صفقة سلاح بمائة وعشر مليار دولار للسعوديين جئنا هنا للتعبير عن غضبنا من السياسات الأميركية كان من الواضح أننا فريق تلفزيوني أمريكي لكن لم نتعرض لأي أذى أو عدوانية لكن كان هناك فهما أن حكومتنا هي التي تتحمل اللوم والمسؤولية، ويريد عوام المواطنين اليمنيين أن يكون الآخرين واعين ومطلعين بما يجري بلغت قتلى المدنيين في اليمن ما يزيد عن عشرة آلاف سبعة ملايين شخص يواجهون المجاعة، مؤخرا أعلنت الأمم المتحدة أن اليمن تمثل أكبر أزمة إنسانية في العالم ولا زال عدد الصحفيين الذين سمح لهم بدخول البلد قليلا جدا.
المصدر: آسيا نيوز