وبخلاف الجدل الذي سادَ الساحة اللبنانية خلال الأسابيع الماضية حول وجود تحضيرات جدّية لشنّ حرب إسرائيلية على «حزب الله» في لبنان، فإنّ التطورات تُثبت مرّة بعد أُخرى أنّ رسائل الضغط والتهويل شيء، وقرار خوض حرب شيء آخر. فلو كانت هنالك فعلاً مشاريع جدّية لشنّ حرب إسرائيلية لكانت حادثة استهداف طائرة الاستطلاع الاسرائيلية كافية للإعلان عن البدء بالحرب. لكنّ ما حصل كان معاكِساً حين توالت تصريحات المسؤولين الإسرائيليين للتّخفيف من وقع الحادثة واعتبارها غير مخطّط لها مسبقاً وبأنها لن تؤثر على الوضع.
لكنّ الواضح أنّ جملة رسائل رافقت إطلاق الصاروخ على الطائرة الإسرائيلية، فالطائرة لم تكن في مهمة جديدة على ما يبدو، بل إنّ السماء اللبنانية شكّلت ساحة عمل لطائرات التجسّس الإسرائيلية، وخصوصاً خلال المراحل الأخيرة. والسؤال هنا: لماذا اختيار هذا التوقيت بالذات!
ووفق المعلومات المتداوَلة على نطاق ضيّق في الكواليس الديبلوماسية، أنّ الصاروخ أُطلق من بطاريّة موجودة في منطقة تحظى بنفوذ مباشر من الإيرانيين و حزب الله، ما يعني أنّ ثمّة رسالة أرادت طهران توجيهَها بالشراكة مع «حزب الله». أضف الى ذلك أنّ الصاروخ هو من نوع «SA-5» وهو قديم الصنع نسبياً وموجود لدى الجيش السوري منذ مدة بعيدة.
واستخدمته سوريا في حربها مع "إسرائيل" عام 1982 عند غزو "الجيش الإسرائيلي" للبنان. لكنّ هذا الصاروخ لم يُثبت فعاليّته خلال المواجهات الجوّية التي كانت دائرة، ربما بسبب امتلاك "إسرائيل" أسلحة مضادة له. وبالتالي إذا لم يُظهر هذا النوع من الصواريخ فعالية عام 1982، فكيف حاله إذاً بعد 35 عاماً؟
وهو ما يعني أنّ القصد من إطلاق الصاروخ توجيه رسالة مدوّية معه أكثر منه إسقاط الطائرة والانزلاق في اتجاهات غير محسوبة. وما من شك في أنّ الصاروخ أطلق قبل ساعات من وصول وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو في زيارته الرسمية الأولى الى "إسرائيل".
وكان معلوماً أنّ زيارة شويغو كانت مخصّصة للبحث في ملف الساحة السورية، اضافة الى مسألة الوجود والنفوذ الإيرانيّين في سوريا، وأيضاً وضع «حزب الله» في وقت تقترب روسيا من حقول النفط في دير الزور.
وجاء الردّ "الإسرائيلي" متأخراً بعض الشيء، وبعد زهاء ثلاث ساعات من استهداف الطائرة الإسرائيلية، وتردّد في الكواليس الديبلوماسية أنّ إسرائيل استخدمت نظامَ التواصل العسكري الطارئ والذي تمّ تركيبُه مع بداية التدخّل العسكري الروسي في سوريا والذي يربط ما بين تل ابيب وموسكو، حيث سمعت عدم معارضة القيادة الروسية الردّ على الصاروخ من خلال غارة للطائرات الإسرائيلية، شرط تدارك الوضع وعدم الذهاب ابعد من ذلك في التصعيد العسكري، وهذا ما يُفسّر كلام وزير الدفاع الإسرائيلي عقب انتهاء الغارة بأنّ بلاده لا تريد أيَّ توتر عسكري في سوريا.
المصدر: شام تايمز