التحرك التركي آثار الحيرة والريبة لدى كثير من المراقبين، إذ من المفترض أن تقوم تركيا بمهاجمة قوات” هيئة تحرير الشام” وعمودها الفقري “جبهة النصرة ” التي تحكم سيطرتها على إدلب. إلا أن هذا لم يحدث، وسمحت الهيئة للقوات التركية بالدخول والتمركز في المحافظة دون مشاكل.
صدقت توقعات صديق تركي قال لي….” ليس من السهل على تركيا خوض حرب ضد النصرة ، لأن حجم المتعاطفين معها داخل تركيا ليس بالقليل ” .
هل خالفت تركيا اتفاق استانه والتفاهمات مع حليفي دمشق الأساسيين روسيا وإيران ؟؟ ولماذا تصمت دمشق حتى الآن على هذا الدخول التركي السلس إلى معقل جبهة النصرة، في وقت قال الرئيس أردوغان في طهران، أن تركيا ستحارب التنظيمات الإرهابية وبينها النصرة ؟؟.
نحاول أن نورد بعض الإجابات بناء على محاولتنا البحث عن توضيحات من بعض الأطراف المعنية وليس بناء على تحليلاتنا الذاتية .
في طهران كان الرئيس أردوغان يبحث بالعمق ما سيقوم به في ادلب، أطلع الإيرانيون بدقة وتفصيل دقيق من خلال ضباط الأمن والعسكر الأتراك الذين رافقوا الرئيس التركي إلى طهران على الأهداف التركية والدور الذي سيقوم به الجيش التركي داخل الأراضي السورية . هناك شعر الإيرانيون أن ثمة تحولا مهما في المقاربة التركية لمجمل الحرب في سوريا، ومعظم أزمات المنطقة. الرئيس أردوغان وافق على تحييد بلاده تماما عن مهاجمة الحكومة السورية والرئيس بشار الأسد . في ذات الوقت يرى أن فتح صفحة جديدة كاملة مع دمشق أمر مبكر .
الواضح أن دمشق حتى الآن صامته عن التحركات التركية داخل أرضها، هي حصلت على ضمانات مصدرها الجانب الروسي، يقول الروس لدمشق الآن…” أن كل شيء يحدث في ادلب هو تحت السيطرة ”، وتعتمد دمشق على التطمينات الروسية في مراقبة مايجري في ادلب بصمت . أكثر من هذا حصلت دمشق على ضمانات روسية بخروج القوات التركية من سوريا في نهاية المهمة .
ولكن هل يمكن الوثوق بالنوايا التركية ؟؟ وهي أي تركيا لم تلتزم سابقا بتفاهمات مماثلة ؟؟ الجانب السوري لا يرى أن أنقرة جديرة بالثقة، هو يرصد بقلق ما يشبه عمليات تتريك في بعض المناطق التي يتواجد فيها نفوذ تركيا مثل الباب وجرابلس وغيرها، العملة التركية و اللغة التركية في المدارس في هذه المناطق، إفتتاح بريد .. الخ ، كلها أمور تتابعها دمشق عن كثب. ولا تشعر بالارتياح حيالها .
رغم ذلك الرؤية السورية تتحدث عن أن الوضع الآن بالنسبة لتركيا مختلف عن السابق . وإن تركيا اليوم لديها سياسات مختلفة تدفعها أكثر باتجاه روسيا وإيران .
وربما هذا سيذهب بها لاحقا إلى إعادة العلاقات الطبيعية مع دمشق، هذا الأمر بتقديرنا أصبح على الضوء البرتقالي، بإنتظار الشارة الخضراء . لا يستبعد أي من الأطراف المعنية هذا الأمر ، والكل لديه قابلية لذلك .
من غير الواضح حتى الآن ما هي آليات المعالجة التركية، لسيطرة جبهة النصرة على محافظة إدلب . الواضح أن هناك مهمة تركية ينتظر الآخرون نتائجها . وننتظر معهم .
* كمال خلف/ رأي اليوم