إذا اتحد المسلمون فلن يكون وضع فلسطين على ما نشاهده اليوم. إن وضع فلسطين اليوم وضع صعب، فالشعب الفلسطيني يتعرض لضغوط يومية شديدة في غزة بشكل وفي الضفة الغربية بشكل آخر. يريدون إبعاد قضية فلسطين عن الأذهان والدفع بها نحو النسيان. منطقة غرب آسيا - والتي تضمّ بلداننا هذه - وهي منطقة حساسة واستراتيجية للغاية سواء من الناحية الجغرافية أو من حيث المصادر الطبيعية أو من حيث المعابر البحرية، إنها منطقة حساسة، يريدون أن يشغلوا هذه المنطقة بنفسها، وأن يقف المسلمون في وجه المسلمين، والعرب ضد العرب، فيستهدفوا بعضهم البعض ويقضي بعضهم على بعض. يريدون لجيوش البلدان الإسلامية، وخصوصاً جيوش البلدان المجاورة للصهاينة أن تؤول إلى الضعف يوماً بعد يوم. هذا هو هدفهم.
هناك اليوم إرادتان متعارضتان في هذه المنطقة. إحداهما إرادة الوحدة والثانية إرادة التفرقة. إرادة الوحدة هي ما يريده المؤمنون، فنداء وحدة واجتماع المسلمين يرتفع من الحناجر المخلصة ويدعو المسلمين إلى التركيز على القواسم المشتركة بينهم. إذا كان هذا وتحققت هذه الوحدة فلن يكون وضع المسلمين على ما هو عليه اليوم، وسوف يكتسب المسلمون العزة. لاحظوا أنه ثمة تقتيلٌ للمسلمين من أقصى شرق آسيا في ميانمار إلى غرب إفريقيا في نيجيريا وما شابها. المسلمون يُقتلون في كل مكان؛ تارةً على أيدي البوذيين، وتارةً أخرى على أيدي بوكوحرام وداعش وأشباههما. والبعض يصبّون الزيت على هذه النيران؛ الشيعة البريطانيون شبيهون بالسنة الأمريكيين، كلاهما شفرتان لمقصّ واحد؛ يحاولون أن يوقعوا بين المسلمين. هذه هي رسالة إرادة التفرقة، والتي هي إرادة شيطانية. أما رسالة الوحدة فهي أن يتجاوز المسلمون هذه الاختلافات ويتحدوا ويتعايشوا ويعملوا سوية.
في الوقت الراهن إذا تأملتم في التصريحات التي يُطلقها المستكبرون ومحتلو الأجواء الحيوية للشعوب، ستجدون أنها دعوة للتفرقة. كان يُقال منذ القِدم للسياسة البريطانية بأنها سياسة «فرّق تسد». كن سيداً بفضل التفرقة. هكذا كانت السياسة البريطانية يوم كان لها سلطة واقتدار. واليوم أيضاً يواصل عتاة العالم الماديون هذه السياسة سواء أمريكا أو حتى بريطانيا مرة أخرى في الآونة الأخيرة. لقد كان البريطانيون في منطقتنا مصدر شرٍّ على الدوام، كانوا دائماً مصدر نكبات للشعوب، والضربات التي وجهها البريطانيون لحياة الشعوب في هذه المنطقة ربما قلّ أن يكون لها نظير من ضربات وجهتها قوة لمنطقة في العالم. لقد وجَّهوا تلك الضربات لشبه القارة الهندية التي تضمّ اليوم الهند وبنغلادش وباكستان، ومارسوا الضغوط على الناس، وفي أفغانستان بشكل، وفي إيران بشكل، وفي العراق بشكل. وأخيراً في فلسطين حيث قاموا بحركتهم المشؤومة والخبيثة وشرَّدوا المسلمين وفي الحقيقة شرَّدوا شعباً كاملاً وطردوه من منازله؛ لقد زال بفعل السياسة البريطانية بلدٌ تاريخي مسجلٌ منذ آلاف السنين بإسم فلسطين من الوجود. منذ قرنين فصاعداً، منذ قرنين ونيّف، أي منذ عام 1800 فصاعداً لم يصدر عن البريطانيين سوى الشر والفساد والتهديد.
~الإمام الخامنئي ١٧/١٢/٢٠١٦