إتفق علماء السُنّة إلاّ ما شذّ منهم بالاضافة إلى علماء الشيعة على وجود الإمام المهدي، وإن الذي بشّر به هو الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) وأشار إلى ظهوره وقيام دولته.
وقد أخرج مؤلفو الصحاح والسُنن ومسانيد الحديث وما أجمعت عليه الأمة حول نشره العدل وتقويم الإنحراف والأخذ بحقوق آل محمد من أمة الجور والظلم وخصوصاً (يالثارات الحسين) ويا (لظلامة البضعة الطاهرة الزهراء). واستفاضت أخباره ـ بحجج ـ من الفريقين ومنهم:
1/ قال أبو الحسن الآبري: قد تواترت الأخبار واستفاضت بكثرة رواتها عن المصطفى (صلى الله عليه وآله) بخروج الإمام الحُجّة، وأنّه من أهل بيته، ويخرج معه عيسى ويساعده على قتل الدجّال بباب (اللّد في فلسطين) ثم يُصلِّي خلف الإمام.
2/ قال البخاري أبو الطيب بن أبي أحمد الحسيني: إن أمر المهدي مشهور بين أهل الإسلام علي مرِّ العصور.
ولا بد في آخر الزمان من ظهور رجل من أهل بيت النبي (صلى الله عليه وآله) يؤيد الدين ويُظهر العدل ، ويتَّبِعه المسلمون، ويستولي على الممالك الإسلامية ويسمى (بالمهدي) ويكون خروج الدجّال بعده من شروط الساعة الثابتة، ويظهر عيسى (عليه السلام) معهُ ويساعده على قتل الدجّال وهذه الأخبار بلغت حد التواتر[1].
3/ شهاب الدين أحمد بن حجر الهيثمي يقول: أن أبا القاسم محمد الحُجّة ، كان عمره عند وفاة أبيه العسكري خمس سنوات ، وقد أتاهُ الله الحكمة ويسمى القائم المنتظر[2].
4/ أبو بكر أحمد البيهقي وهو من فقهاء الشافعية : يُورد جملة من الأقوال منها أن الإمام المنتظر بعد وفاة أبيه العسكري (عليه السلام) وأنّه دخل السرداب في سرّ من رأى، وقد أخفاه الله.
وفي تقديرنا أن اختفاءه وهو حي مكرمةُ له ولكي يختفي عن أنظار السلطة العباسيّة التي سلكت أكثر من طريق لأجل القضاء على عترة آل محمد (عليهم السلام). وليس في الأمر غرابة بعد أن سبقه المسيح والخضر بهذه الظاهرة بأمر الله[3].
5/ وقال السيد أحمد زيني دحلان مُفتي مكة: إنَّ الأحاديث التي جاء فيها ذِكر الإمام المهدي كثيرة متواترة فيها ما هو صحيح وفيها ماهو حَسَن ولكنها لكثره رواتها يُقوّي بعضها بعضاً حتى صارت تفيد القطع بأنّه لابد من ظهوره وأنه من ولد فاطمة.
وقد نبّه إلى ذلك العلاّمة السيد محمد بن رسول البرزنجي ، وأن يوم خروجه هو من أسرار الغيب لا يعلمها إلاّ الله[4].
6/ وقال إسماعيل حقّي: يجتمع عيسى والمهدي (عليهما السلام) فيقوم عيسى بالشريعة والإمامة ويقوم المهدي بالسيف والخلافة. فعيسى خاتم الولاية المطلقة ، كما أن المهدي خاتم الخلافة المطلقة.
7/ وقال القاضي بهلول بهجت: إن الإمام أبو القاسم المهدي ويكون عمره خمس سنوات، ويغيب مرّتين : الأُولى الغيبة الصغرى ، والثانية الغيبة الكبرى، وهو حيّ إلى الآن يظهر إذا أذن اللهُ له يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما مُلئت ظلماً وجوراً.
8/ قال الإمام أبو إسحاق الثعلبي في تفسيره في قصة أهل الكهف، وأخذوا مضاجعهم فصاروا إلى رقدتهم إلى آخر الزمان عند خروج المهدي يُسلّم عليهم، ويُحييِّهم الله عزّ وجلّ له، ثم يرجعهم إلى رقدتهم لا يقومون إلى يوم القيامة[5].
9/ وقال أبو المجد البخاري في رسالة له تضمَّنت مناقبَ الأئمةِ (عليهم السلام): وأبو محمد العسكري وولده محمد (رضي الله عنهما) معلوم عند خواص أصحابه وثقاته. ثم ذكر ولادته.
10/ قال العارف عبد الرحمن: وحيث يظهر المهدي يجعل الولاية المُطلقة ظاهرة بلا خفاء ، ويرفع اختلاف المذاهب وسوء الأخلاق ، حيث وردت أوصافه الحميدة في الأحاديث النبويّة أنّه يظهر في آخر الزمان ويُطهّر تمام الربع المسكون يُطهّره من الظلم والجور، ويُظهِر مذهباً واحداً ويظهر بِمقتضى التقدير الالهي.
11/ وقال الشيخ عبد الله بن محمد الشافعي: الإمام الثاني عشر هو القائم المهدي محمد وقد سبق النص عليه في ملّة الاسلام من النبي (صلى الله عليه وآله) وجده علي (عليه السلام) ومن بقيّة آبائه، وهو صاحب السيف القائم المنتظر ، وله قبلَ قِيامهِ غيبتان[6].
الاُولى: الغيبة الصغرى وتنتهي بوفاة السفير الرابع.
والثانية: الغيبة الكبرى وتبدأ بعد الصغرى إلى أن يأذن الله لهُ بالخروج .
وهو متوافق في الكنية والأسم مع خير الأنام محمد (صلى الله عليه وآله)، ويلقَّب بالمهدي المنتظر، والخلف الصالح، وصاحب الزمان ، وأشارت بعض المصادر التي ترجمت له أن عمره سنتان، وأعطاه الله الحكمة والكرامة منذ الطفولة مثل يحيى بن زكريا سلام الله عليهما ، وجعله في وقت الصبا في مرتبة الإمامة الرفيعة.
وغاب في سرداب سُرُّ من رأى سنة 265هـ وقيل سنة 266هـ على اختلاف القولين في زمن المعتمد العبّاسي.
وبعد أقوال هذه الشخصيات المختلفة النزعات العقائدية في المذاهب الإسلامية فلو سبرنا كتب التأريخ لوجدنا كثيراً من الشواهد والدلالات والروايات على ولادته (عج) واستمرار حياته وجميل صفاته، كما ضمَّت نصوصاً يطول عدّها تعكس إتفاق علماء المسلمين على أنه لابد من ظهوره في آخر الزمان وهو من أهل بيت النبوّة يؤيد الدين ويتبعه المسلمون وينشر القسط والعدل في ربوع الأرض[7].
[1] ص 124/ الصواعق المحرقة وص278 قبسات من سيرة القادة الهداة.
[2] ص 79/ البرهان على وجود صاحب الزمان.
[3] ج3 ص 316/ وفيات الاعيان : لابن خلكان.
[4] ج4 ص138/ سمط النجوم العوالي و279 / قبسات من سيرة القادة الهداة.
[5] ص 332/ منتخب الاثر.
[6] ج4 ص 138/ سمط النجوم العوالي.
[7] ص282/ قبسات من سيرة القادة الهداة.