ولفت التقرير، الذي استند إلى مصادر أمنيّة رسميّة في تل أبيب، إلى أنّ الإسرائيليين يقومون بنشاطاتٍ أمنيّةٍ واسعة النطاق، تصل قيمتها إلى عشرات ملايين الدولارات، وتتركّز في تقديم إرشادات بشأن تفعيل أنظمة أسلحة متطورة، وعتاد استخباري، وتدريب المحليين على العمل على حماية الحدود وعلى إحباط عمليات مثل احتجاز رهائن أو انقلابات أو محاولات لاحتلال أهداف إستراتيجية، مثل المنشآت النفطية.
كما يتناول التقرير عددًا من الأسماء البارزة في الأجهزة الأمنية الإسرائيليّة والتي تأخذ دورًا في هذا المجال، مثل الجنرال المُتقاعد غيورا آيلاند، الرئيس السابق للمجلس للأمن القومي، والجنرال دورون ألموغ، القائد السابق للمنطقة الجنوبيّة في جيش الاحتلال. بالإضافة إلى عدد من الشركات التي تعمل تحت إشراف وزارة الأمن الإسرائيلية مثل “رفائيل- السلطة لتطوير الوسائل القتالية”، وكذلك شركة الصناعات الجوية.
وكتبت الصحيفة أنّ الشركة الدولية AGT السويسريّة، التي أسسها ويُديرها رجل الأعمال الإسرائيليّ- الأمريكيّ، ماتي كوخافي، فازت بعقد تصل قيمته إلى مئات ملايين الدولارات لبناء مشروع تابع للأمن الداخليّ في إحدى الإمارات الخليجية.
ومن ناحية أخرى، كشف مُحلل الشؤون الإستراتيجيّة في صحيفة (معاريف) العبريّة، يوسي ميلمان، كشف النقاب عن العلاقات الأمنيّة بين إسرائيل والإمارات العربيّة المتحدّة، والتي تخضع لإجراءاتٍ خاصّةٍ من قبل الرقابة العسكرية، إذ يُمنع كشف أيّ من تفاصيلها إلى العلن، الأمر الذي من شأنه حماية صادرات "إسرائيل" الأمنية إلى هذه الدولة الخليجية، كما لفت في الوقت عينه إلى أنّ الرقابة العسكريّة تمنه منعًا باتًّا نشر معلوماتٍ عن مناوراتٍ عسكريّةٍ يُجريها الجيش الإسرائيليّ مع جيوشٍ عربيّةٍ لا تُقيم علاقاتٍ دبوماسيّةٍ مع الدولة العبريّة.
وبحسب التقرير، الذي استند إلى مصادر أمنيّة إسرائيليّة، لم يُسّمها لحساسيّة الموضوع، فإنّه يُمكن تقسيم هذه الدول إلى منطقتين جغرافيتين: الأولى تشمل دول القوقاز، من بينها كازاخستان وأذربيجان، اللتان تعتبران حليفتين إستراتيجيتين لـ"إسرائيل" لقربهما من إيران، وتشكلان سوقًا كبيرًا للصادرات الأمنيّة، والتي تقدّر سنويًا بمئات الملايين من الدولارات، أمّا المنطقة الثانية فتشمل دولاً في جنوب شرق آسيا، ومن بينها تايلاند والفيليبين وميانمار، إضافةً إلى سنغافورة والهند.
وشدّدّت المصادر عينها على أنّ الصادرات الأمنيّة والعسكريّة الإسرائيليّة تبلغ حوالي ستة مليارات دولار سنويًا، بما يشمل خدمات أمنية خاصة.
وعمد تقرير الصحيفة إلى تقسيم الدول التي يصل إليها السلاح الإسرائيلي، إلى ثلاث مجموعات: المجموعة الأولى، هي التي تقيم علاقات دبلوماسية مع الاحتلال، حيث لا حرج لدى تل أبيب بأنْ تُعلن عن صفقاتها الأمنية معها، فيما المجموعة الثانية تمثّل دولاً ذات أنظمة استبدادية وتخوض حروبًا وصراعات داخلية أوْ خارجية، تفضّل الرقابة العسكرية إبقاء العلاقة معها غير معلنة، منعًا للحرج الدولي، ومن بين دول هذه المجموعة: أذربيجان، جنوب السودان، ميانمار، رواندا وصربيا.
أمّا المجموعة الثالثة، أكّد التقرير العبريّ، فتمثّل الدول التي لا تُقيم علاقات دبلوماسية مع الكيان الإسرائيلي، وغالبيتها دول عربيّة وإسلاميّة، لديها حساسية تجاه كشف علاقاتها الأمنية مع تل أبيب، الأمر الذي يدفع الرقابة العسكرية إلى فرض تعتيمٍ مطلقٍ على الصادرات الأمنية إليها، حفاظًا على مصالح الصناعة الأمنية نفسها، وحفظًا لوسطاء إبرام صفقات السلاح معها. ولهذا الغرض، منعت الرقابة على مدى سنوات طويلة نشر أي معلومات عن علاقات أمنية بين "إسرائيل" وأبو ظبي.
مع ذلك، أكّد مُعّد التقرير، الخبير الأمنيّ يوسي ميلمان، على أنّ معلومات تنشر بين الحين والآخر عن علاقات تجمع "إسرائيل" بدولةٍ عربيّةٍ لا ترتبط معها بعلاقات دبلوماسية، ومن بينها الكشف عن مسؤول العلاقات خاصة مع أبو ظبي. إذ بات معروفًا أنّ رجل الأعمال ماتي كوخافي، الذي يعمل في شركته مسؤولون كبار سابقون في الجيش، والموساد، والشاباك، والصناعات الأمنيّة، ومن بينهم قائد سلاح الجو الأسبق إيتان بن إلياهو، زار أبو ظبي أكثر من مرّةٍ في السنوات الماضية، إلّا أنّ الرقابة العسكرية مارست الضغط ومنعت نشر تفاصيل الزيارات وأهدافها، لمنع الإضرار بعلاقات إسرائيل الخارجية والأمنية، إضافةً إلى إمكانية تعرض حياة المسؤولين عنها للخطر.
ووجّه ميلمان انتقاداتٍ لاذعةٍ لتصرّفات الأجهزة الأمنيّة في تل أبيب وقال إنّه لا توجد في العالم "دولةً ديمقراطيّةً" أخرى، غير "إسرائيل"، التي تقوم بمنع النشر عن الصفقات الأمنيّة، ولفت إلى أنّ مرّد ذلك يكمن في أنّه لا توجد في العالم قاطبةً دولةٍ أخرى، تقوم فيها المؤسسة الأمنيّة وأذرعها بعمل أيّ شيءٍ وكلّ شيءٍ لمصلحتها، وعمليًا أضاف أنّ المنظومة الأمنيّة الإسرائيليّة هي بحدّ ذاتها دولةً داخل الدولة العبريّة، حيث تعمل بدون حسيبٍ أوْ رقيبٍ من قبل البرلمان أوْ جهات رقابيّة أخرى، لافتًا إلى أنّها تستخدم المحاكم كختمٍ مطاطيٍّ.
رأي اليوم