التكفيريون لا يأتون من العدم

الأربعاء 4 أكتوبر 2017 - 09:33 بتوقيت مكة
التكفيريون لا يأتون من العدم

مقالات - الكوثر

 

عندما يشكك الكثيرون بالرواية الغربية حول وجود جذور في داخل المجتمعات الاسلامية هي التي تغذي الجماعات التكفيرية بدءا من القاعدة وانتهاءا ب”داعش” ، نرى هناك من يتهم هؤلاء بانهم يعانون من عقدة المؤامرة ، التي تُحيل كل الكوارث التي تحل بالعالم الاسلامي الى وجود اياد غربية خفية وراءها.

الجهات التي تشكك بالرواية الغربية حول جذور الجماعات التكفيرية ، تعتقد جازمة ان الجماعات التكفيرية لا تأتي من العدم، بل من الغرف المظلمة التي تديرها الاستخبارات الامريكية و”الاسرائيلية ” والغربية وبعض اجهزة الاستخبارات التابعة لدول عربية واسلامية ، والا من غير الممكن ان تخرج كل هذه الجماعات التكفيرية في ليلة وضحاها بين ظهرني العرب والمسلمين دون ان تثير شكوكا لدى الاجهزة الاستخباراتية والقوات الامنية والجيوش في البلدان العربية والاسلامية.

هذه الجهات تستشهد بتنظيم القاعدة الارهابي ، الذي كان يعتبر من اقوى التنظيمات الارهابية واكثرها انتشارا في العالمين العربي والاسلامي، فهذا التنظيم ما كان له ان يرى النور وينتشر ذلك الانتشار السريع في منطقتنا والعالم ، لولا امريكا وباكستان والسعودية ، فهذه الدول هي التي صنعت القاعدة من اجل قيادة “المجاهدين” العرب لقتال الجيش السوفيتي الذي غزا افغانستان في اواخر سبعينيات القرن المنصرم.

هذه الحقيقة تنطبق على التنظيمات التكفيرية الاخرى التي ظهرت في المشهد الافغاني وتحولت الى ادوات في ايدي الاستخبارات الامريكية والباكستانية والسعودية ، بهدف مواجهة “الجيش السوفيتي الملحد”.

بعد حرب طالت 10 اعوام اضطرت القيادة السوفيتية ان تسحب جيشها من افغانستان بعد الخسائر التي تكبدها على ايدي المجاهدين الافغان ، الا ان الجماعات التكفيرية التي استخدمتها امريكا وباكستان والسعودية في افغانستان بقيت نشطة حتى بعد رحيل السوفيت من افغانستان ، وخرجت طالبان من رحم تلك التنظيمات وفرضت سيطرتها على افغانستان بالكامل بعد ان الحقت الهزيمة بالمجاهدين الافغان.

حقيقة صناعة القاعدة من قبل الاستخبارات الامريكية والسعودية والباكستانية ، ليست اتهاما ، فهي حقيقة بديهية ، اعترفت بها هذه الدول الثلاث ، حيث كانت القاعدة تتلقى الدعم المادي والتسليحي واللوجستي والاستخباراتي والسياسي من قبل امريكا وباكستان والسعودية.

هذا الدعم غير المحدود هو الذي جعل القاعدة ، الطفل المدلل لامريكا ، ان تتغول وتتحول الى كائن مخيف يهدد حتى الدول التي صنعته ، والتي اضطرت في النهاية لمحاربته بعد ان انقلب عليها.

ان استرايجية استخدام التكفيريين لتحقيق اهداف سياسية من قبل جهات دولية واقليمية ، اصبحت استراتيجية اثيرة لبعض الدول في صراعها مع الدول التي تنافسها على المصالح ، كما ظهر جليا في الحرب المفروضة على سوريا وكذلك ما شهده العراق من صراع مذهبي مصطنع تقف وراءه جهات اقليمية ودولية.

من اكثر الدول التي استخدمت الجماعات التكفيرية لتحقق اهداف سياسية هي باكستان ، فقد استخدمت هذا السلاح في صراعها التقليدي مع منافستها الهند ، وكذلك تم استخدام هذه الجماعات في الصراع السياسي الداخلي في باكستان ، الامر الذي كلف باكستان اثمانا باهظة من امنها واستقرارها.

قبل ايام اعترفت امريكا ، وهي احد اكبر حلفاء باكستان في صناعة هذه الجماعات التكفيرية ، وبشكل واضح لا لبس فيه ، ان باكستان  ترتبط بجماعات تكفيرية خطيرة، ارتكبت العديد من الجرائم دون ان تتصدى لها السلطات الباكستانية بشكل جاد.

 رئيس هيئة الأركان الأمريكية المشتركة الجنرال جوزيف دنفورد اعرب يوم الثلاثاء الماضي خلال جلسة للجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ الامريكي عن اعتقاده بأن وكالة المخابرات الباكستانية لديها صلات بجماعات ارهابية ، مثل طالبان الافغانية وشبكة حقاني ، ولم تتحرك باكستان ضد هذه الجماعات الارهابية التكفيرية.

الملفت ان امريكا التي تحاول الظهور بمظهر من يشعر بالاحباط من حليفتها باكستان ، لامتناع الاخيرة عن القيام باي تحرك جاد ضد الجماعات التكفيرية ، هي نفسها تعيد السيناريو الباكستاني في سوريا ولبنان والعراق وليبيا و.. ، فهي تستخدم وبشكل واسع الجماعات التكفيرية كسلاح ضد الدول التي تعارض الهيمنة الامريكية.

استنادا الى ماذكرنا ، بات واضحا ان الجماعات التكفيرية التي تعيث في البلدان العربية والاسلامية فسادا ، لم تأت من العدم، وان كل ما تقوله امريكا والدول الحليفة لها عن صعوبة التصدي لهذه الجماعات او اجتثاثها من جذورها ، ليس سوى اكاذيب الهدف منها ذر الرماد في العيون ، من اجل حجب الرؤيه عن حقيقة الصلات والعلاقات الوثيقة بين استخبارات هذه الدول والجماعات التكفيرية.

المصدر: شفقنا

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

الأربعاء 4 أكتوبر 2017 - 09:25 بتوقيت مكة