كانت السيّدة زينب عليها السّلام ركناً مهمّاً في الاُسرة الشريفة الطيّبة ، وانطلاقاً من صفة العاطفة المثالية التي كانت تمتاز بها فقد كانت تشعر بالمسؤولية عن كلّ ما يرتبط بحياة الاُسرة بجميع أفرادها ، فكانت مفزعاً للكبار والصغار، وملاذاً لجميع أفراد العائلة ومعقد آمالهم. فلعلها كانت تدّخر شيئاً من الماء منذ بداية أزمة الماء عندهم، فكان بعض العائلة يأملون أن يجدوا عندها الماء ، جرياً على عادتها وعادتهم، ولهذا قالت سكينة بنت الإمام الحسين عليه السّلام: عزَّ ماؤنا ليلة التاسع من المحرّم، فجفّت الأواني، ويبست الشفاه ، حتّى صرنا نتوقّع الجرعة من الماء فلم نجدها، فقلت في نفسي: أمضي إلى عمّتي زينب، لعلها ادّخرت لنا شيئاً من الماء. فمضيت إلى خيمتها، فرأيتها جالسة وفي حجرها أخي عبد الله الرضيع وهو يلوك بلسانه من شدّة العطش، وهي تارةً تقوم، وتارةً تقعد، فخنقتني العبرة، فلزمت السكوت خوفاً من أن تفيقبي عمّتي فيزداد حزنها، فعند ذلك التفتت عمّتي وقالت: سكينة؟
قلت: لبّيك.
قالت: ما يبكيك؟
قلت: حال أخي الرضيع أبكاني.
ثمّ قلت: عمّتاه، قومي لنمضي إلى خيم عمومتي،
وبني عمومتي، لعلهم ادّخروا شيئاً من الماء.
قالت: ما أظنّ ذلك.
فمضينا واخترقنا الخيم بأجمعهم فلم نجد عندهم شيئاً من الماء، فرجعت عمّتي إلى خيمتها، فتبعتها من نحو عشرين صبيّ وصبيّة وهم يطلبون منها الماء، وينادون: العطش العطش...