قال العلامة النابلسي في خطبة العاشر من محرم التي ألقاها في مجمع السيدة الزهراء في صيدا:
إننا في هذه الأيام التي نستذكر فيها آلام الإمام الحسين (ع) وأهل بيته وأصحابه فإن آلاماً أخرى يشعر بها كل من اليمنيين والعراقيين والسوريين والفلسطينيين بنحو قاس.
فما زال اليمنيون يتعرضون لحرب ظالمة وحصار اقتصادي وغذائي وصحي أودى بمئات الآلاف من المدنيين جوعاً ومرضاً وقتلاً. فهل في هذا العالم مَن ينصر ويدافع عن اليمنيين ويقول للسعوديين والإمارتيين كفوا عن هذه المجازر وهذه الحرب اليزيدية التي تُخاض باسم الإسلام وباسم الحرمين الشريفين، والإسلام منها بريء والحَرَمَان منها بريئان؟
لأن ما يفعله آل سعود يشبه تماماً ما فعله يزيد من تحريق وتخريب وتدمير، وهذه الأمة العربية والإسلامية التي تصمت وتسكت على الجرائم المرتكبة بحق اليمنيين، هي تشبه الأمةَ التي سكتت على قتل الإمام الحسين (ع).
وفي العراق الذي ما كاد ينتهي من مشروع الفتنة المسمى داعش بفضل تضحيات الحشد الشعبي، حتى خرج مشروعٌ آخر تدعمه أمريكا وإسرائيل والسعودية لتقسيم هذا البلد عبر النزعة الانفصالية للكرد.
إن ّهذا البلد الذي يئنّ من سنين بأزماته، ها هو اليوم يتعرض لضربة جديدة تريدُ النيلَ من وحدتِه وقوتهِ. ولذلك علينا جميعاً أن ننصر العراقيين، وأن نقف إلى جانبهم في مواجهة التحدي الجديد الذي تسعى من خلاله دول متآمرة لزرع إسرائيل جديدة.
وفي سورية الحبيبة التي تعاني الآلام منذ ست سنوات تحتاج منا أن نستمر في وقوفنا إلى جانبها حتى القضاء نهائياً على المؤامرة التي سعت إلى تقسيم هذا البلد وجعلِه حديقةً خلفيةً لكيان العدو الإسرائيلي، وإبعاده من ساحة المواجهة.
والممانعة وإدخاله في دائرة الاستعباد والتبعية، ولكن بحول الله فإنّ المتآمرين يفشلون، وها هو الجيش السوري وحلفائه وعلى رأسهم المقاومة الإسلامية يعيدون لهذا البلد أمنَه واستقرارَه.
وفي فلسطين المنسية، الغائبة، عن مشاعر العرب والمسلمين تتتالى المؤمرات تحت عنوان السلام والتسوية. ونحن لا نعترف بأي من الحلول التي تكرّس الظلم. ولا نقبل إلا بطريق المقاومة الذي يعيد الحقَ لأهله.
بالمقاومة كانت فلسطين أبية، بالمقاومة كانت فلسطين عزيزة. بالمقاومة كانت فلسطين قضية عالمية، قضية الأحرار والأشرافِ والمناضلين. أما حين أراد لها البعض التسوية فتحولت إلى قضية مهملة.
ونحن نراهن من جديد على شعبنا الفلسطيني المقاوم، نراهنُ على أمثال البطل الشهيد نمر الجمل لقيادة التحولات القادمة في فلسطين، ومن لبنان نؤكد على خيار المقاومة، المقاومة التي حمت ودافعت وقدمت الغالي من الدماء الزكية ليبقى لبنان بلداً مصاناً مستقراً، فإلى هذه المقاومة وسيدها وإلى المقاومين الشجعان الذين استقوا من ملحمةِ كربلاء روح الإيمان والصبر والتضحية والفداء، نُقدّم لهم الشكر والإمتنان لأنهم كانوا بمستوى تطلعات إمامهم الحسين (ع) في الإيثار والصلابة والتسامح والمحبة والإخلاص.
ونقول أمام هذه العطاءات الكبرى: ”إن لبنان لا يمكن أن يكون معبراً لمشروع أمريكي _ إسرائيلي. لا يمكن أن يكون إلا معبراً لتحرير فلسطين، وها هم الشباب الكربلائيون يتحضرون لهذه اللحظة عندما يأمر قائدهم الحسيني أن يدخلوا فلسطين محررين فاتحين إن شاء الله.
المصدر: الاجتهاد