أن تدخل العدو الصهيوني يبرز طبيعة ما يحدث في سوريا و يكشف من الذي يقف وراء الأحداث السورية, و التساؤول كذلك يطرحه معارضون سوريون في السعودية و يقولون لمشغليهم طالما المعارضة المسلحة قادرة على إستهداف المواقع التي يريد (الإسرائيلي) إستهدافها فلماذا تدخل (إسرائيل) و لماذا إحراج المعارضة.؟
تدخل كيان العدو الإسرائيلي مر عبر مراحل إرتبطت بتطورات الأوضاع على الارض في سورية, و تدخل كيان العدو كان وفق دوافع غير مباشرة و بسبب ثلاث دوافع مباشرة تم تحييد بعضها من قبل القوات السورية و بعضها لم يتم تحديده, ودوافع العدو الصهيوني الغير مباشرة كانت ترتبط بالحرب النفسية من جهة و من جهة ثانية إحراج المعارضة و الزامها على كشف علاقتها بالإحتلال الصهيوني على أمل فرض أمر واقع بعد نهاية الأزمة و خلق تنظيمات في سوريا تشبه القوات اللبنانية في لبنان و كذلك جس نبض سوريا لفرض منطقة عازلة في الجنوب السوري حين كان داعش ورقة قوية يسيطر على مناطق واسعه في سوريا, و لكن الاهداف المباشرة كانت في جهة ثانية حيث أن كيان الإحتلال الصهيوني له ثلاث دوافع مباشرة لتدخلاته بعضها يخص الاحتلال نفسه وبعضها بطلب أمريكي له علاقة بالحرب السورية وأهم هذه الدوافع هي:
1- الدافع الأول هو هدف صهيوني بحت له علاقة بالصراع العربي الصهيوني والهدف منه تصفية العقول السورية، وكان التدخل الإسرائيلي مباشر عبر قيادة العمليات كالهجوم على البحوث العلمية في حلب وعبر تقديم معلومات للمجموعات المسلحة كإغتيال بعض علماء سوريين، وتنفيذ اعمال من قبل الموساد ومحاولات إغتيال قيادات بارزة وشخصيات لها علاقة بالصراع العربي الصهيوني وحتى بمشاركة الطيران كما حدث حين تم قصف جمرايا والهدف الرئيسي البحوث العلمية السورية والعقل السوري، ولكن خلال الحرب السورية ما قدمته البحوث العلمية السورية أثبت أن كل الاهداف التي ضربها العدو مباشرة او عبر المجموعات المسلحة التي اشرف على عملياتها ضباط موساد إنتهت بالفشل ولم تحقق إنجازات تذكر.
2- الدافع الثاني له علاقة بإدارة العمليات من قبل التحالف الأمريكي وبرز التدخل الإسرائيلي والأمريكي في محاولات رسم خطوط حمراء للجيش العربي السوري لمنعه من التوغل في البادية أو بإتجاه السخنة على طريق دير الزور ولكن سقطت الخطوط الحمراء الأمريكية نفسها والمرة الأولى كانت بعد الوصول الى الحدود العراقية والمرة الثانية بعد تحرير السخنة وبدء الزحف الى دير الزور والمرة الثالثة بعد عبور نهر الفرات فيما يتم التحضير للمرة الرابعة في حال استمرت ما تسمى بـ "قوات سورية الديمقراطية" بمحاولة عرقلة الجيش، بحيث سيتم قصفها تحت الكاميرات الأمريكية وتم إبلاغ الأمريكي بأن خطوطه الحمراء موجودة في رأس ترامب لا أكثر ولا أقل.
3- الدافع الثالث وهو الدافع الرئيسي للغارات التي شنها العدو مؤخراً على مصياف وعلى مطار دمشق الدولي لها علاقة بالحرب القادمة على لبنان، والتي يخطط لها العدو منذ عدوان تموز حتى الآن ولم يستطيع حتى الساعه ضمان أي نجاح فيها.. وما يشغل العدو الآن هو هل حزب الله قادر على خرق الجليل في ظل عجز الإحتلال عن توجيه ضربات إنتقامية؟ وهل سيملك غطاء جوي؟ ولفهم هذا الأمر يجب توضيح بعض الإمور التقنية قبل التحضير للحرب ومثال ذلك هو حرب تشرين التحريرية، حيث قال أحد الخبراء الروس الذين شاركوا بالتحضير للحرب بأنه طلب من الطيران المصري إستفزاز الدفاع الجوي الصهيوني ليتم رصد تردد الردارات القتالية الصهيونية التي كانت في حينها قمة الصناعات الأمريكية والتي حتى فرنسا وبريطانيا لم تكن تملكها، وقام الطيران المصري بثلاث غارات مدروسة حتى نجح الأمر، حيث قام الطيران المصري بتنفيذ غارات وهمية على العدو تشبه التحضير لغارة و في الغارتين لم يقوم العدو بتشغيل رادارته رغم خطورة الغارات المصرية، وفي الغارة الثالثة ما أن إقترب الطيران المصري من حدود فلسطين المحتلة حتى إشتغل الرادار الصهيوني لتلقط موجته طائرة إستطلاع روسية كانت موجودة في الأجواء، وبناء على تلك المعلومات بدأت حرب تشرين التحريرية بعد أيام.. وتمكن طيار روسي من التحليق فوق تل أبيب بواسطة طائرة ميغ 25 دون أن تتمكن المضادات الأمريكية والصهيونية من إسقاط الطائرة.
وفي الحرب اللبنانية تمكن العدو الصهيوني من الإنتقام حين خدع الدفاع الجوي السوري في لبنان بطائرات دون طيار مصممة ليتم رصدها على انها طائرات مقاتلة كشف الرادار السوري للمقاتلات الصهيونية التي جاءت خلف الطائرات المسيرة ومعها طائرة إستطلاع وأدى الأمر الى تدمير القاعدة السورية.
وما يقوم به العدو الصهيوني اليوم يقع في خانة إستفزاز سورية بشكل مباشر ليجبرها على تشغيل منظومتها القتالية من جهة، ومن جهة ثانية معرفة قدرة الصواريخ السورية على حماية أجواء لبنان في حال الحرب الشاملة التي أعلن عنها منذ إجتماع الرئيس الإيراني السابق احمدي نجاد وسيد المقاومة والرئيس السوري في دمشق ومعرفة إذا كان حزب الله يملك منظومة دفاع جوي، ولكن هل نجح العدو وما هي نتيجة ما قام به العدو الذي جازف بوقوع طياريه بالأسر لأجل هذه الهدف.؟
الرد السوري جاء مدروس بشكل دقيق جداً و ملائم لأوضاع سوريا التي تقاتل الصهيوني عبر داعش والنصرة وأدوات الاحتلال فحين كان العدو الصهيوني يتدخل لفرض أمر واقع في الجنوب و يقاتل مع عملائه تم إسقاط طائرة صهيونية وإصابة أخرى بصاروخ واحد وبطريقة لازالت مجهولة تماماً علماً بأن صاروخ اس 200 المستعمل حينها قابل لاعادة التوجيه بعد الاطلاق.
ولكن مع تحديد موعد أكبر مناورات للإحتلال شمال لبنان وإقتراب إفراغ حاويات الأمونيا كان من المتوقع أن يتطاول الإحتلال و لهذا الأمر تم ربط الرادارات الروسية بالرادارات السورية وذلك يمكن سوريا من حماية أجوائها تماماً دون الحاجة لكشف أوراق قوتها وفقط بالإعتماد على الانذار المبكر الروسي، وتم فعلاً حماية الأجواء السورية و الإحتلال بدأ يستعمل الأجواء اللبنانية لاستفزاز سورية والصواريخ المجنحة جو ارض لضرب سورية، ولكن في الغارة الأخيرة قامت سورية بما تعجز عنه الإدارة الأمريكية ومنظومات الإحتلال وهو إسقاط صاروخ جو أرض قبل ان يصل الى هدفه في حين أن الإدارة الأمريكية وكيان الإحتلال الصهيوني عجزوا عن التصدي لصواريخ غزة قليلة السرعة، وفي حين قال نشطاء على الانترنيت ان الصاروخ هو اس 200.. وقال البعض انه بوك ام ولكن الفيديو الذي تم بثه يظهر صاروخ من الصواريخ المحمولة على الكتف وليس صاروخ تم إطلاقه من منصة وصاروخ قصير المدى وليس متوسط او بعيد المدى وتمكن من إصابة الصاروخ الإسرائيلي بدقة متناهية، ليتحول الإختبار الصهيوني للدفاعات الجوية السورية الى معظلة صهيونية جديدة على كيان العدو الصهيوني أن يأخذها بعين الإعتبار، وخصوصاً أن وزير الدفاع الامريكي الأسبق قال بنفسه إن إسقاط صاروخ بصاروخ يشبه إسقاط رصاصة برصاصة فهل سيعتبر العدو أم أنه بسبب التطورات التي تهدد وجوده لا خيار أمامه سوى المجازفة؟ ومن يراجع أرشيف صحافة الإحتلال يدرك عمق الأزمة التي سيعيشها الإحتلال بعد إسقاط صاروخه بواسطة صاروخ محمول.
جهينة نيوز