والجدير بالذكر أن الفتاة النرويجية من أصل عراقي، فاتن مهدي الحسيني، ستتولى مهمة تقديم برنامج يعتبر حساسا في البلاد، نظرا لأنه يمس الشباب أولا ثم السياسة.
وقالت الصحيفة، في تقريرها بحسب "عربي"21، إن هذا البرنامج يهدف إلى تمكين الشباب النرويجي من تطوير أساليب إبداء الرأي، فيما يتعلق بالاختيارات السياسية قبيل انطلاق الانتخابات التشريعية. وقد رحبت الأقليات في النرويج بتولي مسلمة محجبة تقديم مثل هذا البرنامج التلفزي، فيما استنكر معظم أطياف المجتمع النرويجي ذلك، مما أدى إلى فتح الباب على مصراعيه أمام جدل واسع.
وذكرت الصحيفة أن مؤسسة الإذاعة والتلفزيون النرويجية "آن آر كاي"، تلقت في ظرف أقل من أسبوعين، وتحديدا منذ منتصف شهر آب / أغسطس، قرابة خمسة آلاف شكوى من عدد من متابعي القناة، عبروا من خلالها عن غضبهم في حين انتقدوا قرار إدارة القناة التي سمحت لفتاة مسلمة ومحجبة بتقديم أحد البرامج التلفزية. عموما، يعد هذا الأمر سابقة من نوعها في النرويج.
وتجدر الإشارة إلى أن هذا البرنامج موجه أساسا إلى العامة الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و29 سنة، وذلك بغية مساعدتهم على حسن اختيار من يمثلهم قبيل الانتخابات التشريعية المزمع إجراؤها في 11 من أيلول/ سبتمبر القادم. وفي هذا الإطار، ستقوم فاتن مهدي الحسيني باستضافة قادة جميع الأحزاب المتنافسة، كما أنها ستعمد إلى طرح العديد من الأسئلة على خبراء وصحفيين فيما يتعلق بجملة من القضايا السياسية.
ونقلت الصحيفة على لسان رئيس التحرير المختص في البرامج الشبابية، هاكان موزليت، الذي حاول تفسير سبب اختيار القناة لمسلمة محجبة للقيام بهذا الأمر، أن "الهدف من ذلك مساعدة الشباب النرويجي على إبداء رأيه بشكل فعال وناجع قبيل انطلاق الانتخابات، إضافة إلى مكافحة ظاهرة الامتناع عن التصويت". وأضاف موزليت أنه "ولتحقيق ذلك، استقر الاختيار على فاتن مهدي الحسيني، نظرا لأنها من جهة تعد طرفا في خضم قضية الاندماج في البلاد، مما يجعل منها شابة فريدة من نوعها. ومن جهة أخرى، لا ينطوي موقف الحسيني على وجهة نظر محددة فيما يتعلق بالعديد من القضايا الأخرى مما يجعل منها مواطنة عادية".
والجدير بالذكر أن فاتن مهدي الحسيني قد اقتحمت الساحة الإعلامية منذ صيف سنة 2014. وأمام قرابة خمسة آلاف متظاهر خرجوا للتنديد بالإسلام الراديكالي، وصفت فاتن، التي كانت تبلغ من العمر آنذاك 19 سنة، كل من مقاتلي تنظيم الدولة ونشطاء الحركة السلفية النرويجية "بروفيدنس أمة" بأنهم "عباد للشيطان". عقب ذلك، شاركت الحسيني في العديد من النشاطات ضد التطرف وفرض الرقابة الاجتماعية على أبناء الطائفة الإسلامية في البلاد. ونتيجة لذلك، تعرضت الحسيني لتهديدات قبل أن تتلقى حماية من قبل الشرطة.
وأفادت الصحيفة أنه في 11 من آب/ أغسطس، أكدت فاتن الحسيني لصحيفة محلية نرويجية، أنها مستعدة لتقبل ردود الفعل التي ستتواتر حول برنامجها التلفزي تحت عنوان "فاتن تختار"، حيث قالت: "مما لا شك فيه أنني سأتعرض لانتقاد شديد لأنني سأصافح أيدي الرجال، كما أنني أرتدي الحجاب، ناهيك عن أنني أتحدث كثيرا...أنا أعتبر نرويجية إلى حد النخاع بالنسبة للأقليات، وأجنبية عن المجتمع النرويجي بالنسبة للنرويجيين الأصليين. لذلك، أحس كأنني عالقة بين ثقافتين مختلفتين. ولكن، يوجد الكثير من الأشخاص مثلي تماما".
ومن المثير للاهتمام أن حجاب فاتن الحسيني يعد السبب الرئيسي وراء الجدل الواسع حول توليها تقديم برنامج تلفزي. وقد تزامن ذلك مع انطلاق حملة الانتخابات التشريعية التي وصفت بالعدوانية، حيث يعمل الحزب الشعبوي "حزب التقدم" على وضع يده من جديد على القضايا المتعلقة بالهجرة وسياسة الاندماج، بعد أن مرت أربع سنوات منذ مشاركته في الحكومة من خلال تحالف سياسي مع اليمين.
وفي الختام، ذكرت الصحيفة أنه من بين الخمسة آلاف شكوى التي وصلت إلى مقر القناة، كانت 70 منها موجهة إلى المعني بإقامة المساواة ومكافحة التمييز. وفي هذا الصدد، ذكرت المستشارة ترين ليجون أن "الذين اتصلوا بنا ذكروا أن "آن آر كاي" تقبل الحجاب على شاشاتها، وترفض الصليب"، في إشارة لحادثة جدت سنة 2013، حيث طلبت القناة من إحدى الصحفيات إزالة الصليب الذهبي الذي يحيط برقبتها خلال ظهورها على الهواء.