سيطرة للجيش هنا وهناك تكاد لا تتعدى عدة أسطر بخبر صاغه أحد محرري الأخبار، لكن هذه السطور تخفي في طياتها كم هائل من الحكايات المشوقة، تصلح أن تروى لعدة أجيال قادمة.
“محمد” جندي في الجيش السوري انضم مؤخراً لأحد الكتائب المقاتلة في الحرس الجمهوري التي تعمل على محور بلدة عين ترما روى لدمشق الآن بعض المواقف التي مر بها خلال 30 يوماً من قتال المجموعات المسلحة في البلدة.
يقول محمد: “وصلنا في الظهيرة لموقع العمليات على أصوات صواريخ الفيل وكثيراً من الغبار، ألتقى بنا القائد الميداني وأطلعنا بشكل مختصر على وضع الجبهة وحاول أن يستنهض هممنا المرتفعة بالأصل”.
كلف “محمد” ورفاقه بمهمة عسكرية إنسانية، وهي سحب جثامين عدد من الشهداء من تحت أنقاض كتلة بناء فجرها المسلحين بمجموعة متقدمة للجيش السوري في وقت سابق، عدة محاولات سابقة لسحب الجنود الشهداء بائت بالفشل، لكون المنطقة برمتها مقنوصة ومن المستحيل التقدم البري للمشاة بها، فجاء الأمر من قائد القطاع بحفر نفق بأسرع وقت ممكن لسحب الشهداء.
يقول “محمد”: “وصلنا الليل بالنهار لتنفيذ المهمة الموكلة لنا، فقد حفرنا بعمق 4 أمتار ومسافة 15 متراً للموقع المنشود وتمكنا من استرجاع جثامين رفاقنا الشهداء، بظروف أكثر من معقدة، أبرزها الحرارة الشديدة ونقص الأوكسجين”.
عقيدة الجيش السوري لا تسمح له بترك الجنود الشهداء في ساحة المعركة حتى وأن سقط شهداء آخرون في مثل هذه المهمات، كذلك يجب الاستفادة من كل الظروف والارتجالات فالنفق الذي حفره الجنود وبعد زيارته من قبل القائد الميداني، قرر توظيفه لخدمة العملية العسكري، فجاء الأمر بمتابعة الحفر بعمق 35 متراً، للوصول إلى كتلة بناء استراتيجية يجب السيطرة عليها.
وبالفعل بعد عمل مضني لعدة أيام تمت السيطرة عليها، بمفاجئة المجموعات المسلحة والخروج من خلف خطوط دفاعهم وقتل معظم من تواجد بالكتلة من المسلحين، هذه الخطوة مهدت لدخول الجيش السوري واستكمال سيطرته على كامل الحي الملاصق لكازية سنبل فيما بعد.
“محمد” ورفاقه كلفوا بمهمة التثبيت في خندق ومتاريس انشأوها لحماية ما تمت السيطرة عليه، يقول “محمد” : “تصدينا لسبع هجمات نفذها مسلحون، كانت شرسة وعنيفة، لكن صمدنا وقاتلنا بروح جسد واحد، فكتب لنا النصر العظيم، فقط أصيب أحد الرفاق إصابة متوسطة”.
ختم المقاتل “محمد” كلامه بعبارة: “هذه أرضنا فوق التراب وتحت التراب هذه أرضنا، سوف نسترجعها ولو بعد حين”.
هذا مقتطف من حكاية ل 30 يوماً من المقاومة والقتال بنقطة صغيرة لمجموعة صغيرة من الجنود، فكم من الحكايات غيبت ما بين الحروف والسطور؟.
محمد كحيلة - دمشق الآن