آلام كثيرة أوجعت القلوب خلال سنوات الحرب السبع، ولكن الأمل يكبر هذا العام فالنصر اقترب وبشائر السبع الثمان تلوح في الأفق، والالام التي كانت تعتصر قلب كل سوري على وطنه الجريح، تتحول الى آمال بالنصر القريب.
يمر عيد الأضحى على السوريين هذا العام بتحسن أمني بشكل نسبي على امتداد الجغرافيا السورية، وسط تقارير تتحدث عن بدء عودة بعض المهجرين الى ديارهم بعد أن تمكن الجيش السوري من تحرير مناطق واسعة خلال العام الحالي، ومن حلب الى دمشق فاللاذقية يبدو العيد هذا العام مختلف عن الأعوام السابقة، والتفاؤل يمكن قراءته بسهولة على أوجه السوريين.
في صباح اليوم الأول من عيد الأضحى كانت الحركة في اللاذقية خفيفة بالمجمل، محال كثيرة أغلقت أبوابها، باستثناء محال الأطعمة والحلويات، وحدها مقابر الشهداء شهدت اكتظاظا كبيراً، اذ يكاد لا يخلو بيت في هذه المدينة الساحلية من شهيد أو أكثر حتى أصبحت المدينة تلقب بـ " مدينة الشهداء".
يحمل العيد عند السوريين كثيرا من ذكريات الماضي وأمل بالمستقبل، بدءا من أجواء التسوق والسهر والزيارات العائلية، وصولا الى حلويات العيد التي لها النصيب الأكبر من الاهتمام والتحضير عند العائلة السورية، فلا يمكن أن يمر العيد من دون أن تفوح رائحة الحلوى من كل بيت، بالرغم من الأسعار التي تفوق المعقول. وظروف الحرب التي تتعرض لها البلاد من قبل الجماعات الارهابية جعلت من بعض العائلات السورية تنسى العيد والحلويات والملابس الجديدة، ولكن هذا العام الاستقرار النسبي التي بدأت تعيشه البلاد أحيا الأمل في نفوس السوريين، يقول أحمد العسكري الحلبي العائد من جبهة البادية المشتعلة "ست سنين مضت ولم استطع ان أعيش أجواء العيد مع عائلتي، ولكن وبفضل تحرير حلب نهاية العام الفائت سنعيش أجواء عيد الاضحي بين الاهل في مدينتنا هذا العام"، يضيف الشاب الثلاثيني "تركت أصداقائي في السخنة الوضع وبفضل الله يسير الى أحسن، كل يوم هناك تقدم، وفلول تنظيم داعش انكسرت شوكتهم في المنطقة، وفك الحصار عن مدينة دير الزور اقترب كثيرا".
وعلى الرغم من الوضع المادي الصعب لأغلب العائلات السورية، وتزامن العيد مع عدد من الاستحقاقات للعائلة السورية من ناحية بدء العام الدراسي والانشغال بالتحضير للمدارس والتحضير للمؤن الشتوية، ولكن أصر السوريون على ادخال رهجة العيد لقلوب ابنائهم، رغم أن طقوس العيد هذا العام تغلب عليها المظاهر الروحانية عن المظاهر المادية، تقول فاتن المهندسة و الأم لثلاثة أولاد "رغم الوضع المادي الصعب أسعى جاهدة لكي يشعر أولادي بفرح عيد الاضحى المبارك سواء بشراء ثياب العيد الجديدة اوالتحضير لحلوى العيد او زيارة الحدائق والاقارب"، وتضيف" نعم الحرب أثقلت كاهلنا ولكن فسحة الأمل موجودة بهمة رجال الجيش العربي السوري الذي اعاد الامن والامان لبلادنا".
ابو حسن تاجر حلبي يعيش في مدينة اللاذقية منذ سنوات يقول لمراسل الوقت:" كنت اتمنى ان احج الى بيت الله هذا العام، لكن ما عسانا ان نقول وقد منعتنا السعودية عن بيت الله، وسدت جميع السبل في وجهنا، اذ لم يكتفي المال الخليجي بتدمير بلدنا ودعم الجماعات الارهابية، بل عطلت فريضة الحج و صدتنا عن بيت الله، ومنعت المسلمين السوريين من أدائها للعام السادس على التوالي، وذلك عن طريق تعطيل الإجراءات اللازمة بهذا الشأن، متجاوزة بذلك كل الاعتبارات الدينية والادبية ومعطلة جميع المواثيق المتعارف عليها بهذا الخصوص والتي توقع سنويا مع الدول الاسلامية، وبالتالي منعتني ومنعت كل السوريين من أداء فريضة الحج".
لم يختلف الوضع عند ناهد العائدة مع اطفالها من ألمانيا الى سوريا بعد غياب 5 سنوات، تقول الطبيبة السورية:" لأول مرة أولادي سيزورون بلدهم بعدما أجبرنا على ترك قرانا، ولكن بفضل سواعد رجال الجيش السوري سنعيش فرحة عيد الأضحى المبارك هذا العام بين أهلنا وفي قرانا المحررة في ريف اللاذقية الشمالي، صباح العيد في قرانا له طعم أخر، حيث يتجول الأطفال في الحي ويمرون على بيوت الجيران بزيارات قصيرة لا تتجاوز كل زيارة منها الوقت الكافي لاستلام قطعة الحلوى وبعض النقود "العيدية"، تضيف "نعم اشتقت لبلدي وكل أوروبا لا تعادل حبة تراب من سوريا".
فرحة السوريين في هذا العيد كانت فرحتين فرحة بعيد الاضحى المبارك وفرحة أخرى صنعها منتخب سوريا لكرة القدم، اذ ترقبت انظار السوريين على اختلاف مشاربهم مبارة فريقهم الوطني مع قطر ضمن التصفيات المؤهلة لكأس العالم "روسيا 2018" واقترب حلم السوريين لأول مرة لدخول هذا المحفل الدولي الهام بعد الفوز الكبير على قطر (3-1)، اذ اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي بصور العلم السوري وصور المنتخب وعبر كثير من السوريين عن فرحتهم بهذا الانتصار وبقي للمنتخب السوري مبارة واحدة أمام المنتخب الايراني ليصبح على اعتاب كأس العالم.
الوقت