تأتي اهمية معركة تلعفر وتحرير القضاء, في كونه المركز الذي تجمع فيه الارهابيون قبل دخولهم الى العراق عام 2014 م ومنه انطلقوا الى بقية المناطق, وهو عمقهم السوقي الى سوريا وتركيا, وفي تحريره تكون نينوى قد تحررت بالكامل. كما ان القضاء هو الاكبر بين اقضية العراق, ويضم 200 الف نسمة, ومساحته 35 الف كم 2 وهو نافذة العراق التجارية مع سوريا وتركيا. و القضاء يحاذي حدود اقليم كوردستان العراق, والمناطق المتنازع عليها, فيما تواجد حزب العمال الكوردستاني (المعارض لتركيا ) في قضاء سنجار القريبة, بدعوى وجود قوات ارهابية في هذا المكان, وكان حزب العمال الكردستاني قد شكل قواتا محلية في سنجار تحت اسم وحدات مقاومة سنجار في عام 2015 وهي قوات قوامها نحو 5000 آلاف وتضم مقاتلين من الرجال والنساء وتلقت التدريب على أيدي مقاتلي (الحزب المحظور) لمحاربة تنظيم داعش. ويتهم المسؤولون في الاقليم العمال الكردستاني، بتنفيذ أجندات معادية لكردستان في سنجار, فيما تسعى الحكومة العراقية الى أخراج قوات (ال ب كي كي) من سنجار بعد تحرير قضاء تلعفر وطرد داعش منها.
وشاركت في معركة تلعفر معظم صنوف الجيش العراقي والشرطة الاتحادية ومكافحة الارهاب وقوات الرد السريع فيما شارك (12) لواءا من الحشد الشعبي وبعدد عشرين الف مقاتل, تلقوا تدريباتهم بالقرب من بحيرة الرزازة في مناطق تشابه مناطق تلعفر وما حولها.
ويعود سر الانتصارات السريعة التي تحققت في معركة تلعفر في يومها الثالث, ووصول جميع المحاور الى الاهداف المرسومة الى الاسباب التالية:
1- لم تشهد المعارك السابقة الني خضناها ضد الارهاب تنظيما كالذي شهدناه في معركة تلعفر, حيث تدفقت القطعات العسكرية العراقية بكل صنوفها وتشكيلاتها من خمسة محاور, أقفلت على القضاء من جميع جهاته, ثم انطلقت في سياق منظمة الى اهدافها في وقت واحد, حيث يعتبر هذا التخطيط هو الاصعب في المنظور العسكري, لان الاسلحة ومدياتها لابد أن تخضع الى دقة متناهية, وما تسمى في المصطلح العسكري عملية (قطع النار) إذ ممكن أن تصل بعض المديات الى الجانب الاخر وتصيبه بالضرر.
2- تمثل معركة تلعفر الصولة الاخيرة لقواتنا الباسلة في تحرير مناطق محافظة نينوى, وبدا اصبحت لدينا وفرة في العدد والعدة.
3- اكتسب مقاتلونا خبرة كبيرة في المعارك مع الارهاب, أمتدت من معركة جرف الصخر فديالى فصلاح الدين ثم الانبار ثم الموصل, وشهدوا الارهابيين وهم يفرون امامهم تاركين اسلحتهم وقتلاهم وجرحاهم وعدتهم ووثائقهم.
4- توفرت لدى الاجهزة الامنية وفرة من المعلومات عن التنظيمات الارهابية, وحركتهم وسياقات تنظيماتهم, وقياداتهم, من خلال الوثائق والبيانات التي تركوها, والاسرى واجهزة الاتصالات .
5- سهّلت عمليات التحرير التي قامت بها قطعات الحشد الشعبي باسترجاع مطار تلعفر وحوالي 127 قرية محيطة بالقضاء, وقطع ارتباط مركز القضاء مع مركز الموصل والمناطق الاخرى في ديالى وصلاح الدين والانبار, مما مهد للمعركة الاخيرة على تلعفر.
6- خسر الارهابيون النخب من مقاتليهم في المعارك السابقة التي استرجعت فيها قواتنا الامنية مناطق عديدة كانت بحوزتهم.
7- استخدام اسلحة حديثة من مدفعية ودروع, واجهزة استطلاع وطائرات مسيرة أكثر تطورا عنها في المعارك السابقة.
8- الانتصارات الاخيرة التي حققها الجيش السوري على التنظيمات الارهابية وكذلك الطيران الحربي الروسي في داخل سوريا, قد أضعفت التنظيم الارهابي وقطعت عليه أي وسيلة للارتباط والدعم .
9- تغيّر الموقف التركي, اتجاه التنظيمات الارهابية بعد أن كان مصدرا لتوريدهم بالافراد والعتاد والدعم الاقتصادي.
10- لم يستفد كثيرا التنظيم الارهابي من الاهالي كدروع بشرية نظرا لقلة عددهم ولخبرة قواتنا الامنية في عزل الاهالي بواسطة الطيران والمدفعية في تقطيع اوصال المدينة. كما ساعدت الفضاءات المفتوحة خلف القضاء في امكانية السيطرة على النازحين وابعادهم عن الاسلحة الخفيفة للارهابيين وكذلك سهولة اسكانهم.
11- شكّلت مشاركة قوات الحشد الشعبي الرقم الاكبر في المعادلة العسكرية في معركة تلعفر, حيث شارك عشرون الف مقاتل من الحشد من أصل 40الف مقاتل لبقية القطعات العسكرية المشاركة مما أضاف قوة قتالية ومعنوية للمعركة.
12- الضربات الجوية للقوة الجوية العراقية وطيران الجيش قد مهدت كثيرا للمعركة حيث كانت مؤثرة ودقيقة, وحطمت جميع خطوط الصد التي أعدها الارهابيون .
13- تولدت لدى جميع الاهالي سواء في مدينة الموصل أو بقية مدن العراق الاخرى, قناعة أن الارهاب لادين له, ولا أخلاق, لذا تعاون الجميع مع القوات الامنية من أجل الخلاص منه.
المحلل السياسي العراقي محمود الهاشمي
المصدر: الوقت