بعث وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف، رسالة الى مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الاوروبي فدريكا موغريني والمدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية يوكيا امانو، اعتبر فيها ان محاولات واشنطن للضغط على الوكالة الدولية للطاقة الذرية تشكل انتهاكا لروح ونص خطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي).
وأكد ظريف في هذه الرسالة التي بعثها في تاريخ 19 اب/اغسطس الجاري، ان على الوكالة الدولية للطاقة الذرية وبناء على نص الاتفاق النووي والقرار 2231، ان تحتفظ بحياديتها وان تمتنع عن نقل المعلومات السرية عن النشاطات النووية الايرانية الى طرف ثالث.
وطلب ظريف من موغريني بصفتها منسقة اللجنة المشتركة للاتفاق النووي بأن توزع هذه الرسالة على اعضاء اللجنة وان تدرج قضية زيارة مندوبة امريكا في منظمة الامم المتحدة "نيكي هيلي" الى مقر الوكالة الدولية للطاقة الذرية في فيينا على جدول اعمال الاجتماع القادم للجنة.
يذكر ان هيلي التي توجهت الى النمسا امس الاربعاء للقاء امانو، ذكرت ان زيارتها تهدف الى "الضغط على الوكالة الدولية للطاقة الذرية" وبحث ما إذا كانت الوكالة الدولية للطاقة الذرية تعتزم تفقد مواقع عسكرية إيرانية للتحقق من التزام طهران بالاتفاق النووي.
وفيما يلي نص الرسالة:
ايها السادة!
ان الهدف من كتابة هذه الرسالة هو لفت انتباهكم الى الخطوة الامريكية الجديدة ضد الاتفاق النووي والقرار 2231 الصادر عام 2015 عن مجلس الامن الدولي. تلك التي ان لم يتم تقويمها فانها ستتحول الى تحد لمصداقية الوكالة الدولية للطاقة الذرية .
قد انتشر على نطاق واسع بان ممثلة اميركا الدائمة في الامم المتحدة تنوي التوجه الى فيينا " لمناقشة هواجس الادارة الاميركية مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية فيما يخص النشاطات النووية الايرانية" لكي " تمارس الضغط على الوكالة الدولية للطاقة الذرية فيما يخص التزام ايران بالاتفاق ".
ورغم ان المسؤولين الامريكيين احرار لزيارة فيينا او اي مكان اخر وان الوكالة الدولية ايضا من حقها استقبال مختلف الشخصيات، لكن الهدف المعلن لهذه الزيارة بشكل اجمالي، يثير المزيد من القلق حيال انتهاك نص وروح الاتفاق النووي والقرار 2231 الصادر عن مجلس الامن الدولي اكثر من ذي قبل، وهذه المرة لن يقتصر على ذلك بل سينال من مصداقية الوكالة الدولية التي تتسم باهمية حيوية على صعيد حظر الانتشار النووي وتطبيق الاتفاق النووي.
من جهة فان هذه الزيارة وقبل القيام بها تم التخطيط والاعلان العام عنها بشكل لتنشر بشكل متعمد عدم الثقة وتثير الشكوك حول الالتزام والاستمرار المستقبل للاتفاق النووي بين الدول الاخرى والقطاع الخاص، ولترسل رسالة ستكون تبعاتها سلبية بشكل واضح على التطبيق الناجح للاتفاق النووي. وبناء على ذلك فان هذا انموذج اخر عن سوء نية الادارة الامريكية بهدف تقويض مصالح ايران المنصوص عليها في الاتفاق.
ولا يخفي ان هذا التوجه كان التوجه السائد دوما على توجهات الوكالة والمنظمات الامريكية المختلفة منذ ان كانت المفاوضات جارية بشان الاتفاق، وقد اشتد هذا التوجه في الادارة الحالية اكثر من ذي قبل وبات اكثر صرامة وعلانية. وكما ذكرت في مراسلاتي السابقة مع الممثلة العليا ( موغيريني ) فان هذه الخطوة تتعارض مع نص وروح الاتفاق لاسيما البنود 26 و 28 و 29 .
اضافة الى ان هذه الزيارة بهدفها المعلن، تتعارض ايضا مع العديد من بنود الاتفاق وقرار مجلس الامن الدولي فيما يخص دور الوكالة الدولية وضرورة صيانة استقلاليتها والمعلومات السرية التي توضع في متناولها. ان مجلس الامن الدولي يؤكد بوضوح على " الدور الضروري والمستقل للوكالة الدولية للطاقة الذرية على صعيد التحقق من صدقية الالتزام بالضمانات المقدمة".
للاسف فان هذه الزيارة بهدفها المعلن " الضغط على الوكالة الدولية" ينظر اليها من قبل المجتمع الدولي على انها محاوملة صارخة وفاضحة لعضو من اعضاء مجلس الامن الدولي – يعارض بشكل فاضح ويعادي الاتفاق النووي وعازم على اضعافه وتدميره- لممارسة الضغط على الوكالة الدولية والتاثير السلبي على ماهيتها الحرفية وحيادية عمل الوكالة الدولية للطاقة الذرية حيال تطبيق المهام المناطة اليها وفق القرار 2231 الصادر عن مجلس الامن الدولي وقرارت مجلس الحكام، وبالتالي النيل من استقلالية ومصادقية الوكالة الدولية.
من الضروري التاكيد على انه – كما تم التصريح في الاتفاق النووي والقرار 2231 – فان الوكالة الدولية للطاقة الذرية يجب ان لا تحول دون "التنمية الاقتصادية والفنية لايران" وان " تراعي الامور الامنية قيذ التنفيذ والحقوق الشخصية" وان " تتخذا الاجراءات الاحتياطية لصيانة الاسرار التجارية والفنية والصناعية وكذلك المعلومات السرية التي تحصل عليها". اي مساعدة للتوجه الضار الذي تنتهجه الادارة الامريكية لاضعاف "التطبيق الناجح" للاتفاق، او مشاركة المعلومات الخاصة بايران ونشاطاتها النووية مع اطراف اخرى مثل ممثلة الحكومة الامريكية، اكثر من المعلومات العامة التي يقدمها الامين العام الى مجلس حكام الوكالة الدولية للطاقة الذرية، سيكون خارج نطاق الاتفاق آنف الذكر.
انا واثق بان الامين العام وفريقه سيتعاملون مع هذه الزيارة واي محاولة مماثلة باحترافية وبمنتهى الامانة. اطلب من الممثلة السامية للاتحاد الاوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الامنية باعتبارها منسقة اللجنة المشتركة، ان توزع هذه الرسالة بين اعضاء اللجنة المشتركة وان تدرج هذا الموضوع على جدول اعمال الاجتماع المقبل للجنة بغية دراسته بشكل اوفر واتخاذ الاجراءات الضرورية.
اغتنم هذه الفرصة لتجديد احتراماتي الفائقة.
محمد جواد ظریف
المصدر: العالم