أثار اختفاء أكثر من 32 ألف قطعة آثار في مصر جدلًا واسعًا، عقب عملية حصر موسعة لكافة المتاحف على مستوى الجمهورية، طالب على إثره البعض بتشكيل لجنة لتقصي الحقائق وفتح تحقيقات عاجلة، في حين خاطبت وزارة الآثار جهات دولية للمساعدة في استعادة تلك القطع التي تم تهريبها خارج البلاد.
الدكتور أيمن عشماوي، رئيس قطاع الآثار المصرية، أكد اختفاء 32638 قطعة أثرية من المخازن المتحفية، عقب عملية حصر واسعة للمخازن للوقوف على النواقص وذلك على مدار عشرات السنوات السابقة، وهو ما أثار ردود فعل برلمانية غاضبة من قبل الذين حمّلوا وزير الآثار المسؤولية، لافتين إلى أن البرلمان سيستخدم أدواته حيال الأمر فور عودته للانعقاد، كما طالب البعض بفتح تحقيق عاجل.
نظام مراقبة غير إلكتروني
وقالت رحاب الصعيدي، أستاذ الآثار بجامعة القاهرة: إن الأمر يقتضي العودة إلى تاريخ دخول تلك القطع الأثرية للمخازن ومن المسؤول عن ذلك، ومراجعة سجلات تسجيل القطع، على أن توضح وزارة الآثار تلك المعلومات بشفافية وتُدرجها في تقرير مفصل.
وأشارت الصعيدي، في تصريحات خاصة بـ”إرم نيوز”، إلى أن نظام مخازن الآثار في مصر غير خاضع لنظام مراقبة إلكتروني، متسائلةً عن إمكانية قيام المخازن بعمل جرد كل شهور أو عام من عدمه، داعية إلى ضرورة وجود جرد سنوي للمخازن للوقوف على عدد القطع الموجودة.
إهمال العاملين بالآثار
وفي حين أرجعت تهريب تلك القطع إلى إهمال العاملين بالآثار مما يدفعهم لسلك طرق غير شرعية، دعت إلى ضرورة إعادة النظر في نظام عمل المخازن المتحفية وتحسين أوضاع العاملين بها وعمل اختبارات نفسية لهم، بالإضافة إلى ضرورة وجود قاعدة بيانات خاصة بوزارة الآثار تضطلع بتسجيل القطع الواردة إلى المخازن لتسهيل إمكانية تتبع القطع المفقودة واسترجاعها.
وأرجعت الصعيدي اختفاء تلك القطع إلى غياب الجرد الدوري قائلة: “ليس من المعقول أن يختفي هذا العدد من القطع الأثرية دفعة واحدة”، مطالبة بضرورة إسناد تلك المهمة لجهات عدة.
وقال النائب نادر مصطفى، أمين سر لجنة الثقافة والآثار والإعلام بمجلس النواب: إن المطالبة بحماية الآثار المصرية من جانب النواب البرلمانيين لم تنقطع خلال العامين الماضيين، من خلال الأدوات البرلمانية والرقابية، لحماية الآثار المصرية وجرد القطع الموجودة بالمخازن.
ودعا مصطفى وزارة الآثار إلى ضرورة إيضاح البيانات بدقة وإزالة اللبس نتيجة التصريحات المتضاربة لقطاعاتها، مع ضرورة توصيف القطع المختفية بدقة وتوضيح المسؤولية المباشرة عن البيانات الصادمة للرأي العام.
وعن رد فعل لجنة الثقافة والآثار والإعلام بمجلس النواب، أوضح مصطفى لـ”إرم نيوز” أن اللجنة ستقوم بواجبها البرلماني والرقابي وتستخدم كل الوسائل المتاحة حيال ذلك الأمر فور عودة البرلمان للانعقاد بعد انتهاء إجازته، وإزالة اللبس وتوضيح الصورة الكاملة من جانب وزارة الآثار، من أجل الوقوف على حقيقة حالة التراث القومي.
الوزير مسؤول
من جانبه، حمّل يحيى كدواني، وكيل لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب، مسؤولية اختفاء العدد الهائل من تلك القطع إلى وزير الآثار لأنه المعني بعملية التأمين، بالإضافة إلى شرطة السياحة، فضلًا عن عمال المخازن “الذين يتواطأون مع عصابات تهريب الآثار” قائلًا: “نحن نتعرض لجريمة منظمة تستهدف تهريب الآثار ولا بد من مواجهتها بشكل حاسم”.
وأضاف كدواني في حديثه لـ”إرم نيوز” أنه تقدم بطلب إحاطة منذ 7 أشهر لكون وزارة الآثار لديها عدد هائل من المخازن المكدسة والتي لا يتم جردها، كما يتم اختلاس بعضها من جانب حراس المخازن، وتتم سرقة بعضها من جانب عصابات تقوم بتهريبها خارج البلاد، مقترحًا أن تقوم مصر بإنشاء متاحف في عواصم العالم لبعض تلك الآثار والاستفادة منها بدلًا من تكديسها في المتاحف.
طلب إحاطة
وطالب النائب أحمد إدريس، وكيل لجنة السياحة والطيران المدني في مجلس النواب، بفتح تحقيق عاجل في الأمر، لافتًا إلى أنه تقدم بطلب إحاطة للمهندس شريف إسماعيل، رئيس مجلس الوزراء، للوقوف على حقيقة الأمر، كما طالب بعقد اجتماع للجنة السياحة بحضور وزير الآثار الدكتور خالد العناني لكشف المتورطين في الأمر، داعيًا في الوقت نفسه إلى تشكيل لجنة تقصي حقائق للكشف عن مصير تلك الآثار.
وزادت معدلات سرقة الآثار بنسبة 90%، نتيجة الاضطراب الأمني الذي شهدته مصر عقب ثورة 25 يناير 2011، بحسب تصريحات صحفية سابقة ليوسف خليفة، رئيس الإدارة المركزية للمضبوطات والمقتنيات الأثرية والأحراز في وزارة الآثار المصرية.
وفي حين يمثل القطاع الأثري صلب السياحة في مصر، فإن القاهرة تعوّل على قطاع السياحة في توفير نحو 20% من العملة الصعبة سنويًا، بينما يقدر حجم الاستثمارات في القطاع بنحو 68 مليار جنيه (9.5 مليار دولار)، بحسب بيانات وزارة السياحة.
المصدر : البديل