مسجد السهلة المعظم، يقترن اسمه دائماً بالإمام المنتظر المهدي عليه السلام استناداً إلى الفضائل الخاصة بهذا المسجد والأحاديث التي تؤكد على أن هذا المسجد هو منزله وبيت ماله إضافة إلى أقوال الكثير من المؤمنين التي تؤكد بأنه قد شوهد عليه السلام مراراً في هذا المسجد، وأثر مقامه فيه الآن هو أحد المزارات المقصودة، ولعظيم منزلة هذا المسجد في نفوس أتباع أهل البيت عليهم السلام، لا نكاد نتصفح كتاباً للزيارات إلاّ ونجد فيه فصلاً عن أعمال مسجد السهلة وفضائله وفرائضه.
أسماء المسجد:
أ- مسجد بني ظفر: نسبة إلى ما روي عن الإمام علي عليه السلام أنه قال: إن بالكوفة أربع بقاع مقدمة ذكر من بينها مسجد ظفر، واستطرد مؤكداً وقال (وهو مسجد السهلة). (١)
وفي رواية أخرى عنه عليه السلام قال: مسجد بني ظفر مسجد مبارك، والله ان فيه لصخرة خضراء وما بعث الله من نبي إلاّ فيها تمثال وجهه وهو مسجد السهلة. (٢)
وعلة تسميته بهذا الإسم لاحتمالين الأول هو: أن المسجد يجاور ويحادد خطة بني ظفر. والثاني: أن بني ظفر هم بناة هذا المسجد، وهؤلاء بطن من الأنصار نزلوا الكوفة.
ب- مسجد القرى: ورد أن الإمام الصادق عليه السلام سأل العلاء بن رزين: أتصلّي في المسجد الذي تسمونه مسجد السهلة ونحن نسميه مسجد القرى؟
فأجابه: اني لأصلي فيه جعلت فداك... (٣)
ج- المسجد البري: ورد عن الإمام الصادق عليه السلام، أنه قال: تصلي في المسجد الذي عندكم تسمونه مسجد السهلة، ونحن نسميه المسجد البري، والبِر: الاتساع في الاحسان والزيادة. (٤)
د- مسجد بني عبد القيس: ذكره بهذا الإسم المؤرخ كامل سلمان الجبوري في كتابه (مساجد الكوفة).
هـ- مسجد السهلة: ورد في الكثير من الروايات المروية عنهم صلوات الله عليهم ولفظ السهلة: يعني: رَمل ليس بالدقاق.
و- مسجد سهيل: كذلك ورد عنهم عليهم السلام ولعله اسم بانيه أو أحد المتعبدين فيه. (٥)
الأنبياء عليهم السلام ومسجد السهلة:
ورد في الكثير من فضائل هذا المسجد المبارك روايات تتعلق بالأنبياء عليهم السلام منها:
أ- أما علمت إنه موضع ادريس النبي عليه السلام الذي كان يخيط فيه، ومنه رفع إلى السماء، وأجير من مكروه الدنيا ومكائد أعدائه، ومقامه فيه مشهور.
ب- منه سار إبراهيم عليه السلام إلى اليمن بالعمالقة، ومقامه فيه مشهور.
ج- منه سار داود عليه السلام إلى جالوت.
د- منه سار داود عليه السلام إلى طالوت.
هـ- إن فيه لصخرة خضراء فيها مثال كل نبي ومن تحت تلك الصخرة أخذت طينة كل نبي... وفيه زبرجدة فيها صورة كل نبي وكل وصي.
و- وفي المسجد مقام ينسب إلى النبي صالح عليه السلام ويقال له أيضاً مقام الصالحين والأنبياء والمرسلين وفي المسجد وردت أيضاً أنّ فيه مناخ الراكب والراكب هو الخضر عليه السلام .
ز- إن الله تعالى لم يرسل نبياً قط إلاّ وصلّى فيه.
الأئمة عليهم السلام ومسجد السهلة:
أ- الإمام علي عليه السلام: وقد ذكره ضمن المساجد المباركة في الكوفة وإن مسجد السهلة مناخ الخضر عليه السلام ما أتاه مغموم إلا فرج الله عنه. (٦)
ب- الإمام السجاد عليه السلام: من صلّى في مسجد السهلة ركعتين زاد الله في عمره سنتين. (٧)
ج- الإمام الصادق عليه السلام: ذكر عليه السلام أخباراً كثيرة في فضله منها:
لو أن عمي زيداً أتاه فصلّى فيه واستجار لأجاره الله عشرين سنة.
ما أتاه مكروب قط فصلّى فيه بين العشاءين ودعا الله إلاّ فرج الله كربته.
كل من أقام فيه فكأنما قام في خيمة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
وما من مؤمن ولا مؤمنة إلاّ وقلبه يحن إليه.
وما من أحد يصلي فيه ويدعو بنية خالصة إلاّ أعطاه الله حاجته.
وما من أحد يطلب فيه الأمان إلاّ آمنه الله من كل ما يخاف.
أما من يوم أو ليلة إلاّ وتنزل الملائكة لزيارته وعبادة الله فيه.
هو من البقاع التي أحب الله أن يدعى فيها.
إما أني لو كنت بالقرب منكم ما صليت صلاة إلاّ فيه. (٨)
وقد ورد أن الإمام الصادق عليه السلام أتاه أكثر من مرة ودعا فيه بالدعاء المعروف والمذكور في مقامه عليه السلام ومنها أنه صلّى ركعتين كان قد صلاّهما لقضاء حاجة امرأة تناولها الجلاوزة العباسيون بالضرب ثم الحبس فأخرجت وأكرمت والإمام عليه السلام بعدُ في المسجد.
الإمام المهدي عليه السلام والسهلة:
وردت في هذا الأمر أحاديث عن الأئمة عليهم السلام، منها:
أما أنه منزل صاحبنا إذا قام بأهله.
لا يزال القائم فيه أبداً.
يكون فيه بيت ماله ومقسم غنائم المسلمين.
فضائل مسجد السهلة:
ولقد وردت أخبار كثيرة أخرى في فضل هذا المسجد منها:
وفيه المعراج ( وقد أوّل العلامة المجلسي هذا الحديث بعروج الدعاء فيه إلى السماء ).
وهو الفاروق الأعظم.
وفيه ينفخ في الصور.
وإليه المحشر.
ويحشر من جانبه سبعون ألفاً يدخلون الجنة بغير حساب. (٩)
الاستجارة في مسجد السهلة:
من خواص هذا المسجد المبارك الاستجارة فيه من البلاء كما ورد عنهم صلوات الله عليهم (.. لو أن عمّي زيداً استجار الله لأجاره عشرين سنة) (أي في هذا المسجد).
وذكر الشيخ جعفر الكبير في كتابه كشف الغطاء بعد هذا الحديث وقد استجرت به في سنة الطاعون مع ما يقرب من أربعين شخصاً على الظاهر وقد أفني الخلق ثم بعد انقضائه ما فُقد منهم أحد على الظاهر.
تاريخ تأسيس المسجد:
ليس هناك مصادر تأريخية تدل دلالة علمية تاريخية كاملة على تأسيس المسجد وتأريخه والعمارات التي طرأت عليه، إلاّ أن أقوالاً عديدة تنص على أن المسجد كان بيتاً لادريس عليه السلام مرة ومرة لإبراهيم عليه السلام، ومن خلال نصوص بعض الروايات المذكورة سابقاً من أقوالهم عليهم السلام. ويمكن القول بأن المسجد كان مؤسساً قبل زمن خلافة الإمام علي
عليه السلام في الكوفة ( ٣٥ ٤۰ه ) وليس ببعيد أن يكون الإمام قد أدّى احدى صلواته فيه وذلك لقدسيته وفضله.
عمارة المسجد ووصفها:
يقع المسجد في الجهة الشمالية الغربية من مسجد الكوفة، ويبعد عنه حوالي كيلومترين تقريباً، الشكل التقريبي لمساحة المسجد مستطيل الشكل يتألف من أربعة أضلاع: الشمالي طوله ١٦۰م، الشرقي طوله ١٣۰م، الجنوبي طوله ١٦۰، الغربي ١٣۰م، وسور المسجد مرتفع ومدعوم بابراج نصف دائرية من الخارج، يبلغ ارتفاع السور أكثر من ٢٢م. وفي منتصف الضلع الشرقي مأذنة يبلغ ارتفاعها ١٣ متراً، تحيط بها من الأعلى سلة مزخرفة بأجمل أنواع الزخرفة والنقوش كتبت عليها آيات قرآنية وقد شيدت من قبل الحاج جواد بن الشيخ حسين السهلاوي الخفاجي في سنة ( ١٣٨٧ه ١٩٦٧م )، المدخل الرئيس للباب هو الباب المجاور للمأذنة وتقع في منتصف الضلع الشرقي، وتحيط مساحة المسجد على طول الضلعين الشرقي والغربي صفين من العقود الإيوانات وفي الضلع الجنوبي يوجد رواق طويل يمتد على طول الضلع، وساحة المسجد مكشوفة وتنتشر في وسطها وزواياها عدة مقامات ومحاريب للأنبياء والأئمة عليهم السلام منها مقام الصادق عليه السلام ثم مقام إبراهيم الخليل عليه السلام، ثم مقام إدريس عليه السلام ومقام الخضر، ومقام الصالحين والأنبياء والمرسلين، ومقام الإمام زين العابدين عليه السلام ومقام الإمام المنتظر عليه السلام .
تعميرات المسجد:
ينقل العلامة السيد محمد تقي الاصفهاني إنه وجد كتاباً أو أثراً يذكر أن تشييد الجهة القبلية ( الرواق الجنوبي ) للمسجد كان قبل عام ٧٥۰ ه.
- ١٣۰٣ ه قام الحاج محمد صادق الاصفهاني بتشييد الغرف على الجدار الجنوبي الشرقي.
- ١٣۰٨ه قام الحاج محمد باقر البوشهري بإلحاق غرف للأواوين السابقة على الجانب الشمالي الغربي ووضع لها أبواباً.
- ١٣٥١ ه قام الحاج محمد رضا البوشهري ببناء الأروقة بصورة جديدة تختلف عن سابقتها كما قام بتبليط كافة سطوح المسجد.
- ١٣٦٧ه قامت الأوقاف العراقية بأول ترميم للمسجد وكان بسعي المغفور له الحاج عبد المحسن شلاش.
- ١٣٦٩ ه تبرع الحاج رضا النجار النجفي بالباب الرئيسي للمسجد.
- ١٣٨٧ه شيدت المنارة الحالية.
- ١٣٨٩ ه قامت الأوقاف بتبليط أرصفة الأروقة الداخلية للمسجد.
- ١٣٩۰ه أجريت تعميرات أخرى من قبل جماعة من المحسنين.
- ١٣٩٢ قامت الأوقاف برصف الجوانب الامامية المحيطة بالمسجد بالطابوق الكونكريتي.
وفي عصرنا الحالي عُمّر المسجد تعميراً جديداً على هيئته الأثرية السابقة بمساعي وجهود آية الله العظمى السيد محمد سعيد الحكيم والتعمير هذا ما زال مستمراً منذ عدة سنوات وفيه وسع مقام الإمام المهدي عليه السلام والمقامات الأخر فجزاه الله جزاء المحسنين.
مقام الإمام المهدي عليه السلام:
ولما كان بحثنا يخص الإمام المهدي عليه السلام اقتصرنا على وصف وتاريخ مقامه فقط دون وصف المقامات الأُخرى والواقعة في زوايا المسجد ووسطه:
أقول: يعرف مقامه هذا بمقام صاحب الزمان عليه السلام أو صاحب العصر والأمر، ويقع في وسط الجهة الجنوبية من المسجد، وللمكان هذا أثر في النفوس المؤمنة الخيرة بسبب ما اشتهر من أن الإمام عليه السلام قد صلّى ودعا الله عز وجل فيه، كانت مساحته قبل
التعمير الأخير تشغل طولاً ٨۰م وعرضاً ٥/٥ م تقريباً ولقد وسع بعدها بمساحة أوسع بكثير من ذي قبل وللمقام محراب وعلى محرابه شباك برونزي عمره لا يتجاوز ١٥۰ سنة مبني على فضاء صغير، خالٍ من الزخرفة والكتابة ويحيط بهذا الشباك دعاءان شهيران يقرآن خصيصاً لمناسبة زيارة المقام وقد كُتبا على قطع القاشاني الأزرق التي تكسو المحراب، وداخل بناية المقام والذي هو أكبر مقامات المسجد قاعتان واسعتان للصلاة والدعاء واحدة عن الشمال خصصت للرجال والأخرى عن اليمين خصصت للنساء.
كان السيد محمد مهدي بحر العلوم قد بني في عام ١١٨١ ه بناية لمقام الإمام المهدي عليه السلام ثم تلا ذلك توسيع لهذا المقام لعدة مرات في عهده رحمه الله، ثم هدمت هذه العمارة من قبل الوجيه محمد باقر البوشهري عام ١٣۰٨ه حيث ثبت للمقام عمارة جديدة بينها وبين العمارة السابقة أكثر من عشرة أمتار، وقد بنى هذه البناية وقام بتغطيتها بالقاشاني الأزرق بعد قصة تشرفه بالمقام السامي ورؤيته للحجة الغائب عليه السلام كما ينقله عامة من كتب عنه برواية الميرزا أبي القاسم القمي صاحب القوانين.
وفي أواخر عام ١٣٩٤ه قام المحسن الحاج عبد المنعم ناصر مرزة الأسدي بتهديم البناء الذي شيّده البوشهري وأقام بناية جديدة بسعة ( ١٢۰م ) عليها قبّة من الكاشاني الأزرق.
وفي عام ١٣١٥ه جاء المحسن الحاج محمد رشاد ناصر مرزة الاسدي فهدم البناية السابقة عدا القبة ووسّع المقام إلى مساحة ( ٦۰۰م ) وهي البناية الموجودة حالياً.
تأريخ تأسيس مقام الإمام عليه السلام:
لم يكن هذا المقام معهوداً بين الناس، فأمر السيد محمد مهدي بحر العلوم ببناء هذا المقام وبناء قبة من الكاشي الأزرق عليه وذلك سنة ١١٨١ه.
فلم يرد ذكر للمقام في كتب المزارات القديمة كمزار المشهدي والمزار الكبير ومزار المفيد ومزار الشهيد ومزار المجلسي والتي تناولت أعمال مسجد السهلة فيها بينما ذكرت المقامات الأخرى فيها.
ليلة الأربعاء ومسجد السهلة:
قال السيد ابن طاووس: إذا أردت أن تمضي إلى السهلة فاجعل ذلك بين المغرب والعشاء الآخر من ليلة الأربعاء وهو أفضل من غيره من الأوقات. (١۰)
ولقد سنَّ الشيخ محمد حسن صاحب الجواهر المتوفى سنة ( ١٢٦٦ه ١٨٤٨م ) للناس عادة الذهاب إلى السهلة ليلة الأربعاء من كل اسبوع، وكان إذا خرج إلى السهلة في الليلة المعهودة يأمر بالخيام والبسط والأمتعة اللازمة لاستخدامها خلال فترة الاستراحة في طريقهم من النجف إلى المسجد، ويركب هو وحاشيته ويتبعهم خلق كثير من الناس وقد استمرت هذه العادة إلى يومنا هذا، ولقد قرأت فيما قرأت في ترجمة الشيخ آقا بزرك الطهراني قدس أنه كان يمشي سيراً على الأقدام من النجف إلى مسجد السهلة في ليلة الأربعاء مدة أربعين سنة ولقد حدثني الشيخ الخطيب الشيخ شاكر القريشي أنه كان يراه رحمه الله يذهب إلى المسجد بظهره المحني.
وقد ذكر العلامة النوري رحمه الله في كتابه ( جنة المأوى ) في الحكاية الثامنة والخمسين منه ما كتبه عن رجل صالح ديّن أنه قال إني كنت كثيراً ما أسمع من أهل المعرفة والديانة أنّ من لازم عمل الاستجارة في مسجد السهلة أربعين ليلة أربعاء متوالية، بنية رؤية الإمام المنتظر عليه السلام.
وفّق لرؤيته وإن ذلك قد جرّب مراراً.. ثم ذكر قصة تشرفه بخدمة الإمام عليه السلام في مسجد السهلة وذهابه معه إلى مسجد الكوفة، وما شاهد أثناء ذلك من خوارق العادات. (١١)
وقد ذكر السيد الرضوي في كتابه ( التحفة الرضوية ) في باب مما جرّب للتشرف برؤية الإمام عليه السلام في اليقظة بعد ذكر الكلام السابق، ما نصه: وهذا معروف عندنا في النجف، وكان مسجد السهلة لا يخلو اسبوعاً واحداً ممّن يؤمن بهذه الغاية الشريفة التي لا ينالها إلاّ ذو حظ عظيم، ولمشاهديه عليه السلام فيه حكايات كثيرة ذكر طائفة منها العلامة النوري رحمه الله في كتابه ( جنة المأوى )، ونقل فيه عن السيد جعفر بن السيد الجليل السيد باقر القزويني الآتي ذكره، قال: كنت أسير مع أبي إلى مسجد السهلة فلما قاربناها قلت له: هذه الكلمات التي أسمعها من الناس أن من جاء إلى مسجد السهلة في أربعين أربعاء فانه يرى المهدي عليه السلام أرى أنها لا أصل لها، فالتفت إلي مغضبا وقال لي: ولم ذلك؟ لمحض أنك لم تره؟ أو كل شيء لم تره عيناك فلا أصل له؟ وأكثر من الكلام علي حتى ندمت على ما قلت. ثم دخلنا معه المسجد، وكان خاليا من الناس فلما قام في وسط المسجد ليصلي ركعتين للاستجارة أقبل رجل من ناحية مقام الحجة عليه السلام ومر بالسيد فسلم عليه وصافحه والتفت إلي السيد والدي وقال: فمن هذا؟ فقلت: أهو المهدي عليه السلام فقال: فمن؟ فركضت أطلبه فلم أجده في داخل المسجد ولا في خارجه. (١٢)
العلماء واللقاء بالإمام الحجة عليه السلام في مسجد السهلة:
لقد تشرف برؤية الإمام عليه السلام أرواحنا فداه عدّة من العلماء وقد ذكرت حكايات لقاءهم به في بطون الكتاب فممن تشرف به على ما أحصيتهم ثلاثة وهم تباعاً:
أ- السيد الجليل محمد مهدي بحر العلوم المتوفى سنة ١٢١٢ه.
على ما ذكره العلامة النوري في كتابيه جنة المأوى والنجم الثاقب.
ب- السيد العالم الجليل أبو تراب الخوانساري المتوفى سنة ١٣٤٦ه.
على ما ذكره تلميذه السيد محمد مهدي الاصفهاني في كتابه أحسن الوديعة.
ج- السيد شهاب الدين المرعشي قدس المتوفي سنة ١٤١١ ه.
على ما هو مشهور فيه ومذكور في ترجمة حياته.
وإما غيرهم من العلماء فلعل الكثير منهم حظي بهذا الأمر لكن كتمانه أولى من بيانه وهذا مما ساعد في عدم اطلاع الخلق على تلك الحكايات، وإما من سائر المؤمنين فقد ذكر لقاء بعضهم العلامة النوري في كتابه النجم الثاقب.
وأخيراً أحببت إيراد حكايتين في لقاء السيد محمد مهدي بحر العلوم قدس به عليه السلام في هذا المسجد المبارك على ما ذكره العلامة النوري قدس في كتابه جنة المأوى المطبوع مع بحار الأنوار.
الحكاية الأولى:
حدث الشيخ الصالح الصفي الشيخ أحمد الصدتوماني وكان ثقة تقيا ورعا قال: قد استفاض عن جدنا المولى محمد سعيد الصدتوماني وانه من تلامذة السيد رحمه الله أنه جرى في مجلسه ذكر قضايا مصادفة رؤية المهدي عليه السلام، حتى تكلم هو في جملة من تكلم في ذلك فقال: أحببت ذات يوم أن أصلي في مسجد السهلة في وقت ظننته فيه فارغا من الناس، فلما انتهيت إليه، وجدته غاصا بالناس، ولهم دوي ولا أعهد أن يكون في ذلك الوقت فيه أحد. فدخلت فوجدت صفوفا صافين للصلاة جامعة، فوقفت إلى جنب الحائط على موضع فيه رمل، فعلوته لأنظر هل أجد خللا في الصفوف فأسده فرأيت موضع رجل واحد في صف من تلك الصفوف، فذهبت إليه ووقفت فيه. فقال رجل من الحاضرين: هل رأيت المهدي عليه السلام فعند ذلك سكت السيد وكأنه كان نائما ثم انتبه فكلما طلب منه إتمام المطلب لم يتمه. (١٣)
الحكاية الثانية:
وهي التي رواها المولى زين العابدين السلماسي تلميذ السيد بحر العلوم عنه رحمه الله قال ما ملخصه:
إن السيد بحر العلوم كان في مسجد الكوفة لأداء نافلة الليل وكان عازماً على الرجوع إلى النجف في أول الصبح لئلاّ يتعطل أمر البحث والمذاكرة وكان في نفسه شوق لزيارة مسجد السهلة وبينما هو متردد في الذهاب هبت ريح فيها غبار امالته عن الطريق إلى النجف فانحرف إلى السهلة فدخل المسجد وإذ به خالٍ من الزوار إلاّ شخصاً جليلاً مشغولاً بالمناجاة مع الجبار، بكلمات ترق لها القلوب القاسية وتسح الدموع من العيون الجامدة، فطار باله وتغيرت حالته وهملت دموعه من استماع لتلك الكلمات التي لم يسمعها من قبل وعرف ان الداعي كان ينشؤها في الحال فوقف في مكانه متلذذاً إلى أن فرغ الرجل من مناجاته فالتفت إلى السيد وصاح بلسان العجم ( مهدي بيا ) أي هلّم يا مهدي، فتقدم السيد إليه وتوقف فأمره بالتقرب وهكذا ثلاث مرات بحيث أصبحت تصل إليه يده، فمد يده الشريفة إلى السيد وتكلم بكلمه.. ولما بلغ السيد إلى هنا كما يقول الراوي أضرب عن الكلام صفحاً واشار بيده شبه المنكر بأن هذا الكلام سر لا يذكر.
الهوامش:
(١) مختصر كتاب البلدان/ ١٧٤ ابن الفقيه.
(٢) فضل الكوفة ومساجدها: ١٧.
(٣) قرب الإسناد/ ٧٤.
(٤) قرب الإسناد/ ١٥٩. في نسخة أخرى مسجد الشرى وفي نسخة أخرى الثرى.
(٥) الأنبياء ومسجد السهلة.
(٦) البلدان ابن الفقيه: ص ١٧٤.
(٧) المزار الكبير المشهدي.
(٨) المزار الكبير المشهدي.
(٩) كشف الغطاء: ص ٢١٢.
(١۰) مصباح الزائر.
(١١) جنة المأوى المطبوع مع بحار الأنوار: ٥٣/ ٣١۰.
(١٢) بحار الأنوار: ٥٣ / ٢٤٥.
(١٣) بحار الأنوار: ٥٣ / ٢٤۰ .