سوريا/ الكوثر
هل أصبحت أسوار الرقة أعلى وأكثر صلابة ومتانة من سور الصين العظيم؟!، وهل يستطيع عاقل أن يصدق الأكذوبة الدولية التي جعلت جميع شعوب العالم ترتعد وتخاف من البعبع الحديث الولادة “داعش”؟!، وكيف يمكن لتنظيم ظهر بطريقة مشبوهة أن يقف في وجه 60 دولة تملك من المال والسلاح ما يكفي لتحرير جميع شعوب العالم من الظلم والفقر والإضطهاد؟!. إذاً أين تكمن المشكلة ولماذا هذا العجز أمام “داعش”؟!
دخلت معركة تحرير الرقة في شهرها الثالث ولم يزل تنظيم “داعش” الإرهابي متحصناً في معقله الأخير رغم كل الجهود الدولية عامة والأمريكية خاصة لمحاولة القضاء عليه وبتره من جذوره، ولمن لا يعلم فإن مساحة مدينة الرقة لايتجاوز الـ “31 كلم مربع ” ومع ذلك عجزت أمريكا بجميع طائراتها الحديثة وأساطيلها الحربية عن تحرير هذه المدينة التي يتخذ منها “داعش” مركزا رئيسا له، ولكن الحقيقة غير ذلك وما يحكى بالإعلام يختلف 180 درجة عما يجري على أرض الواقع فلو أرادت أمريكا تحرير الرقة لتم القضاء على “داعش” خلال أربع وعشرين ساعة، ولكن ما السبب يا ترى؟!
أولاً: الحقيقة أن التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة ليس من أولياته مكافحة الإرهاب بل السعي لتحقيق مصالحه ولو على جميع شعوب الأرض، أما في سوريا والمنطقة فتكمن مصالحه في تكريس نفوذه من خلال تفتيت المنطقة وتقسيمها إلى كيانات فيدرالية يسهل السيطرة عليها وسلب ثرواتها وإخضاعها لوصاية العم سام ورفاقه، ولكن حتى الآن هذا الحلم الأمريكي لم يحصل لأسباب كان أبرزها وجود معسكر آخر يرفض هذه السياسة ويحاربها فضلا عن الدور الكبير للجيشين السوري والعراقي في الدفاع عن أرضهم وحمايتها من التقسيم والإنهيار.
ثانياً: ماهو هدف الولايات المتحدة من معركة الرقة فعلياً؟! لايخفى على أحد أن واشنطن تورطت في دعم الإرهاب على جميع المستويات وبالتالي يتمثل هدفها الأول في تلميع صورتها وتجميلها أمام العالم من خلال إظهار نفسها بأنها المحارب الأول له، وهذا ما فعلته الماكينات الإعلامية الأمريكية بالفعل ولكن على الأرض فالحقيقة مختلفة وتأخير تحرير الرقة يعطي بعض المؤشرات عن حقيقة هذا الأمر.
ثالثاً: إطالة مدة تحرير الرقة تصب أولا وأخيرا في صالح الأمريكي، لأن الإدارة الأمريكية تسعى لإقامة كيان ذي طابع طائفي تابع لأمريكا سياسيا هذا من ناحية، من ناحية أخرى ربما تكون أكثر أهمية أن شمال شرق سوريا يملك من الثروات ما يكفي لجعل الأمريكي يلهث وراء الحصول على بعض المكتسبات إذا لم نقل جميعها عن طريق اتباع سياسته التي باتت معلومة النوايا والأبعاد، وحاليا تتمثل خطة الولايات المتحدة بإقامة قاعدة عسكرية لها في مطار الرقة، وأيضا وجود سد الفرات الذي ينتج 800 كيلو وات، ومواقع بترولية تنتج حوالي 20 ألف برميل يوميا، ما يمثل مقوما اقتصاديا كبيرا ترغب واشنطن بالحصول علية بأي ثمن.
رابعاً: الولايات المتحدة لا تريد أن تقوم بحرب مباشرة مع داعش على عكس ما تدعي، لأن سجلها مليء بالهزائم والإنكسارات ابتداءا من أفغانستان وصولا إلى العراق، حيث تكبدت قواتها خسائر فادحة في كلتا الدولتين وقتل لها أكثر من 7 آلاف جندي خلال العقدين الماضيين، وهذا ما يجعلنا نشك بأن لديها رغبة حقيقية في تحرير الرقة من “داعش”.
خامساً: نقطة مهمة يجب الإشارة إليها بأن “داعش” والذي تزامن الإعلان عن هيكليته في شهر كانون الثاني “أي الشهر الذي يعقد فيه الكونغرس جلساته السرية”، جيء به من جميع أصقاع الأرض، وبالتالي فإن الغرب وأمريكا ليس لديه أي نية في تسريع عملية القضاء عليه
خوفا من تداعیات هذا الأمر علی مصالح الغرب والولايات المتحدة وقیام داعش بعملیات انتحاریة فی الغرب وأیضا تحطیم مکانته في العالم لأن الرقة تعتبر العاصمة الثانیة والأخیرة لـ “داعش”.
ترى قيادات قوات سوريا الديمقراطية “قسد” بأن معركة تحرير الرقة قد تستغرق عدة أشهر، بالرغم من نجاحات “قسد” في عملياتها ضد تنظيم “داعش” في المدينة، لعدة أسباب:
أولاً: تسير عمليات تحرير الرقة ببطء شديد بسبب كثافة الألغام التي زرعها التنظيم، وعمليات القنص التي ينفذها، إضافة إلى أنه بعد أن تقوم قوات “قسد” بتحرير بعض الأحياء في المدينة تقوم عناصر “داعش” بالتسلل عبر الأنفاق.
ثانياً: تواجه قوات “قسد” ومقاتليها مقاومة شرسة من قبل مسلحي “داعش”، لأن القضاء على عاصمتهم في الموصل وطردهم إلى غير رجعة من قبل الجيش العراقي والحشد الشعبي، جعل التنظيم أكثر شراسة وعدائية لأنه يريد الحفاظ على آخر قلاعه في الشرق الأوسط.
في الختام يمكننا القول، صحيح أنه في نهاية المطاف سيتم القضاء على تنظيم “داعش” الإرهابي ولكن ماذا سيحدث في مرحلة ما بعد “داعش”؟!، وما الجدوى من القضاء عليه دون القيام بمواجهة حقيقية لهذا الفكر المتطرف وتجفيف منابع التمويل الداخلي والخارجي للارهاب، ووضع حلول حقيقية للحيلولة دون تكرر مثل هذه الظاهرة والبحث الجدي لأسباب نشوء هكذا منظمات إرهابية؟!
المصدر: اي يو وي ام