وعلى سبيل الذكر لا الحصر، رأى الدبلوماسيّ الإسرائيليّ السابق، ألون بنكاس، الخميس، في مقالٍ نشره في صحيفة (يديعوت أحرونوت) العبريّة أنّ النزاع يدور بين الرجل البدين، أيْ دوانالد ترامب، وبين الطفل الصغير، أيْ الرئيس الكوريّ-الشماليّ، لافتًا إلى أنّه للدولتين توجد أسلحة نوويّة، وللدولتين زعيمين غير متوقعين بالمرّة، وبالتالي فإنّ احتمال أنْ يؤدّي ذلك إلى حربٍ طاحنةٍ لا يرغب فيها أحدٌ بات قريبًا وجاهزًا، على حدّ تعبيره.
بنكاس شدّدّ في حديثه على أنّ احتمال اندلاع حرب تقليديّة أوْ غيرُ تقليديّة بين الدولتين ارتفع في الأيّام الأخيرة بعد التهديدات التي أطلقها الرئيس الأمريكيّ، والردّ الكوريّ-الشماليّ، الذي جاء على صورة تجارب بالصواريخ الباليستيّة، وعبّر عن بالغ قلقه من أنّ الرسائل المُتبادلة بين الطرفين، قد تُفهم بطريقةٍ خاطئةٍ، ومن هنا ستكون الطريق مفتوحةً لاندلاع الحرب بينهما، مُشيرًا إلى أنّه بحسب تقديرات المؤسسة الأمنيّة في إسرائيل سيصل عدد ضحايا الحرب الطاحنة إلى أكثر من مليون شخص على الأقّل.
علاوةً على ذلك، كشف الدبلوماسيّ الإسرائيليّ السابق النقاب عن أنّ كوريا الشماليّة، بحسب التقديرات الأمريكيّة الرسميّة، تمتلك ما بين 40 إلى 60 قنبلة نوويّة، وهذا الكّم من القنابل غير التقليديّة بالإمكان استيعابه والتعايش معه.
ووفقًا له، فإنّ كوريا الشماليّة تُريد اعترافًا دوليًا وعالميًا بأنّها دولةً نوويّةً، وذلك بهدف منع أيّ محاولةٍ لتغيير النظام الحاكم، وبعد هذا الاعتراف، أضاف بنكاس، ستكون هذه الدولة على استعدادٍ لإجراء مفاوضاتٍ على الحدّ من انتشار الأسلحة النوويّة، مُشيرًا إلى أنّ الصين تُعاني من كوريا الشماليّة وفي الوقت نفسه تُعاني من الرئيس الأمريكيّ ترامب، الذي يقوم وبشكلٍ مكثفٍ بإلقاء المسؤولية عليها، مُشدّدًا على أنّ بكين ليست معنية بالمرّة بتوحيد الكوريتين، لأنّ التكلفة باهظة جدًا وكبيرة، على حدّ تعبيره، وبالتالي قال وفصل إنّه وفق كلّ المؤشّرات والمُستجدّات اليوم لا يوجد في الأفق أيّ أملٍ في حلّ هذه الأزمة، التي تُهدد السلام العالميّ.
على صلةٍ بما سلف، رأى الجنرال عاموس يدلين، رئيس شعبة الاستخبارات العسكريّة الإسرائيليّة سابقًا، أنّ كوريا الشماليّة تؤسس نفسها كقوةٍ نوويةٍ عظمى تحدث توازنًا في الرعب أمام أمريكا، لافتًا إلى أنّ التحدي الماثل أمام إدارة ترامب بهذا الخصوص ليس بسيطًا.
وزاد أنّه في إسرائيل تجري مراقبة الأزمة وتدرس انعكاساتها، وسيما ما يخص البرنامج النوويّ الإيرانيّ، ويسود تخوف من أنّ ضبط النفس الأمريكي والسلوك الاستفزازيّ من قبل كوريا الشمالية يرسل إلى طهران بأنّ الدولة التي تصر على اجتياز العتبة النووية ستفعل ذلك، وفي ظلّ معارضة ذلك أيضًا من جانب واشنطن.
وتابع في دراسةٍ جديدةٍ نشرها مركز أبحاث الأمن القوميّ الإسرائيليّ أنّ واشنطن لا تملك منظومة دفاعية مضادّة للصواريخ محكمة تمامًا، وفي حالة التهديد النووي فإن خطر إصابة صاروخ منفرد يعتبر خطرًا كبيرًا للغاية. ولفت إلى أنّ مجرد وجود سلاح نووي في أيدي بيونغ يانغ يقلص مساحة المناورة الأمريكية ويرفع المخاطر الكامنة بالتصعيد العسكريّ في مواجهتها، كما أنّ اليابان وكوريا الجنوبية تخشيان التصعيد لأنهما ستكونان أول من سيتضرر منه.
وشدّدّ على أنّ الصين هي أنبوب الأكسجين الذي تتنفس منه كوريا الشمالية، وحتى وإنْ حاولت الصين التأثير على كوريا الشمالية لتغيير سياستها، فقد أظهرت بيونغ يانغ حتى الآن أنّ قدرة الصين على أنْ تملي عليها سياسة ما هي قدرة محدودة للغاية.
وأشار يدلين إلى أنّ التصعيد في أعقاب الأزمة التي خلقتها كوريا الشمالية ستضرب اقتصاد كوريا الجنوبية واقتصاد اليابان، والذي يشكل معها حوالي 8 بالمائة من اقتصاد العالم، بمعنى أنّ التصعيد سيمس اقتصاديًا بالولايات المتحدة وحليفاتها في آسيا على وجه الخصوص.
وبرأيه، فإنّ نظام العقوبات الفاعل يستلزم تعاونًا صينيًا، وهذا غير موجود، فالمساعدات الصينية تعتبر عنصرًا مركزيًا في قدرة النظام الكوري الشمالي على البقاء وإبداء الاستقرار حتى في ظلّ الضغوطات الخارجية المكثفة وطويلة الأمد.
بالإضافة لكونه مصدر إلهام لإيران، أوضح الجنرال يدلين، فإنّ التوتر في شبه الجزيرة الكورية قد يسترعي انتباه أمريكا، وبالتالي يوسع الفراغ الذي تخلفه واشنطن في الشرق الأوسط، كذلك إذا نظرت إدارة ترامب إلى سياسة إيران في الشرق الأوسط تهديدًا للمصالح الأمريكيّة في هذه المنطقة فقد تكون أقل انتباهًا لما يدور فيه إثر تركيز الاهتمام والموارد على التحدّي المنبثق من الشرق.
زهير أندراوس - رأي اليوم