العالم الاسلامي / الكوثر
وتناولت الجزيرة في الفيلم الوثائقي الذي أطلقت عليه "إمارات الخوف"، وضع حقوق الإنسان في دولة الإمارات، في ظل سجون سرية تمارس فيها شتى أنواع التعذيب تحت إشراف ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد.
وفتح الوثائقي ما أسماه "الوجه الآخر" للإمارات، الذي يكشف حجم الانتهاكات التي تمارسها السلطات ضد أكاديميين وقضاة ومحامين ومدافعين عن حقوق الإنسان اعتقلتهم في حملة جاءت كردة فعل على الربيع العربي.
ووثقت خلال الفيلم شهادات لأشخاص تعرضوا للتعذيب، بعد اتهامات لا أساس لها من الصحة، كالسعي لقلب النظام وخلق الفنتة وإنشاء خلايا إرهابية، لتتم بعدها محاكمتهم دون القبول بنقض الحكم أو الاستئناف.
ولم تكتف الإمارات، بعمليات التعذيب ومحاكمة من تم تلفيق تهم عدة لهم، وإنما أقدمت على سحب الجنسية منهم وتجميد أرصدتهم البنكية والتعاملات المالية والتجارية، وإثارة الرعب لدى الأفراد، وفقا للوثائقي.
وسلط الفيلم الضوء على السجون السرية التي ذكرتها تقارير دولية، حيث إن البعض منها يمتد إلى خارج حدود الإمارات، والتي لم توافق أبو ظبي على أن يتم فرض رقابة دولية عليها.
واستعرض الوثائقي، شخصيات إماراتية وأجنبية، تعرضت للاعتقال والإخفاء القسري ومورست بحقهم الكثير من الانتهاكات في سجون سرية، حيث تعرض البعض منهم لاعتداءات جنسية، وهُدّد آخرون بذلك.
وانسحبت انتهاكات السلطات الإماراتية بحق المعتقلين السياسيين والأكاديميين والقضاة لتطال عوائلهم، حيث منع ذووهم من الزيارة وتم التضييق عليهم، وقد منعت عائشة ابنة المعارض حسين الجابري من الالتحاق بالجامعة.
الإمارات ترد
ولم يدم طويلا صمت دولة الإمارات على ما عرضته قناة "الجزيرة"، فقد قال وزير الدولة للشؤون الخارجية أنور قرقاش في تغريدات له عبر "تويتر" إن "الهجوم الخسيس على الإمارات والشيخ محمد بن زايد يعقد من تأزم الوضع ولا يحلّه، تناول وضيع ينال من مصالحه الوطنية الحقيقية لصالح دوره الوظيفي".
وأضاف: "اتفقت أم لم تتفق الإمارات ومحمد بن زايد يمثلان توجها في المنطقة يدعوان إلى الاستقرار والتنمية، والسقوط المريع في التناول الإعلامي دليل ذلك".
ولفت إلى أن "أهم جوانب المواجهة الحالية تعرية الاستخدام الحزبي للدين في رسم المستقبل، فالدول المتصدية للإرهاب ليست بحاجة إلى مثل هذه الرؤية الحزبية".
واختتم حديثه قائلا إن الإمارات تبقى شامخة يعرف قدرها الصديق والشريك ولن تنالها إمارة أو قناة أو حزب، ويبقى محمد بن زايد أحد رموز تمكين العرب لاستقرارهم ومستقبلهم.
نشطاء يعلقون
وعلى الرغم من أن الوزير الإماراتي لم يصرح في تغريداته علنا بأنه يقصد قناة "الجزيرة" وما عرضته، إلا أن نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي أكدوا أن وثائقي "الجزيرة" وضع سلطات الإمارات في موقف حرج.
وعلق غانم بن جاسم الكواري ردا على الوزير الإماراتي، قائلا: "تو الليل يادكتور أول الغيث قطره هذا تهويش القادم أعظم. صدق الجزيرة كانت في سبات عميق عنكم وانتم أيقظتموها.. تحملوا إلي يجيكم".
وكتب مغرد آخر ساخرا قائلا: "تكفا أرجوك تحمل صار عادي إعلامكم يتكلم عن دولتنا ويوم الجزيرة أفضحتكم جيت تقول ما عدنا نتحمل تدري شلون امشي مناك الكلام ضايع معاك".
وقال صاحب حساب "منشار" في تغريدة له إنه "دام عندكم هالثقة يا دكتور عيل ليه طالبتوا بإغلاق قناة الجزيره !؟ وليه فرضتوا عقوبات على المتعاطفين !؟".
وهاجم علي القطري دولة الإمارات قائلا: "يستاهل محمد بن زايد لقب مدمر الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، فهو المصدر الأول لفشل أي ربيع عربي لأنه يريد دولا علمانية، وشعوبا ليس لها رأي".
وغرد علي عبد الله باوزير، ردا على الوزير الإماراتي بالقول: "معالي الوزير كل التقدير للإمارات حكومة وشعبا ورجالها وإنجازاتها محل إعجاب وتقدير ولكن عندما تساهم في حلحلة المشاكل في المنطقة وليس في صنعها".
وكانت منظمة هيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية ومنظمة الكرامة الحقوقية قالت في تقارير منفصلة لها، إن محتجزين في السجون الإماراتية تعرضوا لإساءة معاملة ممنهجة شملت التعذيب والإهانات والعقوبات القاسية.
وحصلت المنظمات على أكثر من 20 شهادة من بعض معتقلي "وثيقة الإصلاح" الـ94 شخصا، الذين اتهموا بالتخطيط لقلب نظام الحكم بعد مطالبتهم بالإصلاح السياسي بشكل سلمي في الإمارات.
وقالت المنظمات إن الشهادات التي سربها المعتقلون من سجون جهاز أمن الدولة الإماراتي، تتوافق مع اتهامات معتقلين آخرين بممارسة التعذيب في سجون الجهاز، وتشير إلى أنها عملية ممنهجة.
ونقلت المنظمات عن أحد المعتقلين قوله إن عناصر جهاز أمن الدولة الإماراتي قاموا بـ"ضربي بأنبوب بلاستيكي على جسمي كله، وتم تقييدي إلى مقعد وتهديدي بالصدمات الكهربية إذا لم أتكلم، وتعرضت للسباب والمهانة".
يشار إلى أن 94 شخصية سياسية وأكاديمية إماراتية ما زالت تقبع خلف القضبان بسبب إصدارها وثيقة سياسية رفعتها إلى رئيس الدولة، تدعو لإحداث إصلاحات سياسية تتيح للمواطنين مشاركة أوسع في القرار السياسي.