وبالنظر لما هو أقرب من اليمن، كانت الحكومة السعودية قد بدأت لتوّها آنذاك حرباً على بلدةٍ في شرق المملكة المتململ - وهي معركة مازالت دائرةً حتى الآن رغم تلقيها قدراً ضئيلاً من التغطية الإعلامية سواء داخل المملكة المحافظة أو خارجها.
طُوِّقت بلدة العوامية المعروفة بسُكَّانها الشيعة - وهي بلدة موجودة منذ 400 عام في محافظة القطيف شرقي المملكة ويقطن بها 30 ألف شخصٍ تقريباً - بحواجزٍ وضعتها أجهزة الأمن منذ أدّت محاولاتٍ لإخلاء بعض السكان لنشوب عنفٍ في العاشر من مايو/أيار الماضي.
ومنذ ذلك الوقت تدهور الوضع سريعاً في العوامية. ويُفيد السكَّان المحليون بأنَّ 25 شخصاً على الأقل قد قُتِلوا جرَّاء القصف أو برصاص القناصة، وتبدو صورٍ يُزعَم أنها لشوارع العوامية المتناثرة بالأنقاض والطافحة بمياه المجاري أقرب لمشهدٍ من سوريا وليس من مدينة خليجية ثرية بالنفط.
ويفيد تقرير إعلامي لـbbc بأن مئات من السكان يفرّون حالياً من بلدة العوامية بعد أسابيع من الاشتباكات بين بعض المسلحين وقوات الأمن.
ويَصعُب التأكُّد من صحة أية معلومات آتية من بلدة العوامية، إذ لا يُسمح لوسائل الإعلام الأجنبية بالاقتراب من المنطقة دون مرافقين حكوميين. ما يعني أنَّ العالم يعتمد في هذا الأمر على وسائل الإعلام الحكومية السعودية الخاضعة لرقابة شديدة.
وقال ناشطٌ مسلَّح مناهض للحكومة في مقابلة نادرة أجرتها معه وسائل إعلام غربية: "كنت متظاهراً سلمياً، كذلك كان معظمنا في العوامية، حتى قرَّرت الحكومة تصنيفنا كإرهابيين مطلوبين. كُل ما فعلناه هو المطالبة بالإصلاح، فاستهدفوا المدينة بأكملها".
وأضاف الناشط أنَّ قواتٍ حكومية داهمت منزله في بداية الحصار، وتعدوا على زوجته بالضرب، وصوَّبوا أسلحتهم نحو ابنته البالغة من العمر 5 أعوام، وأمسكوا بابنته الأخرى ذات الأشهر الثمانية ورفعوها عالياً ثم هدَّدوا بإلقائها على الأرض.
ووصف الأمر قائلاً: "قالوا لفتاتي الصغيرة: سنقتل أباكِ ونُلقي برأسه في حجرك".
وأضاف: "لم يُترَك لنا خيارٌ آخر. وَجَبَ علينا الدفاع عن حيواتنا وحياة نسائنا. دُمِّرَت المنازل تحت القصف، وإطلاق النار الكثيف، وقذائف الآر بي جي، أصبح الكل هدفاً".
أُغلِقت الطُرق المؤدية للعوامية بالمتاريسٍ منذ 3 أشهر بعد أن رفضت سُكَّانها الانصياع لقوات الأمن التي جلبت جراراتٍ ومعدّات بناءٍ لتنفيذ أوامرٍ بهدم المنطقة القديمة وإعادة تطويرها.
وشهدت تلك المنطقة اضطراباتٍ دورية منذ علت الأصوات، تزامناً مع الربيع العربي، المناهضة للتفرقة العنصرية تجاه أقلية المواطنين الشيعة في البلاد عام 2011.