وحسب الموقع فإن رسائل البريد الإلكتروني الخاصة بسفارة طالبان تهدف إلى توجيه ضربة لسمعة الإمارات لدى الشعب الأميركي. فبعد كل شيء، إذا كانت طالبان عدوًا لاميركا في أفغانستان، والقطريون هم من الأشرار الذين حاولوا استضافة سفارة طالبان في الدوحة، فكيف تجرؤ الإمارات على محاولة استضافة سفارة طالبان أيضًا؟ وقد تصبح الآن حقيقة استشهاد السعودية والإمارات بقضية سفارة طالبان في الدوحة كدليلٍ على تواطؤ قطر مع المتطرفين، نفاقًا.
ولكن مع كل ذلك، فإن صحيفة التايمز قد أهملت مفتاح فهم هذه القصة. فقد تنافست الإمارات وقطر لفتح هذه السفارة لأنّ هذا ما أرادته إدارة "أوباما" آنذاك.
دعونا نعود إلى أعوام 2009 إلى 2012. كُلف "ريتشارد هولبروك"، الذي عينه الرئيس "أوباما" آنذاك ممثلًا خاصًا لدى أفغانستان وباكستان، بمباشرة محادثات سلام مع طالبان. وعلى الرغم من أنّ "هولبروك" توفي في نهاية عام 2010، إلا أن خلفه "مارك جروسمان" في إجراء محادثاتٍ استكشافية مع طالبان عام 2011.
وفي عام 2012، وافقت طالبان على فتح سفارةٍ لها في قطر. ونجحت إدارة "أوباما" في جلب الحكومة الأفغانية وحركة طالبان معًا لإجراء محادثات سلامٍ في قطر، على الرغم من الاعتراضات الخطيرة من الرئيس الأفغاني السابق "حامد كرزاي"، ناهيك عن التحدي اللوجستي المتمثل في وصول طالبان إلى طاولة المفاوضات. وبعبارةٍ أخرى، أرادت إدارة "أوباما" فتح هذا المكتب، وساعدت على فتحه، ولم يكن ليُفتح لولا الضغط الأميركي.
في هذا السياق، أراد الإماراتيون أن تكون سفارة طالبان في أبو ظبي. وكانوا غاضبين من اختيار إدارة "أوباما" لقطر كمكان للسفارة. وذلك لأنّ المواقع الدبلوماسية المحايدة تكتسب هيبة دولية كبيرة. ولنعد بالذاكرة إلى قمة "ريغان" و"غورباتشوف" في ريكيافيك، أو السمعة التي تتمتع بها سويسرا بسبب جميع المعاهدات التي تم التفاوض عليها في جنيف.
ومن بين جميع أوجه القصور في الجهود الدبلوماسية لإدارة "أوباما" في الشرق الأوسط الكبير، لم يكن استخدام القنوات الخلفية واحدًا منها. فقد نجح في استخدام عمان كقناة إلى إيران، وقطر كقناة إلى طالبان، وكندا كقناة إلى كوبا. وكانت هذه الجهود من قبل الإدارة تهدف لإنشاء خط سري للدبلوماسية إلى الحكومات التي ليس لها علاقة رسمية باميركا.
وإذا فشلنا في فهم الغرض من القنوات الخلفية، سيكون لذلك عواقب. ويبدو أنّ إدارة "ترامب" قد اتخذت مسبقًا جانب الإمارات والسعودية في ادعاءاتها ضد قطر. وقد اعترف الرئيس "ترامب" أنّه كان قد قرر شخصيًا اتخاذ إجراء ضد قطر بعد أن أشار القادة الإقليميون (أي السعودية والإمارات) إلى قطر كممولٍ للإرهاب. ولكن إذا كانت قطر مسؤولة بشكلٍ فريد عن تمويل طالبان، فإنّ المرء يتساءل لماذا سافر زعيم حركة طالبان السابق "الملا منصور" إلى دبي 19 مرة قبل أن يلقى مصرعه بصاروخ هيلفاير من طائرة أميركية بدون طيار.
ويبدو أنّ الرئيس "ترامب" في الأسابيع الأخيرة قد أذعن إلى محاولات وزير الخارجية "ريكس تيلرسون" للتوصل إلى حلٍ بوساطة في تلك الأزمة، بعد أن بدا في البداية منحازًا للإمارات والسعودية في نزاعهما مع قطر. ولكن مع اقتراب أزمة قطر من حالة الجمود، بدأت لعبة الاتهامات والمبررات بين الجانبين تزداد قسوة، ويبدو أنّ التنافس وصل إلى الجمهور الأميركي، من خلال الإعلانات التلفزيونية باهظة الثمن وتسريبات البريد الإلكتروني لوسائل الإعلام الأميركية.
* أندرو برنارد ـ أميركان إينترست