بيان القوة الصاروخية أعلن عن تدشين مرحلة ما بعد الرياض، وهي ترجمة فعلية لتهديد أطلقه قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي في خطاب سابق.
جاءت النبرة التصعيدية في البيان كردة فعل طبيعية على جريمة ذبح الأسرى من الجيش واللجان الشعبية بمديرية موزع محافظة تعز ومع ذلك لم يخلو من جانب أخلاقي تمثل في دعوة قوى العدوان بسلوك المسار التفاوضي لمعالجة شاملة لملف الأسرى.
البيان كذلك أظهر حرص الجيش واللجان الشعبية على سلامة العاملين في شركات يمتلكها العدوان بأن دعاهم بقوله إن على الشركات الأجنبية العاملة لدى العدوان أن تحزم حقائبها وتغادر مواقعها لكون الشركات النفطية أصبحت هدفاً عسكرياً للقوة الصاروخية اليمنية.
ويرى مراقبون أن البيان وخلاصته جاء للإعلان عن مرحلة جديدة تدشنها القوة الصاروخية في سياق مواجهتها وردها على جرائم العدوان المستمرة، كما اعتبروه رداً على تصعيد العدوان الذي جاء بإيعاز من وزير الحرب الأمريكي خلال زيارته مؤخرا لدول الخليج كما كشف عن ذلك السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي.
الشارع اليمني بارك خطوة التصعيد العسكري للقوة الصاروخية واستهدافها منشآت حيوية، ونقلت وكالة "تسنيم" عن مراسلها في صنعاء قول أحد المواطنين، انه "ما كان بعيد المنال بات أقرب مما تتخيل" عبارة تختصر مدى التطور الصناعي الذي حققته القوة الصاروخية اليمنية والتي أمكن لها مؤخرا استهداف مواقع عسكرية وحيوية في عمق السعودية على مدى يصل الى أكثر من 1400 كيلومتر. تقول الوكالة.
كما رأى محللون عسكريون أن استهداف محافظة ينبع خطوة تصعيدية اتخذتها القوة الصاروخية يأتي ضمن سلسلة الخيارات الاستراتيجية باستهداف ما بعد الرياض، الامر الذي يعني الاستمرار في مواجهتها ضد التحالف الذي تقوده السعودية، ولترسل أكثر من رسالة للدول المشاركة في الحرب ضد اليمن فحواها ان لديها من الخيارات مايمكنها من ضرب اي هدف فيها وأن كل الدول المشاركة في العدوان باتت في مرمى الصواريخ اليمنية.
أمعن العدوان ومنذ اليوم الأول له في ضرب المنشآت الحيوية الحكومية والمدنية وحول كل شيء تقريبا إلى هدف عسكري تخلل ذلك قتله للمدنيين بشكل بشع, كما تحدثت آخر الإحصائيات عن الخسائر والاضرار البشرية والمادية الناتجة عن العدوان لتؤكد أنه أودى بحياة ما يقارب من 30 ألف مواطن وجرح ما لا يقل عن 20 ألف بالإضافة إلى ملايين المهجرين ،واوضاع معيشية صعبة جداً.
وبلغة الأرقام فقد دمر العدوان 746 مسجدا و775 مدرسة و230 منشأة سياحية و207 معلم أثري و103 منشأة رياضية و114 منشأة جامعية و676 مخزن غذاء و528 ناقلة غذاء و368 خزان وشبكة مياه و353 شبكة ومحطة اتصالات و294 مستشفى ومرفق صحي و221 مزرعة دجاج ومواشي و404 ألف و458 منزل وألف و733 طريق وجسر.
وكتب نافيز أحمد، الخبير في التحقيقات الصحفية والأمن الدوليين أن تحالف السعودية قتل الآلاف من المدنيين، إضافة إلى مليون نازح؛ بسبب القصف الجوي للمملكة العربية السعودية، وبدعم كل من الولايات المتحدة وبريطانيا.
وأضاف أحمد أن سلاح الجو السعودي قصف بشكل ممنهج البُنى التحتية المدنية في اليمن في انتهاك صارخ للقانون الإنساني الدولي.
وأشار إلى تقرير مسرب من الأمم المتحدة لمجلس الأمن أكد أن التحالف الذي تقوده السعودية، استهدف في ضرباته الجوية المدنيين والأعيان المدنية، بما في ذلك مخيمات المشردين واللاجئين، والتجمعات المدنية، بما في ذلك حفلات الزفاف. السيارات المدنية، بما في ذلك الحافلات. المناطق السكنية المدنية، المرافق الطبية، المدارس، الجوامع، أسواق ومصانع ومستودعات تخزين المواد الغذائية. والبنية التحتية المدنية الأساسية الأخرى، مثل: مطار صنعاء، ميناء الحديدة، وطرق العبور المحلية. مما يشكل انتهاكاً للقانون الإنساني الدولي.
كما وصف الكاتب الروسي المشهور فيكتور دنيسينكو في مقال ترجمته" روسيا اليوم" تحالف العدوان بالتحالف الإجرامي"، وقال إنه بأمواله يستمر في القتل مع الإفلات من العقاب", مشيراً إلى الوضع المأساوي، الذي يعيشه شعب اليمن من جراء الحرب والحصار؛ معتبرا أن ما يحدث في اليمن يمثل أقسى أنواع الاستخفاف بحياة ملايين الأبرياء.
في المقابل وعلى النقيض تماما من العدوان اتخذ الجيش واللجان الشعبية ومنذ اليوم الأول للرد لأهدافه بنكا خاليا من الأهداف المدنية حتى وإن كانت لها مكاسب عسكرية وسياسية وجسد ذلك عمليا على الأرض وجعل بنك أهدافه معسكرات ومواقع وقواعد عسكرية.
كما حدد ناطق الجيش واللجان العميد شرف لقمان في تصريح له خريطة الأهداف بالقول "من أخلاقياتنا أننا لانستهدف مدنيين.. هم يستهدفون أبناءنا ومنشآتنا المدنية.. نحن لانتعامل معهم بهذا الشكل، وإن كنا قد أعلنا بأننا سنرد بالمثل لكن الرد سيكون في إطار أخلاقياتنا وديننا وتقاليدنا.. ونحن ماضون في ذلك والأيام القادمة ستثبت ذلك.. تنتظرنا المؤسسات الاقتصادية في الخوبة ومحطاتهم الكهربائية وموانئهم وكلها أهداف مشروعة لنا وسنستهدفها إذا لم يتوقف العدوان".
مرحلة جديدة إذاً يدشنها الجيش واللجان الشعبية بعد عامين ونصف من حرب الإبادة والتدمير الممنهج للعدوان بعد وضع القوة الصاروخية المنشآت المركزية الحيوية السعودية أهدافاً عسكريةً وتحت رحمة الصواريخ اليمنية.
في مرحلتها الجديدة أدخلت القوة الصاروخية للخدمة جيلا جديدا من الصواريخ بعيدة المدى، مدشنة بذلك استهداف المنشآت الصناعية والنفطية وقطاع الاقتصاد السعودي وضمها إلى دائرة الأهداف العسكرية للصواريخ الباليستية.
وللتأكيد على حالة الجهوزية لمتطلبات المرحلة الجديدة فقد جاء الإعلان عنها عقب استهداف مصافي محافظة ينبع النفطية بالسعودية بصاروخ باليستي طويل المدى تم الكشف عنه لأول مرة.
ضم المنشئات النفطية للعدوان إلى بنك أهداف الجيش واللجان سيترك تداعياته الواسعة وسيغير من موازين القوى في مواجهة العدوان، حيث يعُتبر النفط أكبر صرح إيرادي في السعودية وأهم رافد للاقتصاد السعودي والتي بلغت عائداتها منذ بداية عام 2016وحتى نهاية شهر أغسطس الماضي، نحو 276 مليار ريال، ما يعادل 73.6 مليار دولار أمريكي، بعد أن صدّرت أكثر من 1.7 مليار برميل في 8 أشهر، وبمتوسط تصدير يبلغ نحو 7.4 ملايين برميل يومياً.
استهداف مصافي النفط يمثل سلاحا فعالا للضغط لوقف العدوان لأن النظام السعودي يعتمد بشكل أساسي على الدخل الكبير الذي يُجنيه من النفط ويغطي به نفقة الحرب وبذلك سيجبره على مراجعة حساباته وتوقيف عدوانه.
يؤكد المراقبون أيضا أنه كان بإمكان القوة الصاروخية للجيش واللجان منذ الأيام أو الأشهر الأولى للعدوان استهداف محطات تحلية المياه وضرب المنشآت النفطية وإبادتها عن بكرت أبيها لكنهم لم يقوموا بذلك.. لأنها أخلاق الرجال في الحروب.