وأشار المتحدث الرسمي باسم ما تسمى «أحرار الشام» محمد أبو زيد في تصريح صحفي صدر عنه أمس إلى «استمرار وصول الارتال والمؤازرات من ماتسمى «هيئة تحرير الشام» على كل من سراقب وجبل الزاوية وقطاع البادية، وكشف عن وجود نية لدى «الهيئة» لاقتحام سراقب وجبل الزاوية، لكنه شدد في الوقت نفسه على أن «الحركة سوف تتصدى بكل قوة لأي عمل يستهدف أي قطاع من قطاعاتها»، وذلك رغم تأكيد الحركة في البيان الثاني الذي صدر عن قيادتها العامة أن «خيار الحركة الأول دائماً هو الاحتكام إلى شرع اللـه وحل المشاكل بعيداً عن السلاح وإراقة الدماء حسب تعبيرهم».
ويلاحظ أن نبرة جديدة بدأت تطغى على خطاب «أحرار الشام» تجاه «هيئة ما تسمى تحرير الشام» في الآونة الأخيرة بالتزامن مع التغييرات الجذرية التي أحدثتها الحركة في رايتها وشعارها ومرجعيتها الفقهية، ولاسيما على صعيد إكثار الحركة من التلويح بالقوة في مواجهة «الهيئة» كما على صعيد دعوتها المتكررة لعناصر «الهيئة» للانشقاق عنها.
يبدو هذا التصعيد الخطابي طبيعياً لأن مجمل التغييرات التي حصلت في الحركة تثبت أن العلاقة بينها وبين الهيئة ذاهبة نحو العداء والاصطدام المسلح انسجاماً مع العديد من التوقعات التي طالما اعتبرت أن المعركة بين الأحرار وجبهة النصرة ستكون الفصل الأخير من سلسلة الفتن «للعناصر الارهابية المسلحة» التي ضربت بين التنظيمات المسلحة في سورية.
ووقعت اشتباكات الجمعة بين الطرفين في عدة قرى من ريف إدلب أهمها تل طوقان على خلفية مقتل اثنين من تجار السلاح المقربين إلى «هيئة تحرير الشام» وتوجيه الأخيرة أصابع الاتهام نحو «أحرار الشام» وتحديداً نحو «صقور الشام» الذي يتزعمه أبو عيسى الشيخ، واستمرت الاشتباكات نحو 12 ساعة متواصلة انتهت بسيطرة «الهيئة» على قرية تل طوقان الواقعة شرق سراقب وغرب أبو الظهور، ومقتل وجرح العشرات من عناصر الطرفين ومن المدنيين.
ورغم أن الطرفين توصلا مساء الجمعة إلى اتفاق أوليّ لحل الخلاف بينهما وعرضه على محكمة شرعية، إلا أن استمرار الحملات الإعلامية واستمرار تبادل التهديدات والاتهامات عبر البيانات الرسمية وعبر حسابات الأنصار في مواقع التواصل الاجتماعي أدى، إلى انهيار الاتفاق بسرعة وعودة أجواء التوتر لتخيم على علاقة الطرفين التي سرعان ما توجتها «أحرار الشام» إصدار بيانيها الناريين آنفي الذكر.
وشنّ لبيب النحاس الذي لم يعد له أي منصب رسمي في «أحرار الشام»، هجوماّ لاذعاً على القائد العسكري لـ«هيئة تحرير الشام» أبي محمد الجولاني، واتّهمه بأنه «يعدّ لحرب شاملة ضد الثورة» معتبراً أن «ما يحضر له الجولاني هو هروب من واقع التفكك الداخلي والعجز عن التخلص من شبح التصنيف، فأراد أن يغرق الساحة كلها معه».
ويعد النحاس الذي كان يشغل منصب رئيس مكتب العلاقات الخارجية لكنه عُزل منه بداية الشهر الجاري، من أشد قيادات «أحرار الشام» إلى جانب شقيقه كنان النحاس عضو مجلس شورى الحركة، حماسة للاصطدام مع مشروع الجولاني والالتقاء مع الرغبات الأميركية.
وحسب بعض التسريبات فإن أبو محمد الجولاني قد اتخذ قرار المواجهة مع «أحرار الشام» منذ نحو أسبوعين، لكنه ما زال يستمهل في إعلان الحرب بسبب مواقف بعض قياداته التي ترفض الاصطدام مع «الأحرار» ومن أبرز هؤلاء أبو ماريا القحطاني وأبو الحارث المصري وأبو عبدالله المحيسني.
وأكدت التسريبات التي نشرها «فاضل الشيخ» على حسابه على تويتر أن خطة الجولاني تقضي بوجوب السيطرة على قطاعات معينة من الأحرار وعزل سراقب وجبل الزاوية وفصل سهل الغاب عن الشمال.
وقد أكد ماجد الراشد أبو سياف، سعودي الجنسية، وهو قيادي سابق في «جبهة النصرة» قبل أن ينضم إلى قائمة المعارضين للجولاني، هذه المعلومات وذكر أسماء القياديين المتحمسين لقرار المواجهة مع «الأحرار» ومن أبرزهم أبو حسين الأردني قائد جيش النخبة في «الهيئة» والذي وضع خطة متكاملة للهيمنة على إدلب بشكل نهائي، حسب أبو سياف.
المصدر: الوطن