ويقول كريستوفر ديفيدسون الخبير في شؤون الشرق الأوسط في جامعة درم البريطانية: "يبدو أن السعودية والإمارات استخفتا بقدرة قطر على جر لاعبين إقليميين كبار بينهم إيران وتركيا إلى الخلاف وبهذه السرعة".
ويرى أن هذا الأمر يمنع أي تحركات ميدانية يمكن أن تقدم عليها السعودية وحلفاؤها، ويرسخ استراتيجية اقتصادية على المدى البعيد تقوم على دفع الاقتصاد القطري للنزيف في وقت تشهد الإمارة حملة إعمار ضخمة تحضيرا لاستضافة مونديال 2022.
مع تفاقم الخلاف، وفي ظل العقوبات المفروضة على قطر وبينها إغلاق المجالات الجوية أمام طائراتها والحدود البرية السعودية معها، اتجهت الدوحة إلى إيران وتركيا بحثا عن بديل مؤقت للشريك الخليجي.
وبينما تتوسط دول كبرى لإنهاء أكبر أزمة دبلوماسية تشهدها المنطقة منذ سنوات، يتحول الخلاف مع مرور الوقت إلى معركة لي ذراع، تحمل في طياتها عواقب اقتصادية، لا تقتصر فقط على قطر التي تتهمها الدول المقاطقة بدعم الإرهاب.
وتقدمت الدول الأربع بمجموعة من المطالب لإعادة العلاقات مع قطر، بينها دعوة الإمارة الغنية إلى تخفيض العلاقات مع إيران وإغلاق قناة "الجزيرة".
وقدمت قطر ردها الرسمي على المطالب إلى الكويت التي تتوسط بين أطراف الأزمة، قبل أن تعلن الدول المقاطعة أن الرد جاء "سلبيا"، متعهدة باتخاذ خطوات جديدة بحق الإمارة الغنية.
ويقول كريستيان أولريشسن الخبير في شؤون الخليج الفارسي في معهد بيكر الأميركي "أعتقد أن الأزمة تسير في طريق مفتوح".
وفي واشنطن، تحذر وزارة الخارجية الأميركية بدورها من أن الخلاف قد يطول. وقالت متحدثة باسمها الخميس إن الأزمة "قد تستمر لأسابيع، إن لم يكن لأشهر".
وكانت الدول الكبرى عقدت آمالها على الرد القطري للوصول إلى حل، إلى أن تبين أن قطر ترفض لائحة الشروط التي تشمل 13 طلبا، معتبرة أن هذه المطالب "غير واقعية".
ويرى المحلل السياسي في كلية كينغز في لندن أندرياس كريغ أن من الصعب توقع نهاية الخلاف في المستقبل القريب، إذ "لن يكون هناك رفع للعقوبات قريبا، لا أستطيع أن أرى ذلك يتحقق".
حتى الرمق الأخير
وزار وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون المنطقة نهاية الأسبوع، قبيل جولة مماثلة لنظيره الأميركي ريكس تيلرسون يبدأها الاثنين.
وتخشى واشنطن من أن يتفاقم الخلاف في الفترة القريبة المقبلة في خضم بحث الدول المقاطعة عن إجراءات جديدة ضد قطر، وبينها احتمال طردها من مجلس التعاون الخليجي، أو تعليق عضويتها في جامعة الدول العربية.
وتطرقت وسائل إعلام خليجية إلى إمكانية أن تقدم السعودية الإمارات على وضع الشركات الكبرى أمام خيار استمرار التعامل معها في مقابل وقف التعامل مع قطر.
لكن أولريشسن يرى أن خطوة مماثلة فد تنعكس سلبا على الاقتصاد السعودي في حين تحاول قيادة المملكة تنويعه وجذب استثمارات خارجية لوقف الاعتماد على النفط.
وبعدما أعلنت قطر، أكبر مصدر عالمي للغاز الطبيعي المسال، عزمها زيادة إنتاجها من الغاز بنسبة 30 في المئة بداية الأسبوع، بدأت شركات الطاقة الكبرى تعمل على حجز حصص لها من العقود العتيدة.
ومن التلويح الخليجي بإجراءات عقابية جديدة، إلى العناد القطري، تتواصل فصول الأزمة وانعكاساتها على السياسات والاقتصادات الإقليمية.
ويقول ديفيدسون: "لا مكان للتنازلات هنا. يبدو أنها (الأزمة) ستتواصل حتى الرمق الأخير".
وكانت السعودية والإمارات والبحرين ومصر قد قطعت في الخامس من أيار/مايو علاقاتها بقطر، وفرضت عليها عقوبات اقتصادية على خلفية هذا الاتهام، آخذة عليها أيضا التقارب مع إيران.
لكن الدوحة التي تستقبل أكبر قاعدة جوية أميركية في الشرق الأوسط، نفت مرارا الاتهامات بدعم الإرهاب.
المصدر: أ ف ب