مات بريجنسكي عن 89 عاماً يوم الجمعة في مستشفى في ولاية فيرجينيا، وفقاً لابنته ميكا بريجنسكي التي لم تذكر سبب وفاته وإنما نعته قائلة "والدي وافته المنية بسلام الليلة".
بريجنسكي كان أحد دعاة الهيمنة الأميركية، وهو قدم العديد من المقترحات لإسقاط الاتحاد السوفييتي، وكان وسيطاً في اتفاقية كامب ديفيد – وتًعد هذه واحدة من أهم منجزاته الاستراتيجية المعروفة.
من غير قصد ساعد بريجنسكي على خلق تنظيم القاعدة، عندما أقنع الرئيس جيمي كارتر بإدارة برنامج سري للسي آي إيه لإطلاق الحرب بالوكالة ضد الحكومة الأفغانية المدعومة من الاتحاد السوفييتي – لا بل ذهب إلى "استدراج التدخل العسكري السوفييتي".
"نحن لم ندفع الروس للتدخل، لكننا نعلم احتمال ازدياد حدوث ذلك" قال في مقابلة عام 1998 مع مجلة لونوفيل أوبسرفاتور.
"في اليوم الذي عبر فيه السوفييت رسمياً الحدود، كتبت رسالة للرئيس كارتر: "الآن لدينا الفرصة لإعطاء الروس حرب فيتنام".
"العملية السرية كانت فكرة ممتازة، وكان لها تأثير جر الروس إلى الفخ الأفغاني وانتم تريدون مني أن أتأسف على ذلك؟" قال بريجنسكي للشخص الذي كان يجري معه المقابلة.
"ما هو أكثر أهمية في العالم؟ طالبان أو انهيار الإمبراطورية السوفييتية؟ بعض المتطرفين – أو تحرير وسط أوروبا ونهاية الحرب الباردة؟".
بعد ذلك بأقل من أربع سنوات، هؤلاء "المتطرفون" سيدمرون مركز التجارة العالمي ويلحقون الضرر بالبنتاغون، لتبدأ "الحرب على الإرهاب" التي لا نهاية لها والتي ما تزال مستمرة حتى يومنا هذا.
بريجنسكي – مستشار الأمن القومي- للرئيس جيمي كارتر ذهب أيضاً إلى أفغانستان مع أجهزة الاستخبارات الأميركية CIA لتمويل أسامة بن لادن ضد الروس.
تجدر الإشارة إلى أن بريجنسكي ولد في وارسو، بولندا، في عام 1928 – وفقاً للسيرة الذاتية الرسمية له، بينما تذكر مصادر أخرى أنه ولد في الواقع في القنصلية البولندية في مدينة خاركوف الأوكرانية، التي كانت في ذلك الوقت جزءاً من الاتحاد السوفييتي، لكن والداه سجلاه على اعتبار أنه ولد في بولندا وليس في الاتحاد السوفييتي. د
تخرج من جامعة هارفارد وحصل على درجة الدكتورا في العلوم السياسية وكانت اطروحته حول تشكيل النظام الشيوعي الشمولي في الاتحاد السوفييتي، وألف كتاب الاستراتيجية العالمية الشاملة لمكافحة الشيوعية ومفهوم الشكل الجديد لأشكال الهيمنة الأميركية".
"هزيمة أو انهيار الاتحاد السوفييتي كانت الخطوة الأخيرة في الصعود السريع للقوة في نصف الكرة الغربي، الولايات المتحدة، باعتبارها الوحيدة، وفي الواقع، أول قوة عالمية حقيقية "كتب بريجنسكي في كتابه عام 1998 "رقعة الشطرنج العالمية".
مع ذلك في إحدى تصريحاته الأخيرة في مجلة –أميركان إنتريست- "المصلحة الأميركية" أكد الدبلوماسي البولندي المولد أن الولايات المتحدة "لم تعد القوة الإمبريالية العالمية" و"لا يمكنها أن تكون فعالة في التعامل مع العنف الحالي في الشرق الأوسط، إلا عبر تحالف ينطوي، على درجات متفاوتة، مع روسيا والصين".
في الستينات، شغل بريجنسكي منصب مستشار لإدارتي كيندي وجونسون – موقفه المتشدد تجاه الاتحاد السوفييتي، لم يتضاءل أبداً. في سنوات كارتر، أصبح بريجنسكي مستشاراً للأمن القومي وكان يعتبر الساعد الأيمن للرئيس. وخلال إدارة بيل كلينتون، كان رجل الدولة الصوت الرئيسي لدفع الناتو للتوسع شرقاً.
مات بريجنسكي بأمان على سرير في مستشفى، بخلاف الملايين من المدنيين النازحين والقتلى الذين كانوا ضحية لألعاب الشطرنج الجيوسياسية لبريجنسكي من الدم والجنون.
إرثه هو ذلك العدد الكبير من الميليشيات الارهابية، تشكيل تنظيم القاعدة، الهجوم الأكثر تدميراً على الأراضي الأميركية من قبل جهة أجنبية في تاريخنا الحديث، إن موت هذا الرجل في الوقت الذي يموج فيه العالم ويضطرب على وقع العمليات الإرهابية من العراق إلى سوريا وأخيراً مانشستر والفيلبين، يدفعنا للسعي لفهم أعمق للمكان الأصلي ومهد الإرهاب الحديث الذي أشرف عليه وأداره بريجنسكي، بينما خلق صدعاً لا يمكن رأبه في الخط الكامل لروسيا كعدو أزلي محال أن يكون معها سلام – والآن لا يمكن أن يتحقق وأكثر من أي وقت مضى.
عن: The Free Thought Project - ترجمة وصال صالح - شام تایمز