وأضاف هيرست في مقال له نشرته "ميدل ايست آي"، "أن القطريين صحوا من نومهم ليلة الثلاثاء على مخاوف من انقلاب وشيك، في الأيام الأولى من حقبة سوداء حلت على المنطقة بعد أن بارك ترامب حكامها الطغاة".
وتابع : "هذه أيام حالكة السواد، اسودت بذبح الأطفال في مانشستر، بقدر ما سودتها الحفاوة المتملقة التي استقبل بها دونالد ترامب في الرياض. ثم ما لبثت أن ازدادت حلكة وسوادا بسبب تأثير ترامب، الذي يمكن أن يكون أشد خطرا من الرجل ذاته" .
واعتبر هيرست أن ترامب كان في غاية الوضوح مع هؤلاء الزعماء العرب "الذين أدوا له الجزية"، ولسان حاله يقول: "لم آت إلى هنا لأتحدث عن حقوق الإنسان، بل لن أعيد التفوه بالكلمة ولا لمرة واحدة. لست هنا لكي أحاضركم في الديمقراطية. بإمكانكم أن تفعلوا ما شئتم بشعوبكم، فهذا شأنكم. في الحقيقة، لم آت إلى هنا لكي أحدثكم عن الحياة أبدا. وإنما جئت لأتكلم عن الموت. أريد منكم أن تمسحوا الجهاديين (التكفيريين) من على وجه المعمورة".
وعن الهجوم الإلكتروني قال: "صحا القطريون من نومهم ليجدوا موقع وكالة الأنباء القطرية الرسمية "قنا" على الإنترنت، وقد نقل عن حاكم قطر تصريحات بالغة الضرر ما كان ليخطر ببال حاكم دولة خليجية الجهر بها، مفادها أن الدوحة لديها توترات مع ترامب، وأن إيران قوة إسلامية معتبرة ليس من الحكمة أن يكن لها العداء، وأن ترامب يواجه مشاكل قضائية في بلاده".
وأضاف: "سواء كانت تلك أخبارا زائفة أم لا، فقد شمرت وسائل الإعلام السعودية والإماراتية عن سواعدها. حيث سارعت قناتا العربية والإخبارية المملوكتان للسعودية، وقناة سكاي نيوز العربية المملوكة جزئيا للإمارات إلى إلغاء برامجها المعتادة لصالح تغطية كاملة ومباشرة للأخبار الزائفة وعلى مدى ساعات الليل، كانت التغطية الإعلامية للأخبار الزائفة سريعة ومتكاملة، بحيث يستحيل إلا أن يكون قد سبق التخطيط والترتيب لها. وتابع: "استغرق القطريون ساعات حتى يفيقوا من غفوتهم ويصدروا نفيا. ولكن، تم تجاهل نفيهم ولم يحظ بأي تغطية حتى الصباح".
ولفت هيرست إلى أن عملية الاختراق من قبل الهاكرز كانت على مستوى عال من المهنية، وحققت الغرض المرجو منها. وقال: "حينما أدرك الناس ما الذي كان يجري، انبعثت الصدمة في أوصال المملكة الصغيرة، وجفا النوم عيون المواطنين الذين ظنوا أن انقلابا كان قيد التنفيذ"
وقال: "يشير أصبع الاتهام إلى عدد من جيران قطر المبادرين لها بالعداء، ولكن بالذات إلى الإمارات، التي يتوفر لديها الدافع والقدرات التي تمكنها من القيام بمثل هذا العمل".
وذكّر هيرست بما قاله الخبير الأمني الإيطالي سيموني مار غريتيلي في شهر أغسطس من العام الماضي، الذي يعمل باحثا في شركة أمريكية تعمل في مجال أمن الإنترنت اسمها زيمبيريام، حينما قال بأن مؤسسة تابعة للإمارات حاولت توظيفه حتى ينشئ لها فريقا نخبويا من الهاكرز.
وكانت صحيفة ذي نيويورك تايمز قد نشرت تقريرا من قبل، يبين كيف كانت دولة الإمارات العربية المتحدة تشتري معدات وبرامج تستخدم في المراقبة والتجسس. والآن، بحسب المزاعم، ما لبث الإماراتيون يسعون إلى تنمية وتطوير فريق من الهاكرز يكون تابعا لهم وتناط بهم مهمة تكوين الفيروسات والبرامج التي تستخدم في الاختراق والتجسس.
وتابع ": بالطبع ذلك ما يحدث بالضبط حينما يعطي شخص مبتدئ في قضايا الشرق الأوسط مثل ترامب الضوء الأخضر إلى جمهور يشتمل على الزعماء العرب، الذين يعزى إلى طغيانهم وسوء إدارتهم في المقام الأول إيجاد تنظيم القاعدة ثم تنظيم الدولة الإسلامية".
واستدرك هيرست قائلا: "لا يقصد من ذلك بتاتا التقليل من مسؤولية الحكومات الغربية التي تغذي ظاهرة العنف وتمدها بالوقود. لم يكن لدى المخابرات البريطانية أدنى مشكلة في تشجيع المسلمين الذين ولدوا في بريطانيا على القتال في البوسنة وفي ليبيا وفي سوريا – في بادئ الأمر – عندما كان الغيلان هم الصرب والقذافي والأسد. ولكن حينما تنقلب السياسة الوطنية رأسا على عقب، كما حدث في سوريا بعد عام 2012، يعامل هؤلاء الفلاحون العائدون بشكل مختلف تماما".
وأشار أنه يتوجب على ترامب أن يدرك بأن هؤلاء الحلفاء العرب الذين اكتشف وجودهم مؤخرا، لديهم دوافع مختلفة تماما عن دوافع الولايات المتحدة، أو أي دولة غربية أخرى تسعى إلى الدخول في فصل آخر من حرب لا نهاية لها على الإرهاب.
وقال: "إن الهم الوحيد لهؤلاء هو المحافظة على عروشهم وأنظمتهم السلطوية، التي تبلغ من البشاعة حدا تبدو بالمقارنة معه أنظمة مثل نظام مبارك ونظام ابن علي أنظمة جيدة".
وتابع: "لو أراد ترامب جوابا قصيرا عن سؤال من يتحمل المسؤولية عن صعود "القاعدة" و"داعش"، لكان الجواب جالسا بشكل جماعي أمامه مباشرة".
وعن فترة رئاسة أوباما وعلاقتها بالمنطقة قال: "كانت لأوباما أخطاء كثيرة، ولقد أثبت بطرق شتى أنه كرئيس للولايات المتحدة كان أشد قسوة على الشعوب العربية من ترامب، لأنه كان يعد بأكثر مما كان قادرا على الوفاء به. أما ترامب فلا يعد ولا ينجز".
وأضاف أنه يمكن "تعلم الكثير من المقارنة بين الخطاب الذي ألقاه أوباما في القاهرة في حزيران/ يونيو 2009، وقائمة الغسيل الحقيرة التي ألقيت على مسامع الحضور في الرياض".
واستمر قائلا: "أقر أوباما بالمسؤولية الملقاة على عاتقه حتى يتخلص من الفوضى التي خلفها الغزو الأمريكي للعراق، أما ترامب فلم يذكر ذلك البتة. وتحدث أوباما عن حقوق الإنسان، أما ترامب فلم يتفوه بالعبارة ولو لمرة واحدة، وتكلم أوباما عن الحياة بينما تكلم ترامب عن الموت، وقال إن الطريقة الوحيدة للتعامل مع الجهاديين (التكفريين) هي إبادتهم ومسحهم من على وجه المعمورة".
وختم هيرست بالقول إن العوامل التي أدت إلى تفجر الانتفاضة الشعبية في عام 2011 (الربيع العربي)، أقوى بكثير اليوم مما كانت عليه حينذاك. "فالقمع أشد، والدول في كل أنحاء الشرق الأوسط تفشل في توفير الحماية والخدمات الأساسية لشعوبها".