يقول الخبير لدى جامعة دورهام في بريطانيا كريستوفر ديفدسون إن القضية تكشف عن "شرخ خطير بين معسكرين في الخليج الفارسي".
كما تثير تساؤلات حول التقارب الذي حصل في الأشهر الأخيرة بين قطر وجيرانها، خصوصا السعودية.
وتسعى الإمارة الغنية بالغاز إلى الحد من الأضرار الناجمة عن تسريب تصريحات نسبت الأربعاء إلى أميرها الشيخ تميم بن حمد آل ثاني وقالت الدوحة إنها مفبركة ونشرت بعد اختراق وكالة الأنباء القطرية الرسمية.
لكن هذه الرواية تواجه تشكيكاً في الإعلام السعودي والإماراتي، الدولتين الأبرز في مجلس التعاون الخليجي الذي تنتمي إليه قطر.
وتضمنت التصريحات التي نسبت إلى أمير قطر انتقادات واضحة للسعودية ودول الخليج الفارسي العربية، لجهة موقفها من إيران. ونقل عن الأمير قوله إن إيران "تمثل ثقلاً إقليمياً وان ليس من الحكمة التصعيد معها".
وجاء في هذه التصريحات أيضاً "لا يحق لأحد أن يتهمنا بالإرهاب لأنه صنّف الإخوان المسلمين جماعة إرهابية، أو رفض دور المقاومة عند حماس وحزب الله".
وهاجمت السعودية وأميركا في "القمة الأميركية العربية الإسلامية" التي عقدت في السعودية في نهاية الاسبوع بعنف إيران التي اعتبرتها "راعية للإرهاب".
ويقول محللون إن القضية تتجاوز إطار اختراق إلكتروني بسيط وتضع قطر مرة أخرى في مواجهة مباشرة مع دول عربية أخرى، مع مخاطر حصول أزمة مفتوحة أخرى كما حصل في العام 2014 عندما سحبت دول أعضاء في مجلس التعاون سفراءها من الدوحة احتجاجاً على الدعم المفترض الذي تقدمه قطر إلى حركة "الإخوان المسلمون".
وسيرتبط مثل هذا التطور "بما إذا كانت القضية ستتضخم أو ستخبو بهدوء" في الأيام المقبلة، بحسب كريستيان أولريتشسن من جامعة رايس.
ويوضح أولريتشسن لوكالة فرانس برس أن "حجب موقعي الجزيرة والتلفزيون القطري في السعودية والإمارات يحمل على الاعتقاد بوجود توتر أكبر لا يزال مستمرا".
ومنذ الأربعاء، لا تزال دول خليجية عدة تحجب مواقع إلكترونية قطرية.
"في الجانب السيء"
ويقول أولريتشسن "من الممكن أن تكون السعودية والإمارات تشعران بجسارة أكبر بعد نجاح تحالفهما الجديد مع إدارة (الرئيس الأميركي دونالد) ترامب، وانهما تريدان تعزيز نفوذهما في شؤون المنطقة".
وحدد ترامب في لقاءاته مع قادة دول الخليج الفارسي العربية خلال زيارته الأخيرة إلى الرياض الخطوط العريضة لسياسته في الشرق الأوسط.
وشدد ترامب على رغبته في التصدي "للتجاوزات الإيرانية" وللمتطرفين الإسلاميين. وقد سمى بين المجموعات الإرهابية حركة حماس الفلسطينية وحركة طالبان الأفغانية وحزب الله اللبناني، إلى جانب القاعدة وتنظيم داعش.
ويمكن لمثل هذه السياسة أن تهمش قطر التي تستضيف الرئيس السابق للمكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل، ولديها مكتب لحركة طالبان، وتتهم بدعم حركة "الإخوان المسلمون".
ويقول ديفدسون إن الدول المنافسة لقطر "تحاول أن تظهرها بمظهر من يقف في الجانب السيء من التحالف الذي تقوده السعودية في المنطقة ويؤيده ترامب".
وحاول وزير خارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني التقليل من أهمية الخلاف قائلا إن الدوحة لا تعتبره "قضية مهمة"، وان التحقيق سيكشف مصدر الهجوم الإلكتروني.
لكن القضية أثارت عاصفة في شبكات التواصل الاجتماعي من المعسكرين، ما يزيد من حدة التوتر.
ويبدو أن التقارب بين ترامب والدول الخليجية الأخرى سيشكل معضلة بالنسبة إلى الدوحة في المستقبل.
ويتوقع أولريتشسن "يبدو أن السعودية والإمارات ستستفيدان في ظل إدارة ترامب من امتيازات على صعيد الأمن وستكونان في طليعة أولويات السياسة الأميركية في المنطقة".
بقلم ديفيد هاردينغ ـ فرانس برس