هي مسرح الأحداث بلا أدنى شك في القادم من الأيام ، وهي وراء التحركات المتسارعة للقوى الإقليمية والدولية مؤخرا في عمق البادية وما حولها. إذ أن توجه الجيش السوري وحلفائه الى البادية وإلى الحدود العراقية يهدف إلى التمهيد للسيطرة عليها وإنتزاعها من يد تنظيم داعش الذي احكم سيطرته على معظمها في العام 2014 .
الحشود الأمريكية والبريطانية ومعهم فصائل سورية مسلحة في الأردن يهدف كذلك إلى الانطلاق في عمق البادية للوصل إلى ديرالزور بالإضافة لهدف معلن يتعلق بتأمين الحدود الجنوبية مع إسرائيل في درعا والقنيطرة .
أول احتكاك عسكري جرى في طريق السباق اليها كان الخميس الماضي عندما اغارات الطائرات الأمريكية على تجمع لقوات الجيش السوري وقوات حليفه له قرب معبر التنف بين سوريا والعراق.. ما استدعى سيل من التصريحات السورية والروسية المستنكرة، وتهديد مبطن ايراني عبر البيان الذي أصدرته كتائب سيد الشهداء والذي أكد عزم تلك الكتائب على العمل لطرد القوات الأمريكية من سوريا . تلك رسالة إيرانية تذكر الأمريكيين بالمقاومة العراقية بعد الغزو الأمريكي للعراق في عام 2003.
فما هو سر هذه المدينة ولماذا السباق عليها اكتسى في الأيام الماضية أهمية وأولوية تفوق معركة تحرير الرقة؟
لمعرفة الإجابة علينا أن نحدد وفق المعلومات أهداف هذه القوى في تلك المنطقة وأهمية الحصول على دير الزور.
اندفعت قوات الجيش السوري ومعها قوات من حزب الله وحلفاء آخرين في عمق البادية باتجاه الحدود العراقية السورية ، بينما توجهت قوات أخرى ومعها بعض العشائر من المنطقة واحتشدت على تخوم دير الزور ، تسعى تلك القوات لتأمين ممر أو( كوريدور) من إيران عبر العراق إلى سوريا ومنها عبر دير الزور إلى حمص باتجاه لبنان، قوات الحشد الشعبي على الطرف الآخر من الحدود تولت تأمين العمق العراقي لهذا الممر، العقدة الرئيسة لاستكمال المشروع هو إمساك الحدود وجزء من البادية وصولا إلى دير الزور .
الأمريكيون يحاولون منع تحقيق هذا الهدف ، لم يكن لديهم القوات الكافية ، لذلك حشدوا ما استطاعوا من قوات محلية في الأردن وعلى الحدود ، ووضعوا سلاح الجو في خدمة هدف منع تقدم القوات السورية والحليفة لها واستهدفت تلك القوات قرب التنف مؤخرا في رسالة تدل أنها جادة في منعهم .
لا تقتصر أهمية محافظة دير الزور على الموقع الجغرافي وضرورة الإمساك بها للتحكم بعقدة اتصال بين الحدود الغربية والشرقية والجنوبية ، إنما الثروة الكبيرة من حقول النفط والغاز وهي مصدر تمويل تنظيم الدولة خلال السنوات الماضية . تسعى الولايات المتحدة للحصول على هذه الآبار وتثبيت السيطرة الطويلة عليها . وتسعى دمشق وايران وحلفاؤهما إلى منع واشنطن من دخول تلك المنطقة والتمركز بها.
دير الزور الآن محط سباق بين تلك القوى ، وقد تكون نقطة الصدام بينها في القادم من الأيام ، وهذا يؤشر إلى تصاعد الصراع داخل سوريا وبالتالي سخونة أكبر في الميدان.
أن سيطرة الولايات المتحدة على دير الزور سيعني أنها أمسكت بخيوط الميدان وباتت تتحكم بشكل فاعل بقواعد اللعبة العسكرية ، ولاحقا السياسية بكل تأكيد ، أما الفشل في منع الجيش السوري وحلفائه من تحقيق أهدافه فإنه مؤشر على أن الراهان على الوجود الأمريكي عند بعض القوى المحلية والإقليمية ليس في محلة حتى الآن على الاقل .
* كمال خلف/ راي اليوم