وجاء في المقال:
بعد أيام قليلة من ظهور معلومات عن وضع الجيش السوري في حالة تأهب قصوى بسبب تزايد عديد القوات الأميركية على الحدود مع الأردن استعدادا لغزو محتمل للأراضي السورية من الجنوب والجنوب–الشرقي، عبرت قوة عسكرية أميركية وبريطانية بالفعل الحدود الأردنية-السورية.
وقد عبرت هذه القوة الحدود السورية-الأردنية عبر بلدة التنف الواقعة في محافظة حمص. ومن الواضح أنها توجهت إلى منطقة حميمة، التي تقع على بعد 90 كم إلى الشرق من تدمر، وتقريبا بالقرب من مدينة دير الزور. كما أنه ليس بعيدا عن هذا المكان، تقع مدينة البوكمال ذات الأهمية الاستراتيجية بالنسبة إلى الولايات المتحدة بسبب قربها من الحدود العراقية.
وبحسب المعلومات، التي وردت في تقرير لوكالة "سمارت" للأنباء، فإن 150 عسكريا أمريكيا وبريطانيًا عبروا الأراضي السورية قادمين من الأردن، برفقة مسلحي فصيل "جيش مغاوير الثورة" التابع للجيش السوري الحر.
كما نشرت "سمارت" مقطع فيديو يظهر فيه عدد من الجنود في سيارات "هامفي" العسكرية الأمريكية، وهم يشاركون في اشتباك عسكري على الأراضي السورية.
وليس من المستبعد أن يكون الهدف من اقتحام القوات الاميركية والبريطانية للأراضي السورية من الجنوب، هو منع الجيش السوري من التقدم نحو مدينة دير الزور. وهكذا، يبدو واضحا أن جنود الناتو يحاولون منع القوات الحكومية من دخول مدينة دير الزور، فضلا عن عرقلة تقدمها نحو شرق البلاد. وفي الوقت نفسه، تحرص قوة الناتو، التي عبرت إلى سوريا، على ألا تجد نفسها في نطاق مناطق حظر الطيران الروسية. وإن الهدف، الذي ينشده الغرب من جراء هذا العمل العسكري، هو خلق وضع يكون فيه ممكنا تقسيم سوريا في المستقبل. أما الآن ومن أجل تحقيق ذلك، فالغرب يحتاج إلى التضييق على حركة القوات الحكومية.
غير أن الوجود العسكري الأمريكي-البريطاني في المنطقة قد يؤدي إلى صدام عسكري مباشر بين القوات الغربية والسورية. ولقد حذرت السلطات السورية مرارا من عدوان محتمل من جانب الأردن والغرب. ووفقا لتقارير غير مؤكدة، فإن دمشق أرسلت تعزيزات إلى المنطقة، لكيلا تعوق القوات الغربية إحكام السيطرة على مدينة الزور.
هذا، وبدلا من العمل على ايجاد تسوية سياسية للوضع في سوريا، فإن الغرب، باتخاذه إجراءات عدوانية ضد دمشق، يحفز على تصعيد أكبر للنزاع السوري، ويحاول كما يبدو فدرلة البلاد.
أما فيما يتعلق بالأردن، فإنه ومنذ زمن بعيد يلعب دورا مهما في العدوان الموجه ضد الجيش السوري. لذلك يخطط الأردن لإقامة منطقة عازلة لتسهيل تنقل قوات حلف شمال الأطلسي على الأراضي السورية، كما جاء في تقرير نشرته صحيفة "الفايننشال تايمز" بتاريخ 29 يونيو /حزيران 2015. ووفقا لما تضمنه هذا التقرير، فإن المنطقة العازلة يجب أن تشمل مناطق قريبة من محافظتي درعا والسويداء، على أن تكون مدينة درعا جزءا منها.
وبحسب قول موقع "بلاك ليستد نيوز"، فليس مستبعدا أن توجد بصورة دائمة إلى جانب الجيش الاردني عناصر من الفصائل المسلحة في هذه المنطقة العازلة، التي تقع تحت سيطرة قوات حلف شمال الأطلسي.
ويشير الموقع المذكور إلى أن الولايات المتحدة منذ عام 1983 تنظر في خطة استخدام الأردن موقعا أماميا لتحقيق هدف تدمير سوريا عسكريا. وفي ذلك التاريخ، أشارت وثائق الاستخبارات المركزية الأمريكية (سي آي إيه) إلى أن أحد سبل تقويض سلطة الرئيس حافظ الأسد آنذاك هو عملية عسكرية يستخدم فيها العراق من الشرق، تركيا من الشمال، إسرائيل من الجنوب والأردن من الجنوب–الشرقي.
وفي وقت لاحق، ذكر معهد "بروكينغز" التحليلي أنه من أجل دحر سوريا ورئيسها بشار الأسد، يمكن استخدام الاستراتيجية السابقة نفسها، مع فارق وحيد هو أن القوات العراقية تم استبدالها بالإرهابيين من تنظيم "داعش". وأن الهدف من هذه العملية هو خلق "حرب متعددة الأقطاب" يصعب على الأسد إيجاد الرد المناسب عليها.