فما هو السبب الذي دفع الحزب إلى الإنسحاب؟ وما الذي سيحصل في ما تبقى من جرود لبنانية تحت سيطرة جبهة "النصرة" الارهابية وتنظيم "داعش" الارهابي وخاصة في عرسال ورأس بعلبك؟
لا شكّ في أن "حزب الله" ينظر إلى جبال القلمون والسلسلة الشرقية لجبال لبنان، بإعتبارها مكتسباً إستراتيجياً في حربه المستمرة مع إسرائيل وليس مجرد قواعد دفاعية لمنع تقدم المسلحين في إتجاه الأراضي اللبنانية، من هنا أيضاً يصبح غريباً أكثر كلام نصرالله وقراره.
لا يحتاج الحزب بعد اليوم إلى مواقع ثابتة علنية في الجرود، وهو الذي وجد نفسه مجبراً على إعتماد تكتيك خطوط الدفاع الثابتة، والتي تشبه حروب الجيوش النظامية، وذلك لعدم إمكانية الدفاع بغير ذلك التكتيك، الأمر الذي تطلب عدداً كبيراً من المقاتلين لتغطية كل تلك المساحات.
اليوم لم يعد "حزب الله" يحتاج إلى مواقع ثابتة. فالخطر قد زال، وهو يستطيع إعتماد تكتيكات أخرى في حال أراد إستغلال عمق القلمون في الحرب المقبلة مع إسرائيل من خلال إعتماد أسلوب يشبه أسلوبه في الجنوب لتمويه وإخفاء قواعد الصواريخ، إضافة إلى الكمائن التي تهدف إلى الإشتباك مع أي محاولة إنزال في المنطقة، مما يعني أن العدد المطلوب من المقاتلين هو أقل بكثير مما هو موجود حالياً.
ومن هنا، أصبح "حزب الله" يمتلك فائضاً كبيراً من المقاتلين الذين تركوا مواقعهم في القلمون والسلسلة الشرقية ومدن الزبداني وسرغايا ومضايا وغيرها، وهذا ما يمكن إستغلاله في محاور أخرى.
أما في حال أراد الحزب بدء معركة جديدة مع المسلحين المتبقين في الجرود، فهو قادر على الإنطلاق من الجهة السورية، حيث سيترك قواعد عسكرية ولوجستية هامة، وذلك بالتعاون مع الجيش اللبناني الذي سيكون له – على ما يبدو – الدور الأهم في هذه المعركة.