في المقابل، باشر الجيش السوري والقوى الرديفة له، يوم السبت الفائت، تنفيذ عملية كبرى في البادية السورية، بهدف الوصول إلى الحدود العراقية.
وبتقديرات مراقبين للتطورات العسكرية في سوريا، سيطر الجيش في غضون أربعة أيام على مساحة تصل إلى نحو ألفي كيلومتر مربّع، قاطعاً نحو ثلث المسافة التي كانت تفصل قواته في منطقة القلمون الشرقي (ريف دمشق الشمالي الشرقي) عن الحدود العراقية السورية من جهة معبر التنف (عند مثلث الحدود السورية العراقية الأردنية). وهذا المعبر شهد قبل أيام إقامة المجموعات السورية التابعة لواشنطن إنشاءات عند «المخفر الحدودي» على طريق دمشق بغداد. إعلان بدء عمليات الجيش السوري وحلفائه في هذه المنطقة (السبت الفائت) تضمّن كلاماً واضحاً عن دعم القوات الروسية لهذه العمليات. باختصار، احتشدت القوى المحلية والإقليمية والدولية في معسكرين، يهدف كل منهما إلى السيطرة على منطقة الحدود العراقية السورية، أو على أجزاء منها. وتتفرّع عن ذلك أهداف أخرى لكل واحد من المعسكرين.
«الأميركيون وحلفاؤهم سيدفعون الثمن وسيكونون أهدافاً جراء استباحتهم الأرض السورية»
تريد واشنطن إقامة حزام أمني في الجنوب والشرق السوريين، بهدف استخدامه للضغط على دمشق ميدانياً، وفي أي مفاوضات مستقبلية، ولمنع محور المقاومة من تثمير صموده الميداني طوال السنوات الماضية، والحؤول دون فتح طريق دمشق ــ بغداد البرّية، ومن خلفها، طريق بيروت ــ طهران.
الحشود الأميركية تجري بذريعة القيام بمناورات «الأسد المتأهب» الدورية، داخل الأراضي الأردنية. لكن محور المقاومة لا ينظر إليها بهذه البراءة. يوم أمس، نشر «الإعلام الحربي» التابع للقوات الحليفة لسوريا صوراً جوية تُظهر الحشود داخل الأراضي الأردنية. رسالة واضحة بأنَّ ما «تقومون به يقع تحت مرمى البصر، والنار». وأتبع «الإعلام الحربي» الصور ببيان منسوب إلى «مصدر مطّلع»، حمل تهديداً مباشراً للأميركيين إذ قال: «ليعلم الأميركيون وحلفاؤهم أنهم سيدفعون الثمن غالياً، وسيكونون أهدافاً جراء استباحتهم الأرض السورية».
وقال المصدر إن «سوريا وجميع حلفائها يتابعون عن كثب ما تسعى اليه أميركا من وجودها عند الحدود الأردنية السورية، وتراقب تحركاتها في تلك المنطقة حيث تم رصد تحركات لقوات أميركية وبريطانية وأردنية باتجاه الأراضي السورية». ورأى المصدر أنّ «المناورة التي تجري حالياً عند الحدود الأردنية السورية مناورة مشبوهة، يراد منها التغطية على مشروع لاجتياح واحتلال أراضٍ سورية تحت عناوين محاربة داعش التي ليس لها أي وجود فعلي عند تلك الحدود». وأضاف أن «هذه المناورة هي غطاء لتجميع قوات متنوعة من أميركيين وغربيين وعرب، في معسكر الزرقا، حيث يبلغ عديد المسلحين نحو ٤٥٠٠ مسلح تم تدريبهم منذ فترة وإعدادهم لتلك العملية بالإضافة إلى القوات الأجنبية، لتحقيق مشروع الحزام الأمني كالأحزمة الأمنية حول سوريا، التي لا تعدو كونها مشاريع احتلال». وأضاف أن «سوريا شعباً ودولة وكل من يحالفها، لا يقبلون بأي احتلال مهما كان نوعه أو عنوانه، وليعلم الأميركيون وحلفاؤهم أنهم سيدفعون الثمن غالياً، وسيكونون أهدافاً جراء استباحتهم الأرض السورية». وشدد المصدر على أن «الجيش العربي السوري له القدرة على تحرير الأرض من التكفيريين».
هذا البيان صدر بعد ساعات من المؤتمر الصحافي لوزير الخارجية السوري وليد المعلم، الذي ركّز على أولوية معارك البادية، وحذّر الأردن من التوغل داخل الأراضي السورية. وتزامن ذلك مع إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب نيته التنسيق مع إسرائيل للعمل «ضد تهديدات إيران ووكلائها».
في المحصلة، يبدو أن ميدان الجنوب والشرق السوريين سيكون ساحة المواجهة الكبرى. وفي الأيام المقبلة، سيتضح ما إذا كانت هذه المواجهة ستبقى تحت الأسقف المرسومة على مدى سنوات الحرب السورية، أو أنها ستتحوّل إلى اشتباك مباشر يعيد رسم خرائط المنطقة.
(الأخبار)