لم تكن القصة كما يتبادر إلى الأذهان للوهلة الأولى عند التعرف على شخصياتها، هي قصة مطاردة العميلة الأميركية للإرهابي الـ"داعشي"، لكنها في الحقيقة قصة حب غير عادية.
وكشف تحقيق أجرته شبكة "سي إن إن" الأميركية عن أن العميلة الفيدرالية، دانييلا غرين، سافرت إلى سوريا في عام 2014، حيث تعرّفت إلى مغني راب ألماني يدعى دينيس كوسبيرت، الذي غيّر اسمه إلى أبو طلحة الألماني، أحد أعنف عناصر التنظيم الإرهابي.
غرين شابة ولدت في تشيكوسلوفاكيا وعاشت في ألمانيا، ثم انتقلت إلى الولايات المتحدة حيث تزوجت من جندي أميركي، وانضمت إلى الكلية للدراسة في جامعة كاميرون بولاية أوكلاهوما، وتخرجت في جامعة كليمسون. أما كوسبيرت فقد كان مغني راب متوسط الشهرة في ألمانيا قبل أن يتعرض لحادثة سيارة سنة 2010 اعتنق بعدها الإسلام واعتزل الفن، وفي سنة 2013 دخل إلى سوريا. واشتهر بلقب أبو طلحة الألماني، وظهر في مقاطع فيديو لـ"داعش" وهو يحمل رأساً مقطوعاً وهدد أوباما بقطع حلقه كما شارك في أناشيد تمجّد بن لادن.
وأصبحت داني، كما كان يُطلق عليها، خبيرة لغوية في العقود لدى مكتب التحقيقات الفيدرالي عام 2011، وفي يناير/ كانون الثاني عام 2014، تم تكليفها بالعمل على قضية الجهادي الألماني المعروف باسم "الفرد A" الذي لم يكن سوى كوسبيرت نفسه. وكان عليها تتبّع اتصالاته، فوصلت إلى حساباته على الإنترنت وأرقام هواتفه، وكذلك حسابه في "سكايب".
وفي صيف 2014، أخبرت غرين مكتب التحقيقات بأنها تحتاج إلى إجازة لزيارة عائلتها في ألمانيا، لكنها بدلا من ذلك سافرت إلى الحدود السورية وتزوجت أبو طلحة، رغم أنها ما زالت متزوجة بزوجها الأول. ولم يمض الكثير من الوقت حتى أعلنت ندمها في رسالة إلكترونية لأصدقائها.
ومع ذلك، انتهت فترة شهر العسل بحلول شهر يوليو/تموز. وتواصلت مع أحد أصدقائها عبر البريد الإلكتروني، قائلةً إنها مترددة وتعيد ترتيب أفكارها، وربما تكون قد أقدمت على خطوة خاطئة بزواجها بأبو طلحة الألماني.
وكتبت قائلة: "لقد رحلت ولا أستطيع العودة مرة ثانية. لا أعرف كيف سأنجو حتى وإن حاولت الرجوع. أنا في بيئة صعبة جداً هنا، ولا أعلم كم من الوقت سأتمكن من البقاء، إلا أن ذلك كله لا يهم، فقد تأخرت قليلًا..".
وبحلول نهاية الشهر، كانت تقول: "أتمنى لو أنني أستطيع العودة إلى الوراء بضعة أيام!"، وكيف أنها إن عادت لأميركا فستذهب إلى السجن.
في شهر أغسطس/آب، تمكنت غرين من الخروج من سوريا والعودة إلى أميركا حيث اعتقلت.
وأقرَّت غرين بذنبها في شهر ديسمبر/كانون الأول، في القضية التي بقيت مُغلقة وخاصة إلى حد كبير. وحُكم عليها بالسجن لمدة سنتين.
وفي شهر أكتوبر/تشرين الأول من عام 2015، أعلن البنتاغون أن كسبرت قتل في غارة جوية، إلا أنهم تراجعوا بعدها بـ9 أشهر وقرروا أنه لا يزال على قيد الحياة رغم كل شيء.
وفي النهاية هربت الفتاة من سوريا وعادت إلى أميركا، وهناك اعترفت بخطئها وعوقبت بسنتين سجناً. وتسبب الحكم بجدل في أميركا، إذ اعتبر البعض أن الحكم جاء مخففاً مقارنة مع أحكام أخرى ضد من لهم علاقة بالتنظيم، بينما دافع محاميها عنها بالقول إنها فعلت ذلك عن حسن نية.".
وأقرَّت غرين بأنها مذنبة لقيامها بالإدلاء ببيانات كاذبة حول الإرهاب، ووافقت على مساعدة مكتب التحقيقات الفيدرالي، وقد أُخلي سبيلها الصيف الماضي.
وقال جون كيربي، المسؤول السابق في وزارة الخارجية، لشبكة "سي إن إن": "لا شك في أنه يُعد موقفاً مُحرجاً لدرجة مذهلة بالنسبة لمكتب التحقيقات الفيدرالي"، فدخول امرأة أميركية إلى سوريا وشق طريقها إلى داخل التنظيم الجهادي، يعني أنه لا بد أن يكون قد تمت الموافقة على وجودها من قِبل زعماء داعش".
المصدر: اسبوتنيك