التراث العراقي : احياء "ليلة زكريا" في أول يوم احد من شعبان

الإثنين 1 مايو 2017 - 10:19 بتوقيت مكة
التراث العراقي : احياء "ليلة زكريا" في أول يوم احد من شعبان

اعتاد البغداديون في أول يوم احد من شهر شعبان من كل عام على إحياء "ليلة صيام زكريا" وإعداد "صينية زكريا".

وتعد النساء البغداديات "صواني" تملأ بالشموع المزينة والشرائط الملونة وأغصان الياس الأخضر وما لذ وطاب من الحلويات والمكسرات، فيما يقوم الأطفال بالضرب على الطبول أو ما يعرف باللهجة البغدادية (الدنبك) ابتهاجا بهذه الليلة المباركة.

سبب الاحتفال بهذه الليلة وصوم يوم زكريا، بحسب العادات الموروثة، هو الإيفاء بنذور النساء اللواتي يرزقن بطفل ذكر بعد طول انتظار، حيث حمل العيد اسم "زكريا" لاقترانه بالنبي زكريا (ع) الذي نادى ربه طالبا منه ولدا وهو في سن الثانية والتسعين من العمر وزوجته السيدة أيشاع عاقرا في سن الثامنة والتسعين، وقد لبى الله تعالى نداء زكريا ورزقه بابنه "يحيى"، فمنحت هذه المعجزة النساء العواقر على مر العصور أملا في الإنجاب فتشبثن بإحياء طقوس "يوم زكريا" لوجه الله تعالى.

ويشير الباحث التراثي المرحوم عبد الحميد العلوجي في حديثه عن يوم زكريا الى مسألة التزام المرأة العراقية بإحياء المناسبات الدينية والموروث الشعبي والاتكال على ذاكرتها الناشطة في معرفة مواقيت الأعياد ومواسم الزيارات الدينية ومواعيد الشعائر المأثورة دون أن ترجع الى تقويم او روزنامة او مفكرة.

كما يصف صينية العيد بقوله، إن المرأة العاقر او من لم يرزقها الله غلاما تتولى بنفسها إعداد (صينية) عامرة بـ (الحلوى) و(الزردة) أي الرز بالحليب والخضر والفواكه المختلفة والأكلات البغدادية الشهيرة مثل (الدولمة) و(الكليجة)، وتحاط هذه الصينية بشموع صغيرة وكافور وتوضع وسطها أحيانا شمعة العروس الذهبية المزخرفة بالورود بعد تثبيت قواعدها على الطين بين أغصان الآس والبرتقال، كما اعتادت الأمهات وضع أوان فخارية تتكون من إبريق لكل ذكر من أولادهن ووعاء لكل بنت قرب الصينية.

ويحتفل البغداديون بهذا العيد مع اختلاف نسبة الالتزام بأداء الطقوس، أما بقية الممارسات فتختلف من منطقة الى اخرى. ففي منطقة الكاظمية مثلا، كانت النساء تصوم يوماً أو يومين في أول يوم احد من شهر شعبان وتصوم بعضهن عن الكلام كما فعل النبي زكريا (ع)، أما الإفطار فيتكون من خبز شعير وماء من البئر، وعلى الرغم من غياب هذا التقليد حاليا، إلا أن الالتزام بالصوم مازال قائما.

في عيد "زكريا" تشيع البهجة وتعزز الروابط الاجتماعية وتزدهر الزيارات بين الأقارب، فيما يحصل تنافس محموم حول "الصينية" الأكثر جمالا، وهو بلا شك يوم الأطفال المميز الذي ينتظرونه بشوق بالغ، من أجل الانشاد وتناول أطعمتهم المفضلة على ضوء الشموع، مرددين عبارة "يا زكريا عودي عليه .. كل سنة وكل عام انصب صينية".

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

الإثنين 1 مايو 2017 - 09:59 بتوقيت مكة