مؤتمر الأزهر العالمي للسلام خطوة على الطريق الصحيح

الأحد 30 إبريل 2017 - 08:28 بتوقيت مكة
مؤتمر الأزهر العالمي للسلام خطوة على الطريق الصحيح

على مدى يومي 27 و 28 من شهر نيسان / ابريل الحالي احتضن الازهر الشريف المؤتمر العالمي للسلام بحضور عدد من القيادات الدينية من أنحاء العالم ، تم خلاله مناقشة موضوعات مثل معوقات السلام في العالم المعاصر ، والمخاطر والتحديات، وإساءة التأويل للنصوص الدينية وأثره على السلم العالمي، والفقر والمرض بين الحرمان والاستغلال وأثرهما على السلام، وثقافة السلام في الأديان بين الواقع والمأمول.

مؤتمر الازهر للسلام العالمي، الذي رعاه شيخ الازهر احمد الطيب، يعتبر خطوة في غاية الاهمية على طرق بناء الثقة بين اتباع الديانات الالهية واتباع الطوائف في الدين الواحد، بفضل الجهة التي نظمته ورعته، وهي الازهر الشريف، اهم مرجعية دينية في العالم الاسلامي، والمنار الاسلامي الداعي دوما الى الوسطية والاعتدال في زمن التطرف والعنف والتكفير.

منزلة الازهر الرفيعة في العالمين العربي والاسلامي، اعطت للمؤتمر الاهمية التي تستحق، وضاعفت من هذه الاهمية مشاركة البابا فرنسيس في اعمال المؤتمر في يومه الثاني والقائه كلمة من على منبره، ويكون المؤتمر بذلك وجه لطم للارهاب، الذي يعتاش على بث الفرقة والكراهية والحقد بين اتباع الديانات الالهية، وحتى بين اتباع الدين الواحد.

 شيخ الأزهر أحمد الطيب الذي رعى المؤتمر، دعا في كلمة له امام المؤتمر الى تنقية صورة الأديان مما علق بها من فهوم مغلوطة وتدين كاذب يؤجج الصراع ويبث الكراهية ويبعث على العنف، مؤكدا على ضرورة الا نحاكم الأديان بجرائم قلة عابثة ، معتبرا تجارة السلاح بانها أحد أهم أسباب العنف والإرهاب.

الشيخ احمد الطيب وضع اصبعه وبدقة على اهم الاسباب التي ادت الى انتشار ظاهر الارهاب فكريا وماديا ، فعلي الصعيد الفكري كان الفهم المغلوط للدين احد اهم اسباب انتشار ظاهرة التدين الكاذب التي اججت بدورها الصراعات بين اتباع الدين الواحد وكذلك بين اتباع الديانات الالهية، فالفهم الخاطيء للنص الديني يعتبر من اخطر ما يمكن ان يقع فيه انسان، فهذا الفهم الخاطيء سيكون منطلقا لاتخاذ مواقف خاطئة وجازمة ومطلقة ازاء الاخر، الذي سيتحول الى عدو لدود يجب القضاء عليه مهما كلف الامر.

  اما السبب المادي في انتشار ظاهرة الارهاب والعنف، وفقا لكلمة الشيخ الطيب، هو “تجارة السلاح” ، فهذه التجارة لا تزدهر الا في ظل الصراعات والحروب والاقتتال، لذلك نرى بصمات الدول الكبرى التي تمتلك مصانع السلاح، في جميع المناطق التي ضربها الارهاب، فهي تبيع السلاح للدول والجماعات الارهابية على حد سواء.

النقطة المهمة والاخيرة في كلمة شيخ الازهر، كانت رفض الصاق تهم الارهاب بالاسلام او الاديان الالهية ، ارتكبتها مجاميع ارهابية متطرفة تم غسل ادمغة افرادها بقراءة خاطئة عن الدين، فهذه المجاميع القليلة لا يمكن ان تمثل مليار او مليارينمن اتباع هذه الاديان، الذين كانوا بدورهم اول ضحايا ارهاب هذه المجاميع المتطرفة.

من الشخصيات المهمة التي حضرت المؤتمر كان المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان ، الذي القى كلمة مؤثرة اكد فيها على حرمة دم الانسان على اخية الانسان، محذرا المسلمين من ان يصبحوا ضحايا الاعيب دولية وقال :ان العالم اليوم يعيش مخاض الدم، ولغة العدوان، وتزييف السلام، خاصة في منطقة الشرق الأوسط وبلاد العرب، مع أن فريضة الله بأهل الإنسان ألا يكونوا ضحية لعبة دولية، أو مشروع عداوة إقليمية، وألا يعيشوا عقدة الحقد ضد الآخرين، مؤكدًا أن دم الإنسان على الإنسان حرام، ودم المسلم على المسلم حرام؛ حرام دمه وعرضه وأمنه، وحقّه محفوظ في الشراكة وسلام كيانه وإنسانيته.

ودعا سماحته الى تعميم ثقافة المصالحة بين قادة العرب والمسلمين لما فيه خير الامة الاسلامية والانسانية جمعاء، ولا سيما ان الجميع مستهدفون من الارهاب التكفيري، وقال حرام ألا تتصالح السعودية وإيران، حرام دمار بلاد العرب، حرام أن نتخاصم، وبعضنا يحارب بعضاً، حرام أن يذبح إنساننا ويهجّر أطفالنا وتشرّد نساؤنا، حرام أن يحرّف ديننا وتشوّه ثقافتنا وتنتهك حراماتنا، حرام أن نبقى على نزاعاتنا وصراعاتنا فيما النار تلتهم أخضرنا ويابسنا.

وناشد قبلان قادة العرب والمسلمين بالقول: اتقوا الله، عودوا إلى نبيّكم، عودوا إلى الإسلام الذي يجمعكم، فالحقد لا يولّد إلا الحقد، والدم لا يجرّ إلا الدم. فإلى المحبة بالمحبة، والسلام بالسلام، وأفدح الخسارات في زمن الفتن ألا يكون بيننا من يصرخ وينادي بأعلى الصوت، تعالوا إلى كلمة سواء، إلى سلام يحتضننا، وصلح يوحد بيننا، وثقوا أن مصر إن شاء الله، بأبوّة الأزهر الشريف ونخوة شعبها وقادتها، تستطيع أن توقف حمام الدم الجارف في بلادنا، وتؤسس لصلح كبير، يضمنه كتاب الله وسنّة نبينا محمد (ص).

البطريرك برثلماس الأول، رئيس أساقفة قسطنطين، شارك في مؤتمر الازهر للسلام ، والقى كلمة اكد فيها ان الاديان الالهية براء من جرائم الارهابيين وقال: إن البشرية شهدت فى العقدين الماضيين عمليات إرهابية راح ضحيتها الكثير، ومنذ ذلك الحين وتتهم الأديان بالعنف، وهو أمر خاطئ.

وأضاف البطريرك برثلماس الأول، ان الدين يمكن أن يتسبب فى الصراعات إذا فسر أنه يدعو إلى التعصب مع أن مسعاه لحماية الكرامة الإنسانية، والعالم مسئول عن الكرامة البشرية، والأديان يمكن أن تكون ادوات للسلام والحوار بين الاديان، فالإسلام لايعنى الإرهاب لأن الإرهاب غريب عن أى دين، فالحوار بين الأديان يمكن أن يبعد الخوف والارتياب.

ما ذهب اليه البطريرك برثلماس الأول، لا يختلف مع ما ذهب اليه شيخ الازهر، بل كان متطابقا ، فهو رفض تحميل الاديان جريرة بعض اتباعها من الضالين والمنحرفين، فالاديان الالهية جاءت لحماية الكرامة الانسانية ورفض التعصب والانغلاق ، وهي مفاهيم تتناقض كليا مع فهم المتطرفين والمتعصبين والجهلة للدين.

اذا ما امعنا النظر في الكلمات التي القيت في مؤتمر الازهر للسلام، التي اخترنا من بينها ثلاث، سنخرج بنتيجة مفادها ان الاديان الالهية تتكلم بلغة واحدة ، لانها تنبع من نور واحد ، وهدفها الحفاظ على كرامة الانسان، وحرمة دمه وعرضه وماله، الا ان الصراع الذي نشاهده اليوم بين اتباع الدين الواحد واتباع الديانات بشكل عام، هو صراع ناتج عن فهم خاطيء للدين وعن استغلال القوى الكبرى لوجود بعض الاشخاص الذين غُسلت ادمغتهم عبر استخدام نتاجات الفهم الخاطيء للدين على انها حقيقة الدين المطلقة ، وتم تزيدهم بالمال والسلاح، لينفذوا ما يعتقدون انها حقائق مطلقة.

مؤتمر الازهر للسلام ، كان عبارة عن رسالة تمت قراءتها من قبل رموز دينية كبرى وبصوت عال، لتذكير الشباب في العالم اجمع بأن الاديان الالهية لم تأت لشقاء الانسان بل لاسعاده، وان كل الجرائم التي تركب اليوم باسم الدين والطائفية، هي جرائم سياسية بامتياز، هدفها ضرب الشعوب لتمرير اجندات مشبوهة لا تريد  الخير للعرب والمسلمين ولباقي الشعوب الاخرى، لذلك ومن اجل تعرية الارهابيين والكشف عن الجهات التي تمولهم وتحرضهم، لابد من عقد المزيد من المؤتمرات التي تدعو للسلام والوئام والتسامح بمشاركة رموز دينية كبرى تمثل الطوائف الاسلامية والديانات الالهية، لحصر الارهابيين والمتطرفين في زاية ضيقة ، وتحصين الشباب من خطابهم التكفيري والطائفي والمتطرف.

المصدر: شفقنا

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

الأحد 30 إبريل 2017 - 08:28 بتوقيت مكة