وكان الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، قد أمر بإطلاق صواريخ "توماهوك" على قاعدة الشعيرات في 7 أبريل/نيسان، بعد اتهامات مزعومة بمسؤولية الجيش السوري عن استخدام الأسلحة الكيميائية، يوم 4 أبريل/نيسان، في "خان شيخون" بمحافظة إدلب السورية.
ونرصد في التقرير التالي، السيناريو الكامل لكيفية تحول العلاقات الروسية الأميركية، واستعدادات موسكو لأي ضربة أميركية جديدة محتملة في سوريا.
ترامب "الشيطان"
تكشف استطلاعات رأي عديدة تحول الرأي العام الروسي بشكل كبير في توجهاته ناحية الرئيس الأمريكي الجديد، بعد الضربة الأمريكية لقاعدة الشعيرات.
وكشف استطلاع رأي أجراه مركز الأبحاث "فيتسوم" الروسي، أن شعبية ترامب بين الروس انخفضت من 38% وقت انتخابه إلى 13%، فيما وصفه نحو 39% بأنه رمز لـ"الشر" في العالم، بحسب ما نشره تقرير لصحيفة "أوراسيا ديلي مونيتور".
وأوضح الاستطلاع أن 53% من الروس يؤيدون استمرار العمليات الروسية في سوريا.
ونشرت بدورها مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية تقريرا أكدت فيه أن وجهة نظر موسكو بعد الضربة الأمريكية تغيرت تماما بشأن ترامب، وباتت تنظر إليه بصورة مشابهة لتلك التي تنظر بها إلى "أوباما أو بوش أو كلينتون".
سر التحول
وقالت مجلة "إيكونومست" البريطانية إن سر التحول في مواقف ترامب، يرجع إلى أنه كان يسعى للبحث عن "بطولة زائفة" تعيد إليه شعبيته في الشارع الأميركي.
واستندت المجلة إلى استطلاع للرأي أجراه مركز "هارفارد-هاريس بول"، ونشرته صحيفة "هيل" الأميركية، والذي كشف أن 66% من الأميركيين يؤيدون الهجوم الأميركي على قاعدة "الشعيرات".
وأشارت المجلة البريطانية إلى أن هذا التحول قد يكون بسبب "خيبة الأمل" الروسية في الرئيس الأميركي، الذي لم يمنح لنفسه فرصة ليتأكد إذا ما كانت دمشق فعليا متورطة في الهجوم أم لا، وظهر مثل أي رئيس أميركي "متسرع"، بحسب المجلة.
أدلة زائفة
"أدلة زائفة"، هذا ما وصفت به وزارة الدفاع الروسية مرارا وتكرارا تلك الأدلة المزعومة التي استندت عليها الضربات الأميركية، سواء من قبل الاستخبارات الأميركية أو منظمة حظر الأسلحة الكيماوية.
وهاجمت وزارة الدفاع والخارجية الروسية والكرملين مرارا وتكرارا تلك الأدلة، وقدمت أدلة دامغة على أن الكيماوي استخدم من قبل الجماعات الإرهابية، ولكن وجهة النظر الأميركية لم تتغير وأصرت على اتهام الحكومة السورية، فيما يوصف بأنه اتهام "متعمد" لتغيير مسار الحل السياسي للأزمة السورية، بحسب ما نقلته مجلة "فورين آفيرز".
وكانت "سبوتنيك" قد نشرت رسالة وجهها العالم الأميركي ثيودور أيه بوستول، الأستاذ الفخري للعلوم والتكنولوجيا وسياسة الأمن القومي في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، التي فند فيها ادعاءات الاستخبارات الأمريكية فيما يتعلق بتورط الحكومة السورية في الهجوم الكيماوي الذي تعرضت له خان شيخون في إدلب السورية، ولكن الإدارة الأميركية ومنظمة حظر الأسلحة الكيماوية وبعض الدول الأوروبية أصروا على توجيه أصابع الاتهام إلى الحكومة السورية وبشار الأسد.
وقالت صحيفة "الغارديان" البريطانية إن كل ذلك ساهم في تغيير قناعات موسكو، بشأن التعويل على الإدارة الأميركية الجديدة.
استعدادات موسكو:
تغيير القناعات الروسية، دفعها إلى الاعتماد على سياسات جديدة للاستعداد لأي ضربة أميركية جديدة متوقعة في سوريا، بحسب صحيفة "أوراسيا ديلي مونيتور".
وجاءت تلك الاستعدادات على النحو التالي:
- مذكرة السلامة:
كان مجرد التلويح بتعليق مذكرة منع الحوادث وضمان سلامة الطيران فوق الأجواء السورية بين روسيا والولايات المتحدة، له أثر كبير، في أي قرار أميركي مرتقب بتوجيه ضربة أخرى إلى سوريا.
وبعث تعليق المذكرة لعدة أيام رسالة إلى واشنطن بأن موسكو لم ترغب في استهداف الصواريخ ولا الطائرات الأميركية، لكن عند تجاوزها الخطوط الحمراء فإن استهدافها سيكون أمرا يسيرا على الجميع، بحسب ما نشرته RT America.
- تعزيز
كشفت تقارير روسية عديدة عن أن موسكو تبحث بصورة جدية تعزيز قاعدة "حميميم" الجوية الروسية في محافظة طرطوس السورية.
وأكد رئيس لجنة الدفاع والأمن في مجلس الاتحاد للبرلمان الروسي، فيكتور أوزيروف، تلك التقارير بقوله: "التعزيز سوف يكون عن طريق دعم القوات الجوية والبرية والفضائية، إن اقتضت الحاجة…".
هذا وقال وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، إن موسكو مضطرة لاتخاذ تدابير إضافية لحماية مجموعاتها في سوريا بعد الضربة الأميركية الأخيرة لمطار الشعيرات السوري.
- سحب تكتيكي:
كان رئيس هيئة العمليات التابعة لهيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الروسية، الفريق أول سيرغي رودسكوي، قد قال إن روسيا سحبت نحو نصف مقاتلاتها التي كانت متمركزة في قاعدة حميميم في سوريا.
ودفع ذلك الأمر الكثير من التقارير الدولية للحديث عن سبب سحب الطيران الروسي لطائراته، ولكن علل رودسكوي، قائلا "يرجع السبب إلى أن عدد الجماعات الإرهابية في سوريا انخفض".
ولكن تحدث موقع "ديفينس نيوز" العسكري إلى أن سحب الطيران الروسي لطائراته من قاعدة حميميم يرجع إلى رغبته في منح مجال أوسع لتعمل منظومات الدفاع الجوي الصاروخي والبحرية الروسية المتمركزة في القاعدة البحرية في طرطوس للتعامل مع أي ضربات أميركية مرتقبة.
وكانت تقارير روسية عديدة قد أكدت أن موسكو بدأت في نشر منظومة "إس-300"، وتحدثت عن نشر منظومة "إس-400" للاستعداد لمجابهة أي ضربة أميركية جديدة قد توجه إلى سوريا.
ونشر المنظومات الصاروخية المتطورة تلك، لا يحتاج إلى وجود الكثير من الطيران الروسي، بل يحتاج أن تخلى الأجواء لعمل تلك المنظومات، حتى تتمكن من اصطياد الطائرات والصواريخ الأميركية حال تفكيرها في توجيه ضربة جديدة.