شعبان المعظّم
شرف رفيع
شعبان.. هو منزلٌ آخر من منازل العمر لمَن سلك إلى الله تعالى. ولهذا الشهر المبارك شأن عظيم وفضل كبير، وقد كان رسول الله صلّى الله عليه وآله إذا رأى هلال شعبان أمر منادياً ينادي في المدينة: يا أهلَ يثربَ إنّي رسول الله إليكم، ألا إنّ شعبان شهري، فرحم اللهُ من أعانني على شهري.
وكفى في شأن هذا الشهر أنّه شهر أشرف الخلق وسيّد الرسل محمّدٍ صلّى الله عليه وآله وسلّم، وفيه دعوته العظمى: رحِمَ اللهُ مَن أعانني على شهري. ومَن فَهِم هذه الدعوة اهتمّ أن يكون مشمولاً بها، وقد قال أمير المؤمنين عليه السّلام: ما فاتني صومُ شعبان مذ سمعت منادي رسول الله صلّى الله عليه وآله ينادي في شعبان، فلن يفوتني أيّامَ حياتي صوم شعبان إن شاء الله.
هذا في الصوم، وهنالك مظاهر أخرى في إعانة النبيّ صلّى الله عليه وآله على شهره الشريف.. من الصلاة والصدقة والمناجاة والدعاء والاستغفار، ووجوه البِرّ كلّها.
مهمّات
• من مهمّات شهر شعبان ـ أيّها الإخوة ـ الصوم، كلٌّ حسب طاقته، يُكثر منه بحيث يَدخل صائمه في مقدَّس دعوة رسول الله صلّى الله عليه وآله بالإعانة على شهره الكريم، وفي استجابة ترغيبه وقد قال صلّى الله عليه وآله وسلّم:
أ. شعبان شهري، وشهر رمضان شهر الله عزّوجلّ. فمن صام يوماً من شهري كنتُ شفيعَه يوم القيامة، ومَن صام يومين غفر الله له ما تقدّم من ذنبه، ومن صام ثلاثة أيّام قيل له: استأنِفِ العمل.
ب. مَن صام يوم الاثنين والخميس من شعبان جعل الله له نصيباً، وقضى الله له عشرين حاجةً من حوائج الدنيا وعشرين حاجةً من حوائج الآخرة.
ج. شعبان شهري، فصوموا هذا الشهرَ حبّاً لنبيّكم، وتقرّباً إلى ربِّكم.
قال الإمام السجاد عليه السّلام: أُقسم بمَن نفسي بيده، لقد سمعتُ أبي الحسينَ عليه السّلام يقول: سمعت أمير المؤمنين عليه السّلام يقول: مَن صام شعبانَ حُبّاً لرسول الله صلّى الله عليه وآله، وتقرّباً إلى الله.. أحبَّه الله، وقرّبه إلى كرامته يوم القيامة وأوجب له الجنّة.
• ومن مهمّات هذا الشهر الأغرّ الصلاة الواردة في وقت الزوال ( الظهر ) كلَّ يوم منه، وأوّلها:
اللهمَّ صلِّ على محمّدٍ وآلِ محمّدٍ شجرةِ النبوّة، ومَوضعِ الرسالة، ومُختلَفِ الملائكة، ومَعدِنِ العلم، وأهلِ بيت الوحي.
اللهمّ صلِّ على محمّدٍ وآلِ محمّدٍ الفُلك الجاريةِ في اللُّجَجِ الغامرة، يأمَنُ مَن ركِبَها، ويَغرَقُ مَن تَركَها، المُتقدِّمُ لهم مارِق، والمتأخِّرُ عنهم زاهق، واللاّزمُ لهم لاحِق.
اللهمَّ صَلِّ على محمّدٍ وآلِ محمّدٍ الكهفِ الحصين، وغياثِ المُضطَرِّ المستكين، ومَلجأِ الهاربين، وعصمةِ المعتصمين..
• ومن مهمّات شهر شعبان زيارة سيّد الشهداء أبي عبدالله الحسين عليه السّلام؛ وقد ورد في فضلها قول الإمام جعفر الصادق عليه السّلام: إذ كان النصف من شعبان نادى منادٍ من الأُفق الأعلى: زائري الحسين، ارجعوا مغفوراً لكم، ثوابُكم على الله ربِّكم ومحمّدٍ نبيِّكم.
• كذا من مهمّات شهر شعبان: الصدقة والاستغفار والدعاء.. فقد جاء عن الإمام الصادق عليه السّلام أنّه قال: مَن قال في كلّ يوم من شعبان سبعين مرّة: ( أستغفر اللهَ الذي لا إلهَ إلاّ هو الرحمنُ الرحيمُ الحيُّ القيّومُ وأتوبُ إليه ) كُتب في الأُفق المُبين. قيل له: وما الأُفق المبين ؟ قال: قاعٌ بين يدَيِ العرش، فيها أنهارٌ تَطَّرِد، فيه من القِدحان عددَ النجوم.
وعن الريّان بن الصَّلت قال: سمعتُ الرضا عليه السّلام يقول: مَن قال في كلّ يوم من شعبان سبعين مرّةً: (أستغفرُ اللهَ وأسألُه التوبة )، كتبَ الله له براءةً من النار، وجوازاً على الصراط، وأدخله دار القرار. وفي بعض الأخبار يسأل سائل: ما أفضل الدعاء في هذا الشهر ؟ فيُجاب: الاستغفار. فيُسأل: كيف أقول ؟ فيُجاب: قل: أستغفرُ اللهَ وأسأله التوبة.