من الواضح ان النظام في البحرين يسعى بكل ما يملك من امكانيات مادية وعلاقات عامة واله اعلامية ضخمة ، لاستغلال سباق “الفورمولا واحد” الذي يحظى باهتمام ملايين المشاهدين في العالم سياسيا ، لما يوفره له من غطاء على انتهاكاته لحقوق الإنسان،واساليبه القمعية بحق أبناء الشعب البحريني.
مدير منظمة هيومن رايتس فيرست براين دولي دعا الصحفيين الذين يشاركون في تغطية سباق “الفورمولا واحد” ، إلى تغطية انتهاكات حقوق الإنسان بالبحرين ايضا، ولقاء رموز المعارضة ، للحيلولة دون استغلال النظام البحريني سباقات الفورمولا لفرض المزيد من القمع في البلاد، حيث يتزامن السباق هذا العام مع تدهور خطير في الملف الحقوقي في البحرين ، فقد استؤنفت عقوبات الإعدام والقتل خارج نطاق القانون، ، وعُدّل الدستور لمحاكمة المدنيين في محاكم عسكرية، فضلا عن استهداف النشطاء واعتقالهم.
الشباب البحريني لم يترك الساحة للنظام لاستغلال سباق الفورمولا كما يشاء ، فقد كسروا الحصار ونزلوا بشكل مكثف الى الساحات خلال أيام الفورمولا ، فقاموا باحتجاجات وتظاهرات وفعاليات اطلقوا عليها شعار “اوقفوا فورمورلا الدكتاتورية” ، كشفوا من خلالها عن الوجه الحقيقي للنظام بعيدا عن رتوش الفورمولا.
مناطق البحرين المختلفة شهدت تظاهرات وفعاليات ضد الفورمولا ومنها مناطق ، ابوصيبع ، والبلاد القديم ، وكرانة ، والنويدرات ، والعكر ، وبوري، وأبوقوة، وعاصمة الثورة سترة، ، و كرزكان، والديه، والدراز، والمصلّى، وإسكان جدحفص، وعالي، والجفير، والمقشع، وشهركان، ومدينتا جدحفص والزهراء، وقام المتظاهرون باحراق اطارات السيارات من اجل اشعار العالم بحقيقة ما يجري في البحرين ، وغطت سحب الدخان الاسود مساحات واسعة من أجواء تلك المناطق ، كما بادر العديد من المواطنين إلى حرق تذاكر سباق الفورمولا ، إعلانًا منهم عن مقاطعة السباق ، وتنديدا باستغلال السلطات للسباق للترويج لصورتها التي ترسمها بعيداً عن واقع انتهاكات حقوق الإنسان التي تشهدها البحرين.
الاحتجاجات كانت تذكيرا للعالم بمعاناة المدافعين البارزين عن حقوق الإنسان في سجون البحرين ، من امثال المعارض البارز عبد الهادي الخواجة المضرب عن الطعام احتجاجا على الظروف القمعية في السجن، وكذلك زميله الناشط الحقوقي البارز نبيل رجب الذي نقل من السجن إلى المستشفى في أعقاب عملية جراحية، ولم يحظ بالرعاية المناسبة خلالها ، والحقوقي محمد جواد برويز الذي يعاني من التعب الشديد داخل السجن كون وضعه الصحي غير جيد، حيث ما زالت إدارة السجن تغض الطرف عن حالته ، والحقوقي عبد الجليل السنكيس، الذي لاقى العذابات والجراحات وتعرض لجميع صنوف التعذيب وما زال يقبع في السجن، بالإضافة إلى الحقوقي ناجي فتيل، المحروم من الزيارة منذ فترة طويلة بسبب عزله في زنزانة انفرادية بين فترة وأخرى، لرفضه الإجراءات التي تتخذها إدارة السجن ضد المعتقلين.
الاحتجاجات والتظاهرات الشعبية ضد الفورمولا افشلت مساعي الحكومة في استغلال هذا الحدث الرياضي والتسويق له حتى اقتصاديا ، فقد خلت مدرجات حلبة هذا السباق طوال أيام السباق الثلاثة 14 و15 و16 نيسان / ابريل.
هذه الحقيقة كشف عنها الرئيس التنفيذي لشركة ممتلكات محمود الكوهجي والتي تقع حلبة البحرين تحت ادارتها ، الذي اعلن ان خسائر الحلبة وصلت الى 150 مليون دينار (400 مليون دولار) في الفترة بين 2006 وحتى 2016، الأمر يؤكد ان الهدف من اقامة السباق هو سياسي بهدف صرف الانظار عن الاوضاع السياسية والاجتماعية والامنية المتردية في البحرين.
ان سباق الفورمولا كان اصغر من ان يغطي على وقفة الاباء للبحرينيين التي تجاوزت أكثر من 300 يومٍ وهم يحمون العلامة اية الله الشيخ عيسى قاسم بصدروهم العارية ، ولم يأبهوا بحرارة الصيف، ولا ببرودة الشتاء، ولا بالحصار المفروض على بلدة الدراز، كما ان السباق كان اصغر من يغطي على سجل البحرين في مجال حقوق الإنسان ، حيث تاتي البحرين في الموقع 162 من بين 180 دولة وفقًا لمؤشر حرية الصّحافة العالمية للعام 2016 في منظمة مراسلون بلا حدود.
اخيرا ، لم اجد ردا اوضح بيانا على اعلان “الفورمولا واحد” : “إذا كنت تحب أشعة الشمس والرمال والبحر، فانك ستحب البحرين”، من رد الناشطة الحقوقية زينب الخواجة : “ان السجناء قد يمضون ستة أشهر من دون التعرض لأشعة الشمس التي يتحدثون عنها”.
المصدر:شفقنا