المصادر نقلت عن مقاتلين في "الهيئة" قولهم أنه منذ بداية الهجوم اتضح أن الجيش السوري كان على علم به، وانسحب من الكثير من البلدات والقرى الى مواقع حصنها والى تلال حاكمة مكنته سريعا من القضاء على العشرات من القوة الضاربة لدى "النصرة"، خصوصا في قمحانة التي شكلت المقتلة الحقيقية لهذه القوة الضاربة، حيث فجّر المدافعون عن قمحانة ثلاثة من المفخخات الاربع التي ارسلتها "الجبهة"، في وقت أصرّت فيه قيادة "هيئة تحرير الشام" على تكرار الهجمات على قمحانة، فكانت الطائرات تحصد المهاجمين وحتى ان المدفعية اصطادت القوة المهاجمة التي خسرت نصف عديدها في الهجوم الاول، وكانت الهجمات التالية انتحارا شبه جماعي ساهمت قيادة "النصرة" في صنعه بإصرارها على السيطرة على قمحانة خلافا لنصائح وتقديرات القيادات الميدانية التي كانت تطالب بالتراجع الى صوران ومعردس والثبيت فيها.
الجبهة الثانية التي رمت قيادة "النصرة" مسلحيها في اتون نارها بمغامرة عسكرية متهورة، كانت عند جبل زين العابدين المشرف على كل المنطقة تقريبًا، خصوصا على الطريق من صوران، الذي يبلغ طوله 2 كلم، تشرف القوات المتمركزة في جبل زين العابدين على 1.5 كلم منه، ما مكّنها من السيطرة على كامل خط الهجوم وبالتالي ضرب القوة المهاجمة بشكل سهل خصوصا أن السيطرة على بلدات وقرى متفرقة وبعيدة عن بعضها البعض في بداية الهجوم شتّت القوة المهاجمة في مواقع متباعدة، وجعلها صيدًا ثمينا في كل نقاط المواجهة التي حصنها الجيش السوري وحلفاؤه.
في محردة ايضا ارتكبت قيادة "النصرة" خطأ عسكريا كبيرا حسب المصادر المعارضة، التي تنقل دائما عن قيادات ميدانية قولها أن عملية السيطرة على جزء من الطريق السريع بين محردة وحماه، كان عملا عسكريا غبيا ومتهورا، بالاخص أن قيادة "النصرة" كانت تلتزم بقرار قطر وتركيا، الداعمتان بشكل مباشر للهجوم، وكان القرار يقضي بعدم الهجوم على محردة وتجنبها.. فكانت عملية السيطرة على جزء من الطريق السريع في هذه الظروف نوعا من الاستهتار العسكري، الذي كشف ظهر كل القوة التي حاولت ان تقترب باتجاه مطار حماه العسكري، حيث كان تراجع "النصرة" ومن معها من الفصائل سريعا جدا في هذا المحور من الجبهة.
في السياق، تشير مصادر ميدانية في الريف الشمالي لمدينة حماه أن "هيئة تحرير الشام" و"جيش العزة" مع مقاتلين تركستان يحشدون حاليا في معردس وصوران، لمعاودة الهجوم باتجاه قمحانة وجبل زين العابدين، وقد استقدمت "النصرة" مقاتلين تركستان من إدلب، سوف يشكلون القوة الهجومية الاساس بعد القضاء على القوة التي شاركت في هجوم شهر أذار/مارس الماضي، وتشير الى أن الجولاني يريد توسيع المجال الجغرافي والاستراتيجي لمدينة إدلب التي يسيطر عليها عبر منطقة حماه، التي تشكل له معبرا نحو حمص والساحل، وهو يرمي بكافة أوراقه في هذه المعركة التي يعتبرها خط الدفاع الاول عن إدلب، ويعمل أن تكون حربا استباقية تمنع اي هجوم على "النصرة" ومن يعمل تحت لوائها في محافظة إدلب.
المصدر: العهد