لا يبدو الرئيس السيسي، كرجل مرحلة، يُمكن الاعتماد عليه، كحليف مُنضم تحت راية “المُمانعين والمُقاومين”، ولعلّه في أحسن الأحوال، قد يُشارك في تسوية الأزمة المُندلعة بين المُتصارعين على الأرض السورية، وذلك بعد أن تتّفق الدول العظمى، وتظهر سياسات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، تُجاه نظام “سورية الأسد” تماماً، ولعلّ هذا التفاؤل الذي ارتسم على الوجوه السورية، في غير محلّه أبداً، مع توارد أنباء عن مُشاركة قوّات مصرية، أو حتى صواريخ في دك مُعارضي الرئيس الأسد، وظهرت في مقاطع فيديو بثّتها المُعارضة.
من يُتابع خطاب الرئيس السيسي في قمّة البحر الميت- الأردن، يُدرك تماماً أن الرجل ونظامه يمشون خلف مصالحهم، وما إشارته في الخطاب إلى عدم سماحه لدول بالتدخل في الدول العربية طائفياً، ويقصد بذلك إيران، يُدرك أن المصالح المصرية، تسير وفق الرياح الأمريكية السعودية، خاصّة أن الأخيرة، تهيم عشقاً، بمن يُعلن عداوته الصريحة مع “الشيطان الإيراني”، وله من طيباتها ما لذ وطاب، والسيسي يُدرك ذلك جيّداً.
في لُعبة التحالفات، قد تدخل التناقضات، ونحن نعي ذلك جيّداً، يعني أنه يُمكن للسيسي أن يُعانق الأسد، و”يُهدّد” حليفته إيران، لكن ومع هذا تبدو أحكام البعض مُتسرّعة، لو قالوا أن مصر، وضعت بيضها كُلّه، في السلّة السورية لوحدها، ومن خلفها الروسية، على أساس أن “الزعيم” السيسي كما يُقال، سيُحيي عهد الراحل الزعيم جمال عبدالناصر، ويُعيد التخالفات، لسابق عهدها مع الروس، وكأن البعض لا يرى “متانة” العلاقة بين الرئيس ترامب، ونظيره السيسي، وهذا الأخير، مُتحمّس جدّاً، للانضمام لمظلّة أمريكية، يستظل بها “عرب الاعتدال” مُجدّداً، مع اعتماد إيران بدل إسرائيل عدوّاً.
قد يكون من السابق لأوانه، الانضمام للاحتفالات “الافتراضية” التي أعلنها السعوديون على موقع التدوينات القصيرة “تويتر” أيضاً، فور انتهاء السيسي من خطابه في قمّة عمّان، وإعلانهم أنه يُهدّد إيران، وكأن القيادة السعودية، قد ضَمنت الرجل وجيشه في جيبها، فلقاء السيسي مع الملك سلمان، على هامش القمّة، لا يعني أن مصر ستخوض حرب السعودية ضد إيران، ولا يعني أن إيران سترحل عن المنطقة خوفاً من تهديد الرئيس السيسي “المُبطّن”، الأمر يحتاج إلى بعض التعقّل، والمنطق.
ربّما يتمتّع الرئيس السيسي، ببعض المكر والدهاء، وربّما يُريد أن يتلاعب بكل الأطراف، فهو بالنهاية يُريد أن يخرج من كل تلك الأزمات رابحاً، ويريد بالتأكيد أن يأكل العنب، لا أن يُقاتل “الناطور” كما يقول المثل، و”الناطور” في حالته كُثر، ويصعب إرضاءهم جميعاً، وعليه ربّما سيتّبع سياسة إرضاء الجميع في حضورهم، ولكن على طريقته، ومن ينجح في مُماطلة شعبه، ينجح ربّما في الضحك على شقيقته، السعودية، والسورية، لكن بالطبع حتى حين، وحتى ذلك الحين تعالوا نرى توصيفات الصحافة الإسرائيلية “العاشقة” للرئيس المذكور، هي وحدها من تكشف لنا حقيقته الغامضة، ولا ملامة على المخدوعين!
* خالد الجيوسي/ كاتب وصحافي فلسطيني
راي اليوم