ونقل بيان لمكتبه الاعلامي عن الجعفري القول في كلمة ألقاها بالاجتماع الوزاريِّ التحضيريِّ للقِمَّة العربيَّة الدورة العاديَّة الـ28 في البحر الميت بالاردن " في العراق تحتدم المعركة منذ فترة نيَّفت على الثلاث سنوات، وهي اليوم لصالح القوات المُسلـَّحة العراقـيَّة، وقد تميَّزت هذه الفترة بوُجُود القتل الوحشيِّ في المحافظات المُغتصَبة، ومارَسَ الإرهابيُّون تحت ضوء الشمس أمام مرأى، ومسمع العالم كلـِّه أعمالاً وحشيَّة يندى لها الجبين، فكيف نتصوَّر أنَّ هؤلاء لو قـُدِّر لهم أن يُمسِكوا حُكـُومة، ولديها ثروة كثروة العراق، وحجم كحجم العراق كيف سترون صورة هذه الدولة؟.
واضاف ان " العراق يُسجِّل اليوم انتصارات، وهي لكم جميعاً، ووصل الإجرام الذي يمارسه إرهابيُّو داعش بأن عمدوا إلى دُرُوع جديدة من خلال الأنفاق البشريَّة من النساء والأطفال تحت البنايات، ومن نفس البنايات يُكثـِّفون القصف، والمُواجَهة ضدّ القوات المُسلـَّحة العراقـيَّة؛ حتى يحملوهم على قصف هؤلاء الأبرياء، وكان أبناء قواتنا العراقـيَّة يدخلون إلى هذه الأنفاق؛ حتى يُخرِجوا الضحايا من تحت الأنقاض.. وهذا أسلوب مُتعمَّد، ووحشيّ جديد خالٍ من كلِّ بُعد إنسانيّ".
وتابع الجعفري " كلُّ أبناء هذه المحافظات تحرَّكوا بشكل جادٍّ، وقدَّموا خيرة ما لديهم من فلذات أكبادهم؛ حتى يُحقـِّقوا النصر.. واختلطت دماء العراقـيِّين سويَّة من مُختلِف الديانات، والمذاهب، والقوميَّات، والمناطق التي ينتمون إليها؛ وبذلك استطاعوا أن يُحقـِّقوا تقدُّماً رائعاً فاق التصوُّر ما بين 2014 إلى 2017 ليخطـُّوا بذلك ملحمة التحرير لهذه المحافظات الثلاث التي نيَّفت على انتهاء المُنازَلة فعلاً".
ونوه الى ان" ثلاث محافظات اغتـُصِبت، وهي "محافظة الأنبار، وصلاح الدين، والموصل، وهي محافظات الضحيَّة التي ظلت تنزف دماً خلال الفترة التي مضت، والتحقت بها محافظات التضحية التي قدَّمت أعزَّ ما لديها، إذ قدَّمت أبناءها، وكلَّ ما لديها لإسعاف شقيقاتها المحافظات الأخرى، فالتحقت البصرة، والناصريَّة، والعمارة، والديوانيَّة، والسماوة، والكوت، وكربلاء، والنجف، والحلة، وبغداد، وديالى، وشملت محافظات العراق كافة.. إنـَّها حرب عريضة في المُشارَكة، وعميقة في الوجدان".
وأكد الجعفري " ما كان لهذا الانتصار أن يتمَّ لولا التضحية الضخمة التي صبغ العراقـيُّون فيها أرض العراق بالدم الأحمر، ولم يزل يُعطي العراق أعداداً كبيرة من الشهداء، ولابُدَّ أن يُساهِم الأشقاء.. ولا نـُريد منهم أن يُقدِّموا دماءهم؛ فدماء العراقيِّين آلت على نفسها أن تتفرَّد بالعطاء، ولكن يسعهم أن يُشاركوا بالدعم الماليِّ، والمعنويِّ، والإعلاميِّ، والسياسيِّ، والوُقوف إلى جانب العراق، ويبعثوا رسالة حُبٍّ لكلِّ العراقـيِّين بأنَّ أشقاءهم معهم في ميادين المُواجَهة".
واوضح " العراق اليوم يشهد تظاهرة وطنيَّة لا خلاف، وحُرُوب، ولا أيّ شيء بين أبناء الشعب العراقيّ.. إنها حرب واحدة بين الوطنيَّة العراقـيَّة وبين الوحشيَّة الداعشيَّة.. أولئك يتمتعون بالوحشيَّة، والشراسة، والانتحاريَّة، وهؤلاء يتمتعون بروح الاستشهاد البطلة، والتضحية من أجل إنقاذ البشريَّة.. هذا ما يحصل في العراق".
ودعا إلى أن يقف الاشقاء العرب، ومُؤتمَر القِمَّة العربيَّة بأن يبعث برسالة مفادها " نحن معكم بالدعم المعنويِّ والماديّ.. قلتها، وأكرِّرها مرّة أخرى: العراق بلد غنيّ، ومُتعدِّد الثروات، ولكنه يمرُّ بظروف استثنائيَّة، والجميع يعلم ذلك.. وصدق مَن قال "عند الشدائد يُعرَف الإخوان"".
وأكد أن هناك تحدِّيات بُثـَّت على شكل ثقافة أدَّت بأبناء أمَّتنا في مُختلِف المناطق رغم كلِّ ما حباها الله من ثروة معنويَّة، ومادّية طائلة، إذ ينتشر الفقر، والمرض، والجهل الذي استفاد، واصطادهم هم الدواعش من موقع جهلهم؛ فعبَّأهم بالاتجاه الذي يُريد.
وتطرق الجعفريّ لانتهاك القوات التركيَّة للأراضي العراقـيَّة ، قائلاً تعلمون جيِّداً أنَّ القوات التركيَّة توغـَّلت في منطقة عراقـيَّة "بعشيقة" منذ سنتين وإلى اليوم دخلت 110 كيلومتر عمقاً في داخل العراق، ولم تتراجع، وهي لم تكن أمام قرار عراقيّ بالرفض، بل بعد الإجماع العربيِّ لأوَّل مرة في تاريخ الجامعة العربيَّة عندما اتخذت قراراً بضرورة الانسحاب من بعشيقة أصبحت تواجه العراق بحجم عربيٍّ؛ إذ إنَّ كلَّ الدول العربيَّة أجمعت على هذا الموقف."
وبخصوص فلسطين بيّـن الجعفريّ أن " الموقف العراقيُّ هو ذات الموقف التاريخيُّ الذي لم ولن نحيد عنه.. ونحن نعتقد أنَّ علينا أن نـُواصِل دعمنا لأشقائنا الفلسطينيِّين، وهم يُواجهون أعتى، وأقدم عدوٍّ في ساحة الصراع بين الدول العربيَّة وبين إسرائيل، مُبيناً: يشتبه مَن يتصوَّر أنَّ فلسطين قدر فلسطينيّ فقط؛ فهو ليس قدراً فلسطينيّاً، أو عربيّاً، أو إسلاميّاً فقط، بل هو قدر إنسانيٌّ تتجسَّد فيه الإرادة الإنسانيَّة بأجلى صُوَرها وهي تواجه أعمالاً وحشيَّة من قِبَل الصهاينة، فلابُدَّ أن نضع في سُلـَّم أولوياتنا أنَّ القدس ومُقدَّساتنا عُرضة للانتهاك بشكل مُستمِرٍّ، ولا يُمكِن التفكيك في الجريمة بتعدُّد ساحاته"ا.
وعن موقف العراق من سورية أشار الجعفريّ الى ان" سورية بلد عربيّ أصيل، وله تاريخ مُوغِل بالقِدَم، وله حضارته المُمتدَّة، وقد حان الوقت لأن لا نحرم أيَّ بلد عربيٍّ من الحُضُور هنا في جلسات جامعة الدول العربيَّة، والإثراء، كما علينا أن لا نحرم الجامعة العربيَّة من أبنائها المُخلِصين ومُمثـِّلي دولها بغضِّ النظر عن كلِّ الاختلافات.. فالاختلافات تستحثنا لأن نفكـِّر كيف نـُعالِج هذا الاختلاف بلغة حضاريَّة، وبالحوار؛ فالمقاطعة والقطيعة لا تزيد في الطين إلا بلة.. ليس من القوة أن نـُخاصِم أحداً.. البيت العربيّ لابُدَّ أن يكون حاضراً تحت الخيمة العربيَّة، ويُمثـِّل كلَّ مُكوِّناته من دون استثناء؛ لذا علينا أن نستحثَّ الخطى، ونفكـِّر بشكل جدّي كيف نجمع أفراد البيت العربيِّ جميعاً، ونـُعالِج الأزمة السوريَّة بأفضل طـُرُق مُمكِنة".
كما جدد الجعفريّ موقف العراق بالنسبة لليمن بالقول" قلنا من على منبر شرم الشيخ: نحن لسنا مع التدخـُّل العسكريِّ، وعبَّرنا في ذاك الوقت بأنَّ هذه الحرب لا رابح فيها؛ الغالب والمغلوب كلاهما خاسران.. فكلُّ دم عربيٍّ ينزف هناك خسارة لنا جميعاً، وكلُّ امرأة تترمَّل، وكلُّ طفل يتيتم، وكلُّ إنسان هناك يُفجَع خسارة لنا جميعاً؛ لذا حان الوقت للمُراجَعة بشجاعة.. علينا أن نـُراجِع ما حصل.. نحن مع الحلِّ السلميِّ السياسيِّ، ومع الشرعيَّة السياسيَّة، ومع الانتخابات، ومع مَن انتخب، وكلُّ هذا صحيح".
واستدرك الجعفري قائلاً " ولكن عندما يكون هناك ظاهرة فيها تجاوز لا ينبغي أن نفكـِّر بغير الحلِّ السياسيِّ، وعندما يتعطـَّل الحلُّ السياسيُّ يكون الخيار الثاني هو الحلّ السياسيّ، وعندما يتعطل فالخيار الثالث هو الخيار السياسيّ -أيضاً- فلا ينبغي أن نفكـِّر بالحلِّ غير السياسيِّ عندما يتعطل أيّ منها".
وبين " ما نقوله بشأن اليمن نقوله بشأن ليبيا ، ونحن مع الحلِّ السياسيِّ، ومع الشرعيَّة، فينبغي أن تتضافر جُهُودنا جميعاً".