هناك عدة نقاط رئيسية يمكن استخلاصها من خلال قراءة ردود الفعل العربية والإسرائيلية والدولية التي تبلورت بفعل هذا الرد الصاروخي المفاجيء وغير المتوقع:
أولا: القيادة العسكرية الإسرائيلية باتت تعيش حالة مزدوجة من الخوف والقلق، من جراء هذه الجرأة العسكرية السورية التي تبدو ليست عفوية، وانما محسوبة بعناية فائقة، ومقدمة لخطوات أخرى.
ثانيا: الرد الصاروخي السوري ليس قرار القيادة في دمشق وحدها، وانما قرار “محور” يضمها الى جانب روسيا وايران وحزب الله، وربما العراق أيضا، فهذه القيادة لا يمكن ان تقدم على عمل كهذا له تبعات خطيرة، من بينها اشعال حرب إقليمية في المنطقة دون التنسيق مع حلفائها، واخذ موافقتهم مبكرا ومسبقا، وفي اطار استراتيجية متفق عليها.
ثالثا: استدعاء الخارجية الروسية للسفير الاسرائيلي في موسكو، وللمرة الأولى في تاريخ العلاقات بين البلدين لم يأت، الا لشعورها بالغضب والقلق معا، ورغبتها في وضع حد لهذه العربدة الإسرائيلية في سورية التي تعتبرها منطقة نفوذ عسكرية لها.
رابعا: النجاحات الميدانية التي حققها الجيش السوري في الأشهر الأخيرة، وبدعم روسي إيراني وحزب الله، وتتمثل في استعادة كل من حلب وتدمر، وحي الوعر في حمص، بحيث باتت كلها تحت سيطرته، هذه النجاحات منحته الثقة، واعطته جرعة كبيرة من الامل.
خامسا: نحن على حافة تدهور عسكري متصاعد على الارض السورية، بعد ان حقق الرد السوري خطوة كبيرة على طريق تحقيق “الردع″ جزئيا او كليا على هذه الجبهة، وباتت دولة الاحتلال الإسرائيلي محصورة في زاوية ضيقة، وخياراتها محدودة، وخطرة جدا في الوقت نفسه.
تصريحات افيغدور ليبرمان، وزير الدفاع الإسرائيلي، التي ادلى بها لراديو إسرائيل يوم (الاحد)، وتوعد فيها بتدمير الطيران الإسرائيلي لانظمة الدفاع الجوية السورية في حال اطلق الجيش السوري مرة أخرى صواريخه باتجاه الطائرات الإسرائيلية، وشاركه بنيامين نتنياهو، رئيسه في اطلاق التهديدات نفسها، تعكس مأزقا إسرائيليا حقيقيا، وصعودا على شجرة عالية لا يمكن البقاء فوقها طويلا، فنقل أسلحة وصواريخ وعتاد عسكري متقدم الى “حزب الله” لن يتوقف، واي محاولة لقصف القوافل ستواجه بالرد بالصواريخ، سواء باتجاه الطائرات المغيرة او في العمق الإسرائيلي، فالرد السوري الأخير لن يكون لمرة واحدة، والا لما جرى الاقدام عليه، لان عدم الرد في المرة المقبلة سيلحق ضررا معنويا وسياسيا وعسكريا كبيرا بالقيادة السورية، والإسرائيليون يعرفون هذه الحقيقة جيدا.
“حزب الله” لم يعد موجودا في لبنان فقط، وانما في مختلف انحاء سورية، ويتمركز في قواعد ثابتة ومتحركة معا، ويحيط دولة الاحتلال من الشمال اللبناني والجنوب السوري، ومن غير المستبعد انه عززها بصواريخ متقدمة جدا، والاهم من ذلك ان الجيش اللبناني، في ظل رئاسة الجنرال ميشال عون، سيكون حليفا له في أي مواجهة، او عدوان إسرائيلي مقبل، فهو داعم رئيسي للمقاومة، وعقيدة الجيش اللبناني تغيرت، وباتت تصب في مصلحة هذا الخيار.
سورية هي الدولة العربية الوحيدة التي ما زالت دولة مواجهة، وفي حال حرب مع "إسرائيل"، بعد توقيع الأردن ومصر والسلطة الفلسطينية معاهدات سلام مع تل ابيب، وباتت مدعومة من ايران وحزب الله، وتتمتع بمظلة روسية قوية، وهناك تقارير تؤكد ان ايران اقامت قاعدة بحرية في طرطوس، وان حزب الله بات يملك مصانع صواريخ في لبنان، ولم الاستغراب فاذا كان التحالف “الحوثي الصالحي” في اليمن بات يملكها، وكذلك حركة “حماس″ في قطاع غزة، فلماذا لا يملكها “حزب الله”؟
راي اليوم