وردا على سؤال بشأن احتمالات الخيار العسكري ضد ايران، استبعد محمد جواد ظريف ان تكون هذه الاحتمالات واردة.
واضاف: منذ سنوات واميركا تفرض العقوبات على ايران... لذلك فإن ما يتحدث عنه ترامب وإدارته ليس امرا جديدا، لأن إدارة اوباما ربما فرضت العقوبات الاكثر صرامة في التاريخ الاميركي على ايران. لكنها لم تفلح..
ورأى ظريف ان ما دفع اوباما الى التفاوض مع ايران هو تيقنه وبعد فترة طويلة أن استخدام الإكراه والضغط على ايران لا يجدي نفعا، بل يؤدي الى نتائج عكسية.
وتابع: على جيراننا في المنطقة ان يدركوا اننا لا نستمد أمننا من مصادر خارجية، وبالتالي لا تؤثّر فينا الضغوط الخارجية ولا تهدّد أمننا، نحن نستمدّ الأمن من الشعب الإيراني على الرغم من الضغوطات، وبالتالي حريّ بالجيران في المنطقة أن يتقبّلوا هذا الوضع وألّا يأملوا أو يتمنّوا أو حتى يُحاكوا فكرة أن يأتي أحد من خارج المنطقة للضغط على إيران، داعيا دول منطقة الخليج الفارسي بما فيها السعودية، الى العمل معا والتعاون بهدف ضمان السلام في هذه المنطقة وبهدف إحلال السلام في البلدان المختلفة مثل البحرين واليمن وبهدف السماح للشعب السوري بأن يقوم باتّخاذ خياراته الخاصة وأن يقرّر مصيره.
وبشأن التهديدات الصهيونية لإيران، رأى ظريف ان الكيان الصهيوني حاول ولمدّة طويلة أن يوجد غشاوةً ليخفي جرائمه ويتمكن من مواصلتها.. إنه ينتهك حقوق الفلسطينيين كل يوم، وهو التهديد النووي الأكبر والأوحد بالنسبة للمنطقة والعالم، وقام بارتكاب أفعال عدائية ضدّ كل شعوب المنطقة.. الى جانب محاولاته تحويل إيران الى تهديد أمني.. لكن مسار الإتّفاق النووي قد أدى الى إفشال تلك المحاولات، وحالياً نتنياهو يستخدم كل المحاولات بما في ذلك إستخدام التاريخ، فيقول أن إيران التي قامت بإنقاذ اليهود عدّة مرّات في التاريخ يتّهمها بأنها تحاول ذبحهم.
* تطبيق الاتفاق النووي هو الخيار الأمل ونحن مستعدون لكل الخيارات
وفي معرض إجابته عن مدى احتمال تخلي إدارة ترامب عن الاتفاق النووي، قال ظريف: لا أعتبر أن الإتّفاق النووي كاتّفاق بين إيران والولايات المتّحدة الأميركية، هو اتّفاق متعدّد الأطراف، ولقي الدعم من جانب مجلس الأمن، وهو اتّفاق الجميع، ربّما باستثناء نتنياهو فحسب الى جانب بعض داعمي الكيان الصهيوني في الولايات المتّحدة الأميركية، والآخرون كلّهم يعتقدون أنه أفضل ضمانة للأمن والسلام والإستقرار الإقليمي، ورأى أن الإدارة الأميركية الجديدة عاجلاً أم آجلاً سوف تتيقّن أن الخيار الأمثل هو بكل بساطة هو تطبيق ما جاء في الإتّفاق، مستدركا بالقول: نحن سنكون جاهزين لأي احتمال، ففي حال قرّر الاميركيون تطبيق الإتّفاق بنيّة حسنة فذلك يكون الخيار الأمثل للجميع برأيي، لكن لا يعني هذا أن الخيارات الأخرى معدومة. فلقد جرى النظر في كل الخيارات الأخرى على مستوى القمم السابقة، وأردنا أن نحرص على أن الإتّفاق عندما يفقد مغزاه تبقى لنا إمكانية العودة لتفعيل برنامجنا بطريقة مسرّعة، ذلك ليس الخيار الذي نبتغيه، ذلك ليس الخيار الذي نفضّل لكنّه مطروح.
* الافضل للسعودية هو إشراك ايران بدلا من إشراك الآخرين للضغط على ايران
وبشأن مدى التأثير الصهيوني والسعودي على قرارات إدارة ترامب، أوضح وزير الخارجية الايراني: منذ البداية السعودية والنظام الصهيوني حاولا منع الجميع من التوصّل لهذا الإتّفاق وقد استخدما كل سبل النفوذ الحاضرة أمامهم في إطار عملية التفاوض.. وبعد نهاية المفاوضات في تموز/يوليو ٢٠١٥ حاولا منع تطبيق الإتّفاق عبر كل القنوات والسبل لتقييد هذا الاتفاق.. ولا أتوقّع منهما أن يتوقّفا عن ذلك الآن.. وبرأيي هما مخطئان وليست تلك بالسياسة الحذرة لا سيّما بالنسبة للمملكة العربية السعودية نحن لا نقرّ أساساً بالكيان الصهيوني وليست لنا أي علاقات معه، إلا أن السعودية هي دولة إسلامية ونعتبر أننا قادرون على إنشاء علاقات جيّدة معها، فلا نعتقد أنه يجدر بها أن تفكّ كل إمكانية للإرتباط معنا.
ونصح ظريف السعودية قائلا: الخيار الأفضل بكثير والحذر أكثر بكثير هو إشراك إيران بدل من إشراك الآخرين لإلحاق الأذى بإيران، ففي نهاية المطاف هكذا مشاركة لن تؤدي الى تحقيق مصلحتهم وتؤذي الجميع.
وعن كيفية مواجهة ايران لما يقال عنه حلف عسكري مع دول الخليج الفارسي والكيان الصهيوني لمواجهة ايران، فيما اذا أنشئ هكذا حلف، بيّن ظريف أن من المؤسف ان نرى بلدانا اسلامية تصطف الى بلدان آخرى تروج للعداوة بين المسلمين.. ايران صديقة العالم الاسلامي ونحن مستعدون للتعامل معهم في إطار الإحترام المتبادل وعدم التدخّل في الشؤون الداخلية لكل بلد فضلاً عن عدم اتّخاذ أي مواقف عدائية
* ايران مستعدة لتقديم الدعم لتحقيق الوحدة الوطنية بين الفلسطينيين
محمد جواد ظريف: نحن مستعدّون لتقديم الدعم الى كل الفلسطينيين بهدف تحقيق الوحدة الوطنية وبهدف التوصّل الى تشكيل جبهة موحّدة في وجه الإعتداءات، وكذلك المطالبة بالإسترداد الكامل للحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.
* ايران تساعد سوريا في إطار محاربة الارهابيين
وردا على المزاعم الصهيونية بأن ايران تسعى لبناء قاعدة عسكرية لها في سوريا، قال ظريف: إيران تساعد كل من يحارب الإرهاب، مساعدتنا في سوريا جاءت في إطار محاربة داعش وجبهة النصرة والمنظّمات النظيرة، وذلك يستند الى ركائز سياستنا الخارجية.. نحن لا نسعى للتواجد في أي مكان بل نسعى لإيجاد جبهة موحّدة ضدّ داعش، وهذا ما يحفّزنا لنكون متواجدين في هذه المنطقة، لكن في نهاية المطاف هو قرار لا بدّ من اتّخاذه بين إيران وسوريا من دون أي ارتباط مع جهات أخرى.
وبشأن وجود تعاون اميركي روسي لمحاربة داعش، صرح ظريف: نحن نعتقد أن الحاجة تتطلّب جهدا عالميا منسّقا ضد داعش.. لكن التعاون ضد داعش لا يقتصر على السبل العسكرية، لا بدّ من تجفيف المصادر لتمويل داعش وتجفيف مصادر تطويع المنضمّين الى داعش، نرى كل الأسلحة التي تستخدمها جبهة النصرة وداعش، يوجد من يصنّعها ولها أرقام تسلسلية، يمكننا تتبّع مصادرها، وأعتقد أن الولايات المتّحدة الأميركية في حال كانت جديّة في محاربة داعش.. عليها ان تمنع داعش من الوصول الى السلاح.
وأضاف: إن كان تعاون بين روسيا والولايات المتّحدة الأميركية كفيلا بإنهاء الأعمال العدائية في سوريا وإنهاء الدعم الأميركي لهذه المنظّمات المتطرّفة فلن نعارض ذلك. وعندما تفاوض وزير الخارجية لافروف ووزير الخارجية كيري على إنهاء النزاع في سوريا قدّمنا آراءنا بالشركاء الروس بالنسبة للمطالب كما نرى بالنسبة لإنجاح هذه المحادثات، لكن لسوء الحظ هذه المحادثات لم تفضِ الى أي إنجازٍ كما توقعنا... روسيا كانت مشاركة في مسار لم يكن كفيلا بالتوصّل الى حلّ. ثمّ قرّرت روسيا أن تعمل مع إيران وتركيا في مسار كان أكثر أهمية وإنتاجاً للنتائج.
وبشأن محادثات آستانا، قال ظريف: ربّما لم نتوصّل حتى الآن الى وقفٍ كامل ومثالي للأعمال العدائية لكن الوضع أفضل بكثير مما كان عليه في الماضي قبل إطلاق المساعي الإيرانية والروسية والتركية، بالتالي ليس الوضع مثالياً.. هناك مشاكل من قبيل انتهاك المسلحين لاتفاق الهدنة.. ونرى أن بعض الشركاء بما في ذلك تركيا قد لا يكونون مستعدّين تماماً لاستخدام كل ما لديهم من نفوذ للضغط على هذه المجموعات المسلّحة لدفعها لطاولة التفاوض.. إلّا أنّ الوضع الإنساني في سوريا هو وضع كارثي، ومعاناة الشعب السوري طالت كثيراً، وبالتالي إيران ملتزمة باستغلال كل فرصة متاحة لإنهاء هذه المعاناة.
* تركيا جار هام وطرف فاعل في المنطقة الا ان عليها منع تسليح الارهابيين وتمويلهم
وبشأن التصعيد التركي الاخير ضد ايران، قال ظريف: أعتقد أن التصريح الذي صدر عن تركيا ومفاده أن إيران تدعم السياسة الطائفية تناسى أن الحكومة الإيرانية التي لا يمكن نعتها بالطائفية قد بقيت ساهرةً طوال الليل لتحرص على عدم وجود أي حكومة غير ديمقراطية كان ذلك خلال الإنقلاب أم بعده في المنطقة.
وأردف: بالنسبة لنا العلاقات مع تركيا هامّة، تركيا جارٌ هام وطرفٌ فاعل أساسي في هذه المنطقة، ونعتبر أن تركيا يجب أن تعمل على منع المنظّمات الإرهابية من الوصول الى سلاح وتمويل والى المتطوّعين الجدد، وهذا دورٌ محوري، ونحن طبعاً مستعدّون للعمل مع تركيا على حل القضايا الإقليمية.. نحن أصدقاء مع تركيا ونريد أن تربطنا علاقات أقوى مع تركيا.
واعتبر ظريف أن وجود القوّات التركية في سوريا لا يؤدي الى تعزيز الاستقرار في المنطقة، مضيفا: لقد شاركنا الجيران الأتراك وجهة النظر هذه، كما قلت لدينا بعض نقاط التباين مع تركيا بالنسبة لسوريا، مجالات إختلاف أساسية إلّا أننا توصّلنا الى أرضية مشتركة حيث أننا متّفقان على ضرورة وضع حدٍّ لمزيدٍ من سفك الدماء ووقف الكارثة الإنسانية في سوريا، ما دام ذلك ممكناً نحن ملتزمون بالعمل معهم.
* ايران مهتمة ببناء علاقات الصداقة مع كل دول منطقة الخليج الفارسي
وردا على سؤال بشأن سياسة ايران تجاه الدول العربية وخاصة دول الخليج الفارسي، قال ظريف: إيران وبناءً على موقعها الإستراتيجي وعلى مبادئها مهتمّة في نسج علاقات الجيرة والصداقة مع كل البلدان في منطقة الخليج الفارسي وفي كل المنطقة، فضلاً عن العلاقات مع العالم العربي والإسلامي، وذلك قد وجّه مصلحتنا وسعينا لإيجاد هذه العلاقات، لكن لا بدّ من جهوزية الطرفين لنباشر في هذه العلاقات، لكن لسوء الحظ نرى أن بعض الجيران يتحمّسون كثيراً ما أن يروا الضغوط الدولية تُفرَض على إيران، ولسوء الحظ في الماضي كانوا يحدّدون مسار مصالحهم ويربطونه بضغوط دولية مفروضة على إيران، ولذلك هم مستاؤون لهذا الحدّ من نجاح الإتّفاق النووي. نعتبر أن تلك السياسة كانت خاطئة فلم تكن غير فعّالة فحسب بل كانت كذلك خاطئة.
وعن امكانية حصول خروق في العلاقات مع السعودية، قال ظريف: نرى أن هناك الكثير من الفرص والإمكانيات المشتركة الى جانب التهديدات والتحدّيات المشتركة التي تستدعي منّا جميعاً العمل معاً بطريقةٍ موحّدة، وإيران تدعو الى تعاون إقليمي منذ منتصف ثمانينيات القرن الماضي، وهي سياسة راسخة على مستوى إيران منذ عقود.. والزيارة التي قام بها الرئيس روحاني الى عمان والكويت والرسالة التي وصلتنا من أمير الكويت والرد من جانب الرئيس كلّها تعبّر عن وجود رغبة مشتركة للخروج من هذا السيناريو المؤسف الذي نجد أنفسنا فيه وللإنتقال الى سيناريو أفضل أكانت السعودية مستعدّة لذلك أم لا.
* لا يسرنا ان نرى السعودية تخسر الحرب في اليمن، فالجميع خاسر فيها
وردا على سؤال بشأن الحرب على اليمن، قال ظريف: أعتقد أن هذه الحرب ما كان يجدر بها أن تبدأ يوماً، نحن نعتبر أن هذه الحرب كانت غير ضرورية وقد أفضت الى نتائج إنسانية كارثية، ندعو الى وقفٍ لإطلاق النار.
قبل الحرب كنّا ندعو الى تسوية سلمية، وبعد الحرب، بعد بدأ القصف السعودي للمدنيين اليمنيين الأبرياء، وهذا هو الواقع معظم الضحايا الذين سقطوا في اليمن هم مدنيّون وبالتالي هذه الكارثة الإنسانية يجب أن تنتهي ونحن نقترح في هذا السياق كما اقترحنا بعد أسبوع أو أسبوعين من بدء الإعتداءات، خطّة من أربعة بنودٍ مبشّرة بحوارٍ بين الفئات اليمنية المختلفة وتشكيل حكومة واسعة النطاق والشمولية في اليمن.. الجميع خاسراً في الحرب، لا يسرّني أن أرى السعودية تخسر في أي حرب، لكن الواقع هو أن كل مشارك في الحرب هو خاسر، البعض يخسر أكثر من البعض الآخر لكن في نهاية المطاف الجميع خاسر، وبالطبع هذه الحرب ما كان يجدر بها أن تبدأ ولا بدّ من إنهائها.
* على الغرب ان يتيقن ان عدم احترام القيم الاسلامية هو هدية للمتطرفين
وردا على سؤال: هل سيكون هناك تركيز اكبر على الاسلام في المرحلة المقبلة، نظرا لتصاعد اليمين المتطرف في اوروبا والخطاب الذي يعتمده ترامب، وكيف ستواجه ايران هذا التطرف، أجاب ظريف: أعتقد أن هذا النهج يفرض تحدياً أمام الجميع، ليس العالم المسلم فحسب بل يعزز إمكانيات المجموعات المتطرّفة على تطويع الأتباع. والسؤال الذي أطرحه دوماً على الأوروبيين هو أنه كيف يمكن لهؤلاء الذين يقطعون رؤوس الأبرياء في سوريا والعراق أن ينطقوا بالفرنسية والإنكليزية بلكنةٍ ممتازة؟ أين أخطأتم؟ هذا هو السؤال الذي لا بدّ أن يجيبوا عنه، لا بدّ لأوروبا من أن تتيقّن أن عدم إحترام القيم الإسلامية أنها تقدم الهدية المثالية للديماغوجيين المتطرّفين، تماماً مثل الحظر الذي جرى اعتماده في الولايات المتّحدة الأميركية ضد المسلمين كان هديةً للمتطرّفين.
وفي الختام، حذر وزير الخارجية الايراني من الانقسام بين السنة والشيعة لأنه لا يخدم مصلحة أي جهة ما عدا الصهاينة، ودعا جميع المسلمين الى العمل معا لإنهاء هذا الانقسام، واضاف: ان إيران منذ الثورة دعت دوماً للوحدة الإسلامية وتبقى هذه الوحدة السمة الأساسية لبلدنا ولثورتنا، وأعتقد أن هذه السمة يجب أن تبقى ذات أهمية قصوى بالنسبة لأي بلدٍ كان، السعودية وتركيا وباكستان وأندونيسا أي دولة إسلامية، يجب أن تكون توّاقة لذلك، ومصر أيضاً، كلّنا يجب أن نكون توّاقين لإنهاء أيّ انقسامٍ طائفي في العالم الإسلامي، فهو كارثي.. أحثّ كل المسلمين على أن يعودوا الى الكثير والكثير من المبادئ التي توحّدنا وأن يعملوا على تعزيزيها بدلاً من أن يصرّوا على بعض الإختلافات التي يمكن تشويهها من جانب الديماغوجيين بهدف تقسيمنا وسفك دمائنا.
المصدر: فارس