عندما تم مناقشة الامر مع اولي العلم من خبراء في أجهزة الاتصالات الرقمية، جاءت الإجابة بأن الهواتف المحمولة القديمة، يصعب اختراقها والتجسس عليها بالتالي، على عكس الأجهزة الحديثة التي يمكن التجسس على صاحبها، ومكالماته، وتحركاته، وربما تصويره أيضا حتى في غرفة نومه.
ولعل الصورة باتت اكثر وضوحا عندما كشفت وثائق سربها موقع ويكيليكس، طريقة عمل وكالة المخابرات المركزية الامريكية “سي أي ايه”، وقيامها بالتجسس على كل حلفائها وبعض مواطنيها ومسؤولين أمريكيين، ليس فقط عبر هواتفهم المحمولة، وانما أيضا أجهزة تلفزيوناتهم، وكل جهاز اليكتروني في حوزتهم.
جوليان اسانج موقع “ويكيليكس″ ندد بإهمال الوكالة التجسسية الامريكية، الذي سمح بهذه الاختراقات، وقال انها تركت ثغرة مكنته من قرصنة هذه المعلومات، والحصول على حزمة من الوثائق يفوق تعدادها عشرات، ان لم يكن مئات الآلاف، ووصف عمله هذا بأنه تاريخي يفضح عمل وكالة “سي أي ايه” الكارثي، بما في ذلك انعدام كفاءتها، وتخزينها معلومات على درجة كبيرة من الأهمية دفعة واحدة، وفي مكان واحد.
دونالد ترامب رئيس أمريكا الجديد انتهز هذه الفرصة لمواصلة هجومه على الاجهزة الأمنية الاستخبارية التي لا تكن له أي ود، ووصفها بأنها تستخدم أجهزة تجسس وطرق تخزين للمعلومات عفا عنها الزمن.
تختلف الآراء حول دور وكالة “ويكيليكس″ هذه وتسريباتها لوثائق على درجة كبيرة من السرية بين الحين والآخر، ومعظمها أمريكية، فهناك من يقول انها وكالة تجسس على وكالات التجسس، وهي تضر بالامن القومي الأمريكي، وهناك تيار آخر، ونحن من ضمنه، يعتقد انها تقدم خدمات كبيرة لامن العالم وسلامته، بفضحها اعمال تجسس وكالات الاستخبارات الامريكية على مسؤولين ونشطاء سياسيين بهدف ابتزازهم.
ويظل هناك سؤال يتردد في أوساط المعارضين لـ”ويكيليكس″ ومديرها جوليان اسانج، اللاجيء حاليا في سفارة الاكوادور في لندن، مفاده ان جميع تسريباتها لم تتضمن أي وثائق سرية لها علاقة بروسيا، او حتى إسرائيل، وزادت هذه الشكوك اثناء الانتخابات الامريكية الرئاسية الأخيرة عندما جرى تسريب وثائق تتعلق بالبريد الالكتروني الخاص للمرشحة هيلاري كلينتون، مما صب في مصلحة خصمها الجمهوري ترامب، مما دفع البعض الى اتهام روسيا بالوقوف خلف هذه التسريبات، لكن لا توجد حتى الآن أي ادلة تؤكد هذه الشكوك او الاتهامات.
ننصح قراء “راي اليوم” بالسير على نهج بعض الحكام الخليجيين في عدم استخدام الهواتف الذكية الحديثة، والعودة الى القديمة منها، او الهاتف الأرضي التقليدي اذا كان لديهم ما يمكن ان يخفوه من اسرار، على ان لا يحذون حذوهم الا في هذا المضمار فقط.
معظم وسائل الاتصال الاجتماعي من “فسيبوك” و”تويتر” و”واتس اب”، وغيرها باتت مخترقة، مثلما كشفت وثائق ويكيليكس، ولم تعد هناك أي اسرار، او خصوصيات للأسف، ورحم الله ذلك الزمن الجميل للهاتف الأرضي التقليدي ومنظره المألوف، وهو يتربع على طاولة صغيرة في صالون المنزل.
“راي اليوم”