وقال بنياهو إنّ الحرب النفسيّة هي الاستخدام المتعمد للدعاية والعمليات النفسيّة الأخرى، التي تؤثر بشكل أساس على الآراء والعواطف والمواقف وسلوك جماعات أجنبية والأعداء،
واضاف: وهي أيضًا وسيلة للمساعدة على تحقيق الهدف الداخلي. كما تهدف إلى الإضرار بمعنويات القوات المسلحة والجبهة الداخلية المدنية والخدمات اللوجستية، على حدّ تعبيره.
أقوال بنياهو وردت في مقابلة خاصّة مع موقع (WALLA) الإخباريّ-الاسرائيلي والتي تمحورت حول الحرب النفسيّة الدائرة وبوتيرةٍ عاليّةٍ بين "إسرائيل" وحزب الله.
الناطق الأسبق بلسان الجيش، أقرّ بأنّ حزب الله سبق جيش الإحتلال في الحرب النفسيّة، موضحًا ذلك بأنّه قبل 20 عامًا، وضع حزب الله مصوِّرًا حربيًا في كلّ وحدةٍ عسكريّةٍ، ليُشارك في الهجمات على مواقع جيش لبنان الجنوبيّ، الذي كان يقوده العميل أنطوان لحد، ويوثق السيطرة عليها، لافتًا إلى أنّه خلال وقتٍ قصيرٍ كانت الصور تنتشر في أنحاء العالم، وكانت تُحرج "إسرائيل".
علاوة على ذلك، اعترف بنياهو بأنّ المصداقية هي الكلمة الأساسيّة في الحرب النفسيّة التي يشنّها حزب الله. وتابع قائلاً إنّ حزب الله ونصر الله حافظا لسنين طويلة على مستوى عالٍ من المصداقية، وعندما يهددان يصدّقهما الجمهور في "إسرائيل" والعالم.
ورأى أيضًا أنّ حرب لبنان الثانية شكلّت تحولاً في القدرة على الحفر في ذاكرة الاسرائيليين، حتى لدى المستوطنين القاطنين في منازلهم. وكنموذج على المصداقية التي تحلى بها السيّد نصر الله في حربه النفسيّة على "إسرائيل"، أورد بنياهو العديد من الأمثلة، منها إعلان الأمين العام لحزب الله اعتقال العقيد إلحنان تننباوم، وتعهّده بإطلاق الصواريخ إلى ما بعد، بعد حيفا، وبعدها أطلق صواريخ إلى الخضيرة وقيسارية.
وتناول أيضًا خطاب نصر الله الشهير عن استهداف سفينة “ساعر” بالصواريخ، في لحظة الحقيقة، عندما كانت تُرابط خلال حرب لبنان الثانية بالقرب من بيروت، مشدّدًا على أنّ الجمهور والعالم يصدق تهديدات نصر الله وحزب الله، على حدّ تعبيره.
أمّا رون شلايفير، رئيس مركز أبحاث الأمن الاسرائيلي والإعلام في جامعة ارييل، والباحث في مجالات حرب المعلومات، فقال للموقع الاسرائيلي إنّ مفاعيل خطابات الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله لم تقتصر على معنويات المستوطنين الإسرائيليين والجنود، بل كان لها أثرها الفعال أيضًا على صنّاع القرار السياسيّ والأمنيّ في تل أبيب، وهو ما شهدت به أكثر من محطة قبل حرب عام 2006 وخلالها وبعدها.
لكنّ الجديد-القديم، كما أكّد شلايفر في حديثه، هو المزيد من المعطيات الإسرائيليّة التي تكشف أنّ مواقف السيد نصر الله وخطاباته تحولّت إلى مادّةٍ أساسيّةٍ في الدراسات الأكاديميّة التي تتناول دور الحرب النفسيّة في المعركة في تشكيل الوعي القومي. ومن أبرز المواقف التي بدا أنّ حضورها في "إسرائيل"، جمهورًا ونُخبًا، لا يقل عمّا هو عليه في لبنان والعالم العربيّ، خطاب “ما بعد، بعد حيفا”، واستهداف سفينة “ساعر”.
وشدّدّ الأكاديميّ الإسرائيليّ على أنّ خطاب السيّد نصر الله الذي ألقاه في تموز (يوليو) عام 2006، إلى حيفا، وصدقوني إلى ما بعد حيفا والى ما بعد، بعد حيفا، محورًا لأطروحاتٍ في الأكاديميّة الإسرائيليّة عن أثر هذا الخطاب، ومثالاً ممتازًا عن القدرة على الإقناع، بحسب د. شلايفر.
وكشف شلايفر عن حقيقة أنّ هذا الموقف تحولّ إلى مادّةٍ على ألسنة المستوطنين الإسرائيليين، موضحًا ذلك بالقول إنّ السخرية الكبرى أنّ المستوطنين في "إسرائيل" هم الذين حوّلوا هذا الخطاب إلى شعار، واصفًا إيّاه بأنّه رسالةً تلتقطها الأذن جيدًا، وفي الوقت عينه انتقد الإعلام في "إسرائيل" لأنّه سار خلف المستوطنين.
ورأى شلايفر أنّ "إسرائيل" لمست أهمية الحرب النفسيّة من خلال أداء نصر الله. وقال في هذا السياق إنّه بفضل نصر الله فهمنا أنّ الحرب النفسيّة مهمة، وأنّ حرب القذائف والغارات ليست هي حصرًا ما يحسم المعركة. وشدّدّ في حديثه للموقع الاسرائيلي على أنّ الأمين العام لحزب الله يُركّز على هذه الحرب ضدّ "إسرائيل"، كونه لا يملك القدرات التي نمتلكها، والفكرة الأساسية التي تقوم عليها (الحرب النفسية): إذا لم تكن قادرًا على التأثير على بندقية عدوك، عليك أنْ تؤثر على الإصبع الذي يضغط على الزناد. وفي هذه القضية بالذات نصر الله ممتاز، على حدّ قول د. شلايفر.
وأضاف د. شلايفر أنّ حزب الله، وحركة حماس التي تعلّمت منه، يستخدمان أفلامًا معدّة جيّدًا ويحرصان على إخضاع عناصرهما لعملية إعدادٍ شاملٍ في هذا المجال، ويطلقان خطابات مدوية وكجزءٍ من منهج هجوم، وعندما لا ترد عليهما تبدو كطرفٍ مهزومٍ.
المصدر: رأي اليوم