من هذا المنطلق، سينعقد في إيران "المؤتمر الدولي السادس لدعم انتفاضة الشعب الفلسطيني" خلال الشهر الحالي. الأمر الذي يحمل العديد من الدلالات من جهة المكان أو التوقيت أو المشاركة أو الرسائل. فكيف يمكن تبيان أهمية وصدى المؤتمر قبل انعقاده؟ وما هي الدلالات التي يعنيها هذا الحدث المُرتقب؟
"المؤتمر الدولي السادس لدعم انتفاضة الشعب الفلسطيني" يُعقد في إيران
من المقرر أن يعقد "المؤتمر الدولي السادس لدعم انتفاضة الشعب الفلسطيني" يومي الثلاثاء والأربعاء في 21 و 22 شباط الجاري في العاصمة طهران تحت إشراف مجلس الشورى السلامي في ايران . ويهدف المؤتمر الى التركيزعلى القضية الفلسطينية ودعمها ومجابهة الكيان الصهيوني.
أهمية المؤتمر: تهافتٌ إعلامي وحضورٌ سياسي وفكري إقليمي ودولي
عدة مسائل يمكن أن تُبرز أهمية المؤتمر قبل انعقاده. أما أهم هذه المسائل فهي:
أولاً: التحضيرات التي تسبق المؤتمر الدولي لدعم الإنتفاضة، حيث يجري الحديث عن حضور ومشاركة ممثلين وشخصيات سياسية وفكرية من 70 دولة، الأمر الذي يهدف للتركيز على مركزية القضية الفلسطينية في وجدان الأمة والعالم. فيما يُعتبر مُجرد حضور هذه الشخصيات تأكيداً على محورية الدور الإيراني فيما يخص هذه القضية.
ثانياً: التهافت الإعلامي لتغطية الحدث. حيث يبدو واضحاً وجود مساعٍ دؤوبة ومن قِبَل العديد من الجهات الإعلامية الإقليمية والدولية لنيل تغطية المؤتمر والتحضيرات الجارية. الأمر الذي دفع قناة الميادين على سبيل المثال للقيام بتغطية خاصة تحت عنوان "أبعد من الإنتفاضة"، وذلك لنقل التحضيرات الجارية في طهران وإعطاء القضية الفلسطينية بعضاً من حقها الإعلامي.
ثالثاً: الإجماع والترحيب الفلسطيني الكبير. فقد أكدت عدة أطراف ومن خلال تصريحاتها مشاركتها حيث أن:
- ممثل حركة حماس في لبنان "علي بركة"، أعلن عن مشاركة وفد رفيع المستوى من الحركة في المؤتمر. شاكراً لإيران اهتمامها المعهود بالقضية الفلسطينية ودعوتها كافة الفرقاء الفلسطينيين والبرلمانات في كافة أنحاء العالم لحضور هذا المؤتمر.
-عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين السيد "كايد الغول"، أكد أن مؤتمر دعم الانتفاضة في إيران يكتسب أهمية بالغة من حيث التوقيت والمكان والرسائل.
- رئیس المجلس الوطني الفلسطیني "سلیم الزعنون"، أعرب عن تقدیره لایران، ومجلس الشورى الإسلامي لإقامة المؤتمر الدولي لدعم فلسطین والإنتفاضة في طهران.
-الأمین العام السابق لحرکة فتح "فاروق قدومي"، اعتبر أن هذا الموتمر یشکِّل مُنعطفاً بشأن القضیة الفلسطینیة والقدس
المؤتمر وما يعنيه: تحليل ودلالات
إن للمؤتمر العديد من الرسائل يمكن تلخيصها بالتالي:
أولاً: سيجري المؤتمر في وقتٍ له العديد من الدلالات. حيث يُعتبر رسالة واضحة لأمريكا والكيان الإسرائيلي، تؤكد على أن الخيارات الإستراتيجية لإيران، لن تختلف مهما كانت الضغوطات الأمريكية، ولو تغيَّرت أو تبدَّلت إدارات أو سياسات البيت الأبيض. بل إن إنعقاد هذا المؤتمر في إيران، يؤكد أولوية القضية الفلسطينية في الإستراتيجية الإيرانية.
ثانياً: يُعتبر المؤتمر وكما في كل مرة، فرصة لتعزیز وحدة المسلمین من خلال الترکیز علی القضیة الأساسية الجامعة أي القضية الفلسطینیة والمقدسات. وهو ما يجري في وقتٍ بدَّلت فيه العديد من الأنظمة العربية خيارها الإسلامي بالتطرف وعروبتها بالمذهبية!
ثالثاً: يدل المؤتمر على مركزية القضية الفلسطينية في الإستراتيجية الإيرانية والسياسية المبدأية لطهران. وهو ما يجري ضمن سياق طبيعي قديم يتعلق بالدعم الإيراني لحركات المقاومة في العالم. بالإضافة للإعتبارات الخاصة التي توليها الجمهورية الإسلامية للقضیة الفلسطینیة وخاصية القدس كعاصمة للأديان.
رابعاً: سيكون من أهم نتائج هذا المؤتمر، إعادة إبراز القضية الفلسطينية كأولوية في القضايا العربية بعد تغييبها. وهو الأمر الذي تتحمل مسؤوليته الأنظمة العربية المتخاذلة والتي باتت تُتاجر بعروبتها، بعيداً عن الهمّ الحقيقي لشعوب المنطقة عبر قيامها بالتطبيع مع الإحتلال الإسرائيلي وتقاسم المصالح معه.
خامساً: إن الإهتمام الإعلامي بالمؤتمر قبل وخلال حدوثه، سيُعوِّض عن تقصير الإعلام العربي وتآمر الإعلام الغربي في الحديث عن القضية الفلسطينية. مما يُعيد الإعتبار للقضية الفلسطينية ولمظلومية الشعب الفلسطيني. ويُساهم في تسليط الضوء على البعد الإنساني والوطني والتاريخي والقومي، لهذه القضية. بالإضافة الى تسليط الضوء على مفاهيم رئيسية متعلقة بها.
سادساً: سيكون للمؤتمر أثر جديد يختلف عن السابق، يتعلق بالرسالة والآثار التي سيُحدثها المؤتمر بدءاً من انعقاده مروراً بالوفود والشخصيات المشاركة وصولاً للأهداف والنتائج. خصوصاً أنه سيجعل من القضية الفلسطينية قضية لكافة الشعوب التي تسعى للتحرر اليوم. مما يخدم عالمية القضية الفلسطينية وإمكانية جعلها نموذجاً للتحرر من الظلم وثورة المظلوم على الظالم.
مرة جديدة تُثبت إيران مركزية القضية الفلسطينية في سياستها الإستراتيجية. وتُثبت أنها ستبقى الطرف الوحيد الذي يضع مقدسات المسلمين ضمن أولوياته. في زمنٍ من التآمر العربي الذي ساهم في انتهاك حرمة مقدسات المسلمين ومنها حرمة الفلسطينيين، حيث بات النقاش في اعتبار القدس عاصمة للكيان الإسرائيلي مسموحاً. الأمر الذي وجدت طهران أنه يستدعي إعادة البوصلة الى جهتها الحقيقية وإعطاء القضية الفلسطينية بعضاً من حقها المسلوب.
المصدر:الوقت