ومن خلال قراءة سيرة الأشخاص الذين تولوا مناصب حساسة في حكومة ترامب وفي مقدمتهم وزراء الخارجية والدفاع ورئيس وكالة المخابرات المركزية، يمكن الجزم بأن هذه الحكومة بصدد تبني سياسة جديدة تتسم بإطلاق تصريحات استفزازية تارة، والسعي لابتزاز الدول الأخرى من خلال التلويح باستخدام القوة أو التنصل عن الالتزام بتعهدات الحكومة السابقة برئاسة "باراك أوباما" تارة أخرى.
وأشارت الكاتبة والمحللة السياسية "ميشيل غولدبرغ" في مقال نشرته مجلة "اسليت" الأميركية إلى بعض خصائص رئيس وكالة المخابرات المركزية الأميركية الجديد "مايك بومبيو"، واصفة إيّاه بأنه شخص متعصب ومهووس بفكرة التخويف من الإسلام أو ما يعرف بــ"الإسلام فوبيا".
وذكرت غولدبرغ إن بومبيو يعتقد بأن اتباع الدين الإسلامي هم أناس متطرفون ويخفون أنفسهم تحت مسميات الجهاد لتنفيذ عمليات إرهابية ولهذا يجب اتخاذ أقسى الإجراءات بحقهم لمنعهم من مواصلة هذا النهج، على حد قوله.
وأشارت غولدبرغ أيضاً إلى أن بومبيو يعتقد كذلك بأن الحركات المتطرفة وفي مقدمتها تنظيم "داعش" تمكنت من اختراق المجتمعات الغربية ومن بينها المجتمع الأميركي، ولم يقتصر نشاطها الإرهابي على دول في منطقتي الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وفي طليعتها سوريا والعراق وليبيا، مضيفة بأن رئيس وكالة المخابرات المركزية الأميركية الجديد يرى بأن السياسة هي عبارة عن ساحة معركة لا نهاية لها، وان الكثير من فصولها تجري بشكل خفي، معربة عن اعتقادها بأن بومبيو سيعمد إلى إجراء تغييرات جذرية خلال فترة إدارته لوكالة المخابرات المركزية، من شأنها أن تزيد من حالة الصدام بين أميركا والدول الأخرى بما فيها الدول الحليفة سواء الغربية أو الإقليمية.
ورأت غولدبرغ بأن اختيار ترامب لبومبيو لرئاسة وكالة المخابرات المركزية الأميركية نابع من كون الأخير يتمتع بقدرة عالية على إجراء سياسات ترامب المتعلقة بالجانب الأمني واستعداده للّجوء إلى التعذيب في أقسى درجاته لانتزاع اعترافات من المتهمين بتنفيذ عمليات تستهدف المصالح الأميركية في داخل البلاد أو خارجها.
تجدر الإشارة إلى أن بومبيو يعتبر من أشد المتحمسين لاعتماد التعذيب كأسلوب في التحقيق لانتزاع الاعترافات، ولهذا أطلق تصريحات في أكثر من مناسبة أكد فيها رفضه لغلق معتقل "غوانتنامو" سيئ الصيت، واصفاً المحققين الذين يلجأوون إلى تعذيب المتهمين لإجبارهم على الإدلاء باعترافات بأنهم وطنيون وليسوا جلاّدين.
ومن المعروف أيضاً بأن بومبيو يشجع على اعتماد التعذيب بأسلوب "محاكاة الغرق" لإجبار المعتقلين على الاعتراف أمام المحققين في حال عدم وجود أدلة كافية لإدانتهم.
ومما يشجع بومبيو على مواصلة هذا الاسلوب في التحقيق هو تبني ترامب نفسه لانتزاع اعترافات من المتهمين من خلال التعذيب، إلى درجة أنه عندما سئل من قبل أحد الصحفيين عن عدم قانونية هذا الأسلوب ردّ ترامب بأنه يجب تغيير القانون الذي لايجيز اللجوء إلى التعذيب من أجل حفظ أمن ومصالح أمريكا.
وأشارت صحيفة "الاندبندنت" البريطانية نقلاً عن منظمة حقوق الإنسان إلى أن تعيين مايك بومبيو في منصب رئيس وكالة المخابرات المركزية الأميركية يثير مخاوف بالغة لأنه يعتزم استخدام طرق غريبة في التحقيق والمراقبة ومن المرجح أن تنتهك هذه الطرق حقوق الإنسان على نطاق واسع.
وأضافت الصحيفة مستغربة مواقف بومبيو بالقول أن الأخير وفي بيان نشر على موقعه على الإنترنت في سبتمبر 2014، انتقد أوباما لحظر استخدام أساليب قاسية في التعذيب مثل "محاكاة الغرق" بعد توليه منصبه في عام 2009.
وقالت الصحيفة إن طريقة "محاكاة الغرق" التي يحبذها بومبيو تعتبر من أشد أساليب التعذيب قسوة من قبل المراقبين القانونيين المستقلين، حيث ينطوي هذا الأسلوب على وضع قطعة قماش على فم المشتبه به وهو مكبل ومن ثم صب الماء على قطعة القماش لمحاكاة الإحساس بالغرق.
المصدر: الوقت